أراد ربك أن يبلغا أشدهما
وقد يؤخر الله تعالى عن أمة ما تأمله من التمكين لأنها قد لا تعرف قيمته ولا تحافظ عليه وقد تفرط فيه بسهولة أو قد تعاديه.
في يوم الجمعة و أنت تقرأ سورة الكهف تذكر:
حينما تقرأ { وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82] أنه قد يتأخر عنك خير، لأنك لم تنضج له بعد، ولو أتاك لما عرفت قيمته ولضعفت عنه ولضاع منك وفرطت فيه، حتى إذا ما نضجت وكنت أهلًا له وأنزلته منزلته وعضضت عليه بالنواجذ وحافظت عليه، حينها يأتيك هذا الخير، فلم يؤخره تعالى عنك إلا لخير أراده بك.
وقد يؤخر الله تعالى عن أمة ما تأمله من التمكين لأنها قد لا تعرف قيمته ولا تحافظ عليه وقد تفرط فيه بسهولة أو قد تعاديه! ولا تعرف ما فيه من فرصة للنجاة والبقاء، ولا تدرك أنه لا وجود لها بغير التمكين لهذا الدين، وعندما تدرك أن رقبتها معلقة بهذا الدين وبالتمكين له وأن دماءها وأعراضها ومقدراتها وأرضها وتاريخها مرهونٌ بهذا التمكين.. عندما تدرك هذا وتوطن نفسها أن تدافع عن دينها والتمكين له بكل ما تملك، وتقدم رقابها دونه.. حينئذ تنضج إلى حد أن تكون مؤهلة ويعطيها ربك تعالى التمكين ويمكّن لها في الأرض لينظر كيف تعملون.. {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} .
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: