حياة المسلمين في رمضان

منذ 2010-09-06

من أقصى شمال الكرة الأرضية تشرق شمس الإسلام رغم برودة الطقس التي تصل إلى حد التجمد، فيزداد التواجد الإسلامي وترتفع معدلات انتشار الإسلام حتى أصبح الديانة الثانية في بلاد لم يكن له فيها أثر قبل ربع قرن من الزمان..



من أقصى شمال الكرة الأرضية تشرق شمس الإسلام رغم برودة الطقس التي تصل إلى حد التجمد، فيزداد التواجد الإسلامي وترتفع معدلات انتشار الإسلام حتى أصبح الديانة الثانية في بلاد لم يكن له فيها أثر قبل ربع قرن من الزمان..


تلك هي دولة السويد
تعد السويد إحدى الدول الاسكندنافية وعلى الرغم من حداثة عهد المسلمين بها مقارنة ببعض الدول الغربية التى هاجر إليها العرب والمسلمون قبل مائة سنة كفرنسا مثلًا, فإن الإسلام أصبح فى المرتبة الثانية فى السويد بعد المسيحية، وتقر القوانين السويدية بأحقية المسلمين فى أداء مناسكهم وشعائرهم من دون نقيصة.

هناك فارق كبير بالتأكيد بين الدول الإسكندنافية وبقية أنحاء أوروبا فيما يتعلق بشهر رمضان وكل ما يتصل بالإسلام؛ إذ إن الوجود الإسلامي في هذه الدول حديث جدًّا إذا ما قورن ببقية الدول الأوروبية، كما أنه ضعيف نسبيًّا أيضًا؛ لذلك فإن أول ما نلاحظه أن الحال في هذه الدول لا يتغير كثيرًا في رمضان عنه في بقية شهور السنة؛ نظرًا لقلة عدد المسلمين بها.

ودائمًا ما يظهر تيار الجدل المعتاد حول ثبوت الهلال وبداية الصوم؛ نظرًا لاختلاف التجمعات الإسلامية حول منهج إثبات الرؤية، واختلاف الدول التي يتبعونها في بداية الشهور العربية وفي توقيت الإمساك والإفطار أحيانًا، مما يحدث اضطرابًا يستمر حتى ثبوت الهلال، خاصة في ظل عدم وجود مؤسسة إسلامية يمكنها توحيد الرؤية بين المسلمين.


وحتى المراكز الإسلامية الموجودة والتي من أشهرها المركز الإعلامي الإسلامي ليس لديها القدرة على إبلاغ كل مسلمي البلد بثبوت الهلال خاصة في ظل تجاهل وسائل الإعلام السويدية لمثل هذه الأمور إلى وقت قريب, وغالبًا ما يحسم هذا الخلاف بين المسلمين بإتباع مكة المكرمة في أهلة الشهور العربية وقد بدأ يستقر ذلك.

وقبيل بداية شهر رمضان تعلن عن ذلك الجمعيات الإسلامية التى تبادر أيضًا بتوزيع مواقيت الإمساك والإفطار، وتعلن عن فتح المساجد لأداء صلاة التراويح أو الأداء الجماعى للأدعية والأذكار كما يفعل المسلمون فى بلادهم.


أما المطاعم والمحلات العربية والفارسية والتركية وغيرها فإنها تتفنن فى بيع ما تعود عليه المسلمون فى بلادهم من مواد غذائية وحلويات وكل ماله صلة بالعادات فى شهر رمضان.

وبمجرد إعلان الرؤية يتجه المسلمون من أنحاء البلاد إلى أقرب المساجد إليهم، وهي بالمعنى الدقيق "مصليات" يستأجرها المسلمون لأداء الصلوات والشعائر المختلفة، وتفتح أبوابها في رمضان طيلة اليوم؛ حيث تحيى أول ليلة بصلاة التراويح وحلقات الذكر وقراءة القرآن ويتبادل المسلمون التهاني والتعارف.

ويفد المسلمون أيضًا إلى مسجد ستوكهولم المركزي لأداء صلاةالتراويح,وعادة يسبق صلاة التراويح تقديم موعظة عن فضل شهر الصيام أو شرح آية من آيات القرآن الكريم أو نصيحة للمسلمين فى أنسب الطرق لتربية أبنائهم وبناتهم.


ومن السويد ننتقل إلى ألمانيا
تحتفل الجالية المسلمة في ألمانيا كغالبية بلدان العالم الإسلامي بشهر رمضان-وتقدر هذه الجالية بنحو أربعة ملايين شخص-ويقوم أبناء بالاستعداد لهذا الشهر وإن كان ذلك يتم بشكل مختلف تماما عن البلدان الأصلية,إلا أنه في أغلب المدن الألمانية لا توجد مظاهر الاستعداد لاستقبال هذا الشهر. وغالبًا لا تسمح ظروف العمللأبناء الجالية خلال شهر رمضان بالإفطار جماعة، ما يجعل شهر رمضان لا يختلف كثيرًا عن الأيام العادية في ألمانيا.

ويعتبر كثير من المقيمين في ألمانيا شهر رمضان في بلد المهجر إمساكًا عن الطعام فقط دون الإحساس بالجو الروحاني لهذا الشهر, كما توجد صعوبة في تحديد أول أيام الصيام لأنه لا توجد وحدة في القرار.

وإذا كانت رؤية هلال شهر رمضان تخلق مشكلة بالنسبة للمسلمين بألمانيا، فغياب الطقوس التي تطبع الشهر يعتبر أصعب شيء يواجههم. والاستعدادات لشهر رمضان تكون مختلفة لدى المقيمين بحسب جنسياتهم، وتكون ذلك باقتناء المواد والسلع الضرورية لإعداد المأكولات المنزلية المميزة وتطييب البيوت.

ويتزامن شهر رمضان هذه السنة مع فصل الصيف،وهذا ما جعل العديد من العرب يفضلون قضاءه في بلدانهم،حيث يعتبر هذا الشهر مناسبة للتواصل والزيارات العائلية، ما يضفي عليه طابعا اجتماعيا لدى المسلمين.


إيطاليا في رمضان
ينتهز المسلمون حلول شهر رمضان الكريم من أجل تنميةِ مشاعرهم الدينية وممارسة العبادات الإسلامية خلال الشهر الفضيل؛ حيث يحرص المسلمون على تناولِ الأطعمةِ التي تعدها الأسر في البلاد المسلمة، إلى جانب الحلويات الشرقية التي تشتهر المطابخ الإسلامية وخاصةً العربية منها بتقديمها في شهر الصيام.

وهناك الإقبال على حضورِ الدروس الدينية التي ينظمها المركز الإسلامي في المساجد الإيطالية، إلى جانب استقبال رجال الدين الذين تقوم البلاد العربية- مثل تونس- بإرسالهم إلى الدول غير الإسلامية في شهر رمضان.


وعامةً بالنسبة للمسلم الإيطالي أو المسلم المقيم في هذا البلد فإنَّ الشهر الكريم يعتبر مناسبةً عظيمةً لتقويةِ الروابط بين المسلمين عامة في هذا البلاد وبين أبناء الأسرة الواحدة؛ حيث إنَّ إفطار الجميع في وقتٍ واحد يتيح إقامة موائد الإفطار العائلية والتي قد تضم الأصدقاء أيضًا، وهذه الخاصية تنتشر في المجتمع الإيطالي المعروف أصلًا بقوة الروابط بين أفراد العائلة الواحدة.
فالجاليات المسلمة تجتمع في المسجد الكبير في روما وتحضر النساء معها الأطباق الرمضانية والحلوى لتبدي ملامح رمضان البسيطة عند تناول الإفطار وينتشر في ساحات المسجد بائعو المأكولات والمشروبات الشرقية التي يقبل عليها الإيطاليون أيضًا.

وفي المتاجر التي تحيط بالمسجد تباع التمور والحلوى الرمضانية العربية بأنواعها والباخور، والأطعمة التقليدية والخبز العربي,
يضفي هذا الجو على رواد المسجد وأسرهم البهجة والفرحة والشعور بالحميمة بين المسلمين بصرف النظر عن الجنسية، فالمسلم هنا يفرح بالمسلم الذي يشاركه الصوم وموعد الإفطار والسحور والصلاة،وبعض التقاليد ويحرص كثير من المسلمين على صلاة التراويح وتلاوة القرآن الكريم وحضور الدروس والخطب التي تقام قبل المغرب وبعد صلاة العشاء.

ولكن ثمة صعوبات ومضايقات يشعر بها المسلمون في ايطاليا أيام رمضان خاصة فى السنوات الأخيرة - وهي تشدد السلطات تجاه التجمع، وابتعاد المسجد عن مناطق اقامة كثير من المسلمين مما يصعب وصولهم إليه، وأن ايطاليا لم تعترف بالدين الإسلامي أسوة بباقي الأديان حتى الآن رغم أنه ثاني أكبر ديانة بعد الكاثوليكية لهذا فإن المسلمين يلاقون عقبات سياسية وإدارية وصعوبات كثيرة في ممارسة شعائرهم.


في بلجراد
في بلجراد بجمهورية صربيا فرمضان في بلجراد كان يتميز بالجو البارد وساعات الصيام الطويلة فميعاد الإفطار يزيد على المنطقة العربية بحوالي ساعتين وغالبًا لا يمكن تناول السحور بسبب برودة الجو الذي لا يشجع على الاستيقاظ وقت السحور.


أما في النرويج
دائما ما يواجه المسلمون في النرويج ما يواجهه نظرائهم في دول المهجر من مشكلاتٍ في تحديد موعد بدء الشهر الكريم بالنظر إلى صعوبة الطقس وانتشار الضباب وتساقط الجليد طوال العام، فيتم اللجوء لموعد بدء الشهر الفضيل في أي بلد في العالم.

وبعد ذلك يتم تعميم الموعد على جميع المساجد في النرويج، وبذلك نجد أن المسلمين في النرويج يصومون معًا، وهو ما لا يتوافر في أي بلد غربي آخر تقريبًا، كما يواجه المسلمون مشكلةً أخرى في أيام الصيف، وهي طول فترة النهار في هذه البلاد؛ حيث سيطول النهار إلى فترات قد يصل فيها الصيام إلى 20 ساعةً، وذلك بسبب الموقع الجغرافي للنرويج.

ويحتفل المسلمون بشهر رمضان على طريقتين: الأولى هي العبادات، والثانية هي المظاهر الاجتماعية وتحضير المأكولات، من الناحية الأولى نجد المسلمين في هذه البلاد يستقدمون الأئمة والمشايخ من الدول الإسلامية، وبخاصة مصر بلد الأزهر الشريف، ونجدهم يعملون على تهيئة المساجد بحيث تستوعب الأعداد الكبيرة من المصلين الذين يأتون من أجل أداء صلاة التراويح التي تتخللها دروس ومواعظ رمضانية.

وفي شأن مواعيد العمل يتم تنظيم العمل؛ بحيث يعمل المرء أقلَّ من المعتاد في الشهر الكريم، على أن يعوِّضه بعد ذلك بعد انتهاء الشهر، إلا أن بعض المتعنتين ضد الإسلام يرفضون ذلك التنسيق. أيضًا في شهر رمضان تنتشر الخدمات الخيرية؛ حيث تنظم المساجد موائد الرحمن لأجل تنمية المشاعر الدينية الراقية في نفوس المسلمين، وبخاصةٍ الجيل الثاني.

وفي ناحية الأطعمة نجد أن المسلمين ينقلون معهم عاداتهم التي توارثوها في مجتمعاتهم الأصلية،وهكذا تحرص المتاجر التي يمتلكها مسلمون على تقديم احتياجات الصائمين من المواد الغذائية طوال الشهر الكريم، الذي جعله الله تعالى فرصةً للتقرب له وللعمل على إحياء المشاعر الإسلامية الراقية ونقلها إلى غير المسلمين في بلاد المهجر.
إخوتي أخواتي نكتفي بتجوالنا اليوم مع وعد بلقاء جديد في حلقة قامة إن شاء الله.


الأحد الموافق 05 سبتمبر 2010 م

المصدر: موقع مفكرة الإسلام