كاميليا تحتاج لمثل سعيد بن جبير
منذ 2010-09-09
وقد تعدد الحوادث الصارخة فى الظلم ولعل آخرها حادثة المسلمة كاميليا شحاتة التى أسلمت لله فتم خطفها وتسليمها للكنيسة فحبسوها فصرخت فى الجميع ـأنا مسلمة أنا مسلمة فلم تحرك صرخاتها إلا قلة مؤمنة وسكت طائفة من العلماء !!
لقد ظهر الفساد وطغى الاستبداد في الأرض لأسباب كثيرة منها تضييع طائفة من العلماء مكانتهم بمداهنة الحكام والسكوت على ظلمهم بل زاد الأمر بالتصفيق من البعض لهم على ظلمهم بتأويل فاسد معلوم فساده من منطقه وكلامه ورائحته. ولم يجد المفسدون من يقف أمامهم من العلماء لردعهم ولو قام العلماء بمهمتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما علا وطغى المفسدون في الأرض ولقد زادت المظالم وصرخ المظلومون في أماكن كثير ة فلم يجدوا من يقف معهم ينصرهم أمام الظلم.
وقد تعدد الحوادث الصارخة في الظلم ولعل آخرها حادثة المسلمة كاميليا شحاتة التي أسلمت لله فتم خطفها وتسليمها للكنيسة فحبسوها فصرخت في الجميع "أنا مسلمة أنا مسلمة" فلم تحرك صرخاتها إلا قلة مؤمنة وسكت طائفة من العلماء المرجو منهم الخير والنصرة في بلد فيه الآلاف من العلماء وجب عليهم الجهر بكلمة الحق.
وفي التاريخ عبرة وعظة ولا يمكن لأي قارئ للتاريخ الإسلامي أن يفوته تاريخ الحجاج بن يوسف الثقفي فقد كان علامة بارزة على الظلم في عصر العدل وفي حياة الحجاج وتاريخه يوجد موقف لا ينسى لم ينساه التاريخ فحفظه للأجيال ولن تنساه الأجيال المتعاقبة ألا وهو موقف الحجاج مع التابعي الجليل سعيد بن الجبير.
ولقد سطر تاريخ الرجال العظماء موقف العالم الرباني الجليل سعيد بن جبير أمام الطاغية الحجاج الذي كان يخشاه الناس بسبب ظلمه ولكن سعيد بن جبير يعرف ما أمره الله به وكان يعلم أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، لذلك عندما قبض عليه الحجاج ظلماً كان هذا الحوار الذي سجله التاريخ في صفحات من نور:
فقد قال له الحجاج: ما اسمُك؟
فقال: سعيد بن جبير.
فقال: بل شقيٌ بنُ كُسَيْرٍ.
فقال: بل كانت أُمِّي أعلم باسمي منك.
فقال: ما تقول في مُحمَّدٍ؟
قال: تعني مُحمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه؟!
فقال نعم.
قال: سيدُ ولد آدم، النبيُّ المصطفى، خيرُ من بقي من البشر، وخيرُ من مضى، حمل الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لله، ولكتابه، ولعامَّةِ المُسلمين، وخاصتهم.
قال: فما تقول في أبي بكر؟
قال: هو الصّدّيق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب حميدًا، وعاش سعيدًا، ومضى على منهاج النبي صلوات الله وسلامه عليه، لم يُغيّر ولم يُبدِّلْ.
قال: فما تقول في عمر؟
قال: هو الفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل، وخيرةُ الله وخيرةُ رسوله، ولقد مضى على منهاج صاحبيه، فعاش حميدًا، وقتل شهيدًا.
قال: فما تقول في عثمان؟
قال: هو المُجَهِّز لجيش العُسرة، الحافر بئر رُومة، المشتري بيتـًا لنفسه في الجنة، صِهْرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنتيه، ولقد زوجه النبي بوحي من السماء، وهو المقتول ظُلمـًا.
قال: فما تقول في علي؟
قال: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلم من الفتيان، وهو زوجُ فاطمةَ البتول، وأبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة،
قال: فأيُّ خلفاء بني أمية أعجب لك؟
قال: أرضاهم لخالقهم.
قال: فأيهم أرضى للخالق؟
قال: علمُ ذلك عند الذي يعلم سرهم ونجواهم.
قال: فما تقول فيّ؟
قال: أنت أعلمُ بنفسك.
قال: بل أريد علمك أنت.
قال: إذن يسُوؤك ولا يسرُّك.
قال: لابد من أن أسمع منك.
قال: إني لأعلم أنك مُخالفٌ لكتاب الله تعالى، تُقدم على أمور تريد بها الهيبة، وهي تُقحمك في الهلكة، وتدفعك إلى النار دفعـًا.
قال: أما والله لأقتُلنك.
قال: إذن تُفسد علي دُنيايَ، وأُفسد عليك آخرتك.
قال: اختر لنفسك أي قتلة شئت.
قال: بل اخترها أنت لنفسك يا حجاج.. فوالله ما تقتلني قتلةً إلا قتلك الله مثلها في الآخرة.
قال: أفتريد أن أعفو عنك؟
قال: إن كان عفوٌ فمن الله تعالى، أما أنت فلا براءة لك ولا عذر.
فاغتاظ الحجاج وقال: السَّيف والنطع يا غلام، فتبسم سعيد.
فقال له الحجاج: وما تبسمك؟!
قال: عجبتُ من جراءتك على الله وحلم الله عليك.
فقال: اقتله يا غلام، فاستقبل القبلة وقال: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفـًا وما أنا من المشركين"
فقال: حرفوا وجهه عن القبلة.
فقال: "فأينما تولوا فثم وجه الله"
فقال: كُبُّوه على الأرض.
فقال: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى"
فقال: اذبحوا عدو الله، فما رأيت رجلاً أدعى منه لآيات القرآن، فرفع سعيدٌ كفيه وقال: اللهم لا تسلِّط الحجاج على أحدٍ بعدي.
لم يمض على قتل سعيد بن جبير غير خمسة عشر يومـًا حتى أصيب الحجاج بحمى عنيفة، واشتدت عليه وطأة المرض، فكان يغفو ساعةً ويفيق أخرى، وكان يستيقظ من غفوته القصيرة فزعا مذعورًا وهو يصيح: هذا سعيد بن جبير آخذٌ بخناقي، هذا سعيد بن جبير يقول: فيم قتلتني؟! ثم يبكي ويقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟!! رُدوا عني سعيد بن جبير. وتدهورت حالة الحجاج بسرعة بعد ذلك الموقف، وكان يشكو لمن حوله أن ما أصابه كان بدعوة سعيد بن جبير، وما لبث أن مات غير مأسوف عليه،
فمن لكاميليا بمثل سعيد بن جبير يقف أمام الظلم ويجهر بالحق ولا يخاف لومة لائم.
لقد مات الحجاج وظهر في التاريخ أشباه كُثر من الحجاج ولكن لم يظهر أشباه لك يابن جبير فما أحوج الأمة لأشباهك يقومون لله بكلمة الحق في زمن ضاع فيه الحق .
ممدوح إسماعيل - محام وكاتب
Elsharia5@hotmail.com
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
- التصنيف: