في ديانة الغرب المنافق: الإعدام جريمة والإبادة واجبة
وكذلك أعرب هؤلاء الطيبون عن استهجانهم من حرص الغرب على حياة قادة الانقلاب الأثيم
ما زلت أعجب من أقلام طيبة تبدي استغرابها من وقوف الغرب كله وراء محاولة الانقلاب الأخيرة الفاشلة في تركيا!! وكذلك أعرب هؤلاء الطيبون عن استهجانهم من حرص الغرب على حياة قادة الانقلاب الأثيم، وتناسيهم انتصار"الديموقراطية" التي يزعمون أنهم يريدون نشرها في العالم، إلى حد شن الحروب باسمها وبذريعتها-كما كان يفعل بوش الابن!!-
وأتذكر هنا قول النواسي:
تعجبين من سقَمي*** صِحَّتي هيّ العَجَبُ
كما قفز إلى ذهني المثل الشعبي الجميل الذي يردده أشقاؤنا في أرض الكنانة: الزَّن على الودان أَمَرّ من السِّحْر) الإلحاح بالكلام أشد خطورة من السحر)!!
فلقد انخدع كثير من بني جلدتنا بتشدق الغرب بالديموقراطية وصدَّقوا أن الغرب يحرص على انتشارها، وسبب هذا كثرة اللغو الغربي بهذا الشعار بمناسبة وبلا مناسبة، مشفوعةً بشيء من الجهل في تاريخ الغرب الحقيقي، صانع الانقلابات العسكرية كلها في العصر الحديث من أمريكا اللاتينية إلى كوريا الجنوبية، مع إيلاء البلدان الإسلامية " عناية " خاصة!!
التشابه بين العسكر والرافضة
وقد يتعذر على غير المتابع أن يستطيع تفسير الإلحاح الغربي على الانقلابات، مع أن المسألة واضحة، وهي تماثل قبول الغرب بالمجوس حلفاء بالرغم من إقامتهم دولة كهنوتية تناقض-من الناحية النظرية والفكرية- أبرز عنصر في الغرب الحديث، وهو رفض الدولة التي يحكمها رجال الدين.
لقد جرَّب الغرب مع الشعوب المسلمة الاحتلال المباشر ثم تسليط عملائه عليها بالقوة، وفشلت مشاريع التغريب القسرية، التي حشد لها الغزاة والطغاة طاقات هائلة وبرامج ممنهجة في الإعلام والتعليم.
وأما الطاغية فأمره ميسور والتحكم به أسهل من السيطرة على خروف وديع. وكذلك التفاهم مع الولي السفيه!! أما الشعوب فلا مجال لإحكام القبضة عليها مثلما يشتهي القوم.
إعدام مجرم وإبادة شعوب
الغرب لا يؤمن بدين سوى عبادة المنفعة الذاتية-حتى النصرانية المحّرَّفة لا يحترمها الغربيون إلا لشحن الكراهية ضدنا ولزعزعة عقائد المسلمين الفقراء من خلال تنصيرهم-
لذلك توصل الدين الغربي الوضعي إلى رفض عقوبة الإعدام، فليس من دولة غربية إلا وتمنع قوانينها تلك العقوبة، حتى لمجرم يقتل عشرات من الأبرياء ويتكرر إجرامه مرة إثر أخرى!!
لكن النفاق الغربي يقبل بإبادة شعوب وجماعات، ما دامت تلك الإبادة تخدم مصالحه وتنفِّس عن أحقاده.
لا حاجة بنا إلى أن نستحضر تاريخ القوم وإبادتهم للسكان الأصليين في العالم الجديد) الأمريكيتين واستراليا ففي الوقت الحاضر ما يكفي!!
حسناً !!سنتناسى حتى الحربين اللتين فرضوهما على البشرية وأزهقوا فيهما أرواح نحو 100 مليون، وسنتجاهل فيتنام والجزائر وأفغانستان وفلسطين وميانمار وكشمير، بالرغم من أن الجرح في هاتين البلدان الأربعة الأخيرة ما زال ينزف بغزارة. وكذلك مأساة البوسنة القريبة العهد وإبادة ملايين في رواندا وهي أحدث عهداً..
مسألةٌ فيها نظر
قبل أكثر من 100 سنة قال أديب إسحاق في نفاق الغرب:
قَتْلُ امرئٍ في غابةٍ *** جريمةٌ لا تُغْتَفرْ
وَقَتْلُ شعبٍ آمٍنٍ*** مسألةٌ فيها نَظَرْ
وربما كانت ضرورة الشعر لم تسعف الشاعر-غير المسلم!!- أن يفضح قبح الغرب أكثر، وربما كانت هذه حدود وعيه المبكر بدجل الغرب المتاجر بالشعارات الإنسانية. فالحقيقة أن قتل مجرم واحد في نظر الغرب جريمة كبرى، وأن إبادة شعوب لا يحبها أو تقف في وجه أطماعه، عملية "مستحبة" وتصل إلى درجة "الفريضة" أحياناً!!
الغرب المسعور اليوم ذعراً من إنزال القصاص بمجرمي الانقلاب التركي الفاشل، هو نفسه الذي يقدم كل الدعم لطغاة يقتلون شعوبهم كما في سوريا والعراق ومصر!! وهو نفسه يتعامى عن أحكام الإعدام الجماعية السياسية التي ينفذها عملاؤه في بنغلادش!!
وفي اليمن لا يخفي الغرب وقوفه إلى جانب المجرمين الحوثيين وأزلام الرئيس المخلوع، الذين يقتلون المدنيين يومياً!!
لكل هذا فالعجب يكون في موضعه إذا وقف الغرب مع الحق لا العكس.. وكل ما سوى ذلك إحسانٌ للظن في مجرمين محترفين مردوا على الكفر البواح والنفاق الرخيص والحقد المكشوف.
منذر الأسعد
- التصنيف:
- المصدر: