هو وهي - [15] اضحكا.. لتنعما!

منذ 2016-08-21

والجميل في الأمر أن الضحك يُعدي، فإن كان أحدُ طرفَيْ العلاقة الزوجية جادًا حازمًا، فليحاول الطرف الآخر أن يُضفي على البيت والعلاقة جوَّ الفرح والبهجة والإيجابية، ولْيَجعلِ الضحكَ يسري في محيطه لأن ذلك سيؤثّر بلا شك على الطرف الآخر.

شاردٌ مهموم!! فضغوط الحياة قد أثقلَتْ كاهله، والحياة معركة كبرى لا يمكن الانسحاب منها إلا بقَدَر!

هي تجلس إلى جانبه على الأريكة، تحاول أن تقتحم خلوته الفكرية، علّه يرميها بكلمةٍ تنتظرها في نهاية كل يوم شاق، لتبرد مشاعرها، ولتعزز نفسها أن لا يزال يحبها! فتفشل في كل حيلة تفعلها، ولكنها لا تستسلم!

هي (تسعل وتضع يدها على يده لتلفت انتباهه): هل سمعت آخر نكتة؟ قال أحد الأزواج لزوجته: اليوم أريد رومانسية في البيت! فاتصلت مسرعة بأمّها وسألتها: ماذا يعني الرومانسية؟ أجابت الأم: لا أدري ولكن للاحتياط: انقعي الرز!

هو (يرمقها غير مبالٍ بما تقول ويستغل بكاء الصغير ليُرسلها إلى غرفة أُخرى): روحي!

هي (مبتسمة بدهاء): وأنت أيضًا روحي!

ينظران إلى بعضهما البعض ويضحكان ملء فيهما!

ليس أجمل من أن تنتشر في البيت أجواء الفكاهة المعتدلة والضحك المتّزن، ولكن الكثير من الأزواج قد غفلوا عن هذا الأمر حتى لا يكادوا يضحكون في جَمعاتهم التي تغلب عليها الضغوطات والكلام في المشاكل والنكد! مَن لا يعاني من أزماتٍ في حياته العمليّة أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الزوجية؟! إن هذه الضغوط، وكذلك الملل الزوجي، تكاد تكون السِمة الغالبة على البيوت، وتسبب في أغلب الأحيان أمراض القلب والقلق وربما الاكتئاب، ما يعكس على النفس والمحيط مشاكل إضافية ونكدًا أكبر! فلا أقل من مواجهة التحديات بالإيمان أولاً وحسن التوكل على الله جلّ وعلّا، ثم بالنظرة الإيجابية والفكاهة لكسر أطواق الوجوم والألم على الوجه والقلب! يقول أرسطو: «الضحك تمرين جسدي ينطوي على أعظم النفع للصحة».

لقد اكتشف الأطباء فوائدَ جمّة للضحك على الصحة، حيث يتم فرز الإندورفين في الدماغ، وهو المسؤول عن الراحة النفسية، ومن هذه الفوائد: الحدّ من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وزيادة مناعة الجسم. كما أن للضحك تأثيرًا على الشخصية؛ إذ إن الضحك يرفع الروح المعنوية ويُخرِج من الروتين ويجدِّد الطاقة ويُفعِّل الحياة الاجتماعية، وغيرها الكثير من الفوائد التي لا حصر له؛ حتى إنه بدأ تطبيق العلاج بالضحك للتخلّص من الأمراض الجسدية والنفسية! فلِمَ لا نقوم نحن بمعالجة مشاكلنا الزوجية حين يكون ذلك متاحًا بالضحك أيضًا؟!

كم من الأوقات ينتهج أحد الزوجين أسلوب المزاح لإيصال الرسائل التي لا يمكن مواجهة الطرف الآخر بها كي لا يحتقن الموقف أكثر في مسألة معقّدة، فيوصِل الفكرة مع ابتسامة أو نكتة ترطّب الأجواء وتجعل الآخر يبتسم وقد فهم مرادها! يكفي أن الخروج من بعض المواقف المحرِجة لا يكون إلا برمي نكتة أو تحويلها إلى مواقف هزلية تدفع الزوجين إلى تغيير مزاجهما ومواصلة الحياة، على أن يكون حكيماً في ذلك فلا يثير الضحك في مواقف لا تتحمّل إلا الحزن!

ولنتفكّر قليلًا،  مَن يغرينا أكثر بمصاحبته؟ العبوس النكدي؟ أم البشوش المتفائل المبتسم؟! بلا أدنى شك سنختار الذي يُخرِجنا إلى فضاءات واسعة من الراحة والمرح، فإن كانت هذه المعادلة في الحياة الاجتماعية وبين أصدقائنا فكيف بمن اخترناه زوجًا يقاسمنا الحياة؟!

والجميل في الأمر أن الضحك يُعدي، فإن كان أحدُ طرفَيْ العلاقة الزوجية جادًا حازمًا، فليحاول الطرف الآخر أن يُضفي على البيت والعلاقة جوَّ الفرح والبهجة والإيجابية، ولْيَجعلِ الضحكَ يسري في محيطه لأن ذلك سيؤثّر بلا شك على الطرف الآخر.

إن الأولاد يضحكون 400 مرة في اليوم بينما البالغون 15 مرة فقط، هل ستجعلون أولادكم يسبقونكم؟!

ما المانع من أن يُحضر الزوجان كتبًا فيها قصص مضحكة أو يتبادلا النكات وتصبح عادة ومحطة يتزوّدان منها لتفريغ شحنات السلبية والضغط؟!

يُخبِر زوج أجنبي عن تجربته حين ذهب إلى مستشار زوجي قبل الزواج ليسأله عن الأمور التي تُبقي زواجه ناجحًا، فكان رد المستشار: «أَبقِ خطوط التواصل مفتوحة، تعلّم أن تقدّم التنازلات، اعمل على أن تكونا صديقين، واعلَم أن الأمر سيكون أصعب مما كنت تعتقد». ثم ختم بجملة فاجأت الزوج: «حافِظ على روح الدعابة». ويقول هذا الزوج إنه لم يعتقد أن الأمر بهذه الأهمية حتى خاض في الحياة الزوجية، فأكّد أن روح الدعابة كان لها دورٌ أساس في الحفاظ على العلاقة الزوجية، فحين يصبح الصراعُ خطيرًا كان الزوجان يفتشان عن وسائل ليضحكا، فلم يسمحا للغضب والمرارة أن يضغطا عليهما ويفرّقاهما عن بعضهما.

تقول المعالِجة النفسية والمستشارة الأسرية الدكتورة تينا تاسينا في الذكرى التاسعة والعشرين لزواجها الناجح: «كلما تعلّمنا من العيش معًا، قلّ نضالنا، وكلما ضحكنا ولعبنا، تعلّمتُ من هذه العلاقة أن استبدال سعادة الفكاهة بدراما الصراع هو إدمان إيجابي وحلّ قويّ لِما يجب أن نقوم به معًا، وهذا أفضل من الجديّة التي كنتُ أعتقد أن علاقتي تحتاجها.. هناك نِعمة في الفرحة الناتجة عن ضحكة مشتركة بين الزوجين!».

الحياة طريق شاق وطويل، نحتاج فيه لصحبةٍ تسهِّله علينا وتعيننا على تخطّيه، فلِماذا نبخلُ على شركائنا وعدلي أنفسنا.. بأن تكون صُحبتنا غضّة طريّة مؤنِسة ونواجه التحديات بضحكاتٍ مسلّيات؟!.

 

المقال السابق
[14] محطةٌ للأنوار.. فتزوّدا!
المقال التالي
[16] وشريكةٌ لا تدري..!