غرق فرعون
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 8-9]
المكان: شاطئ بحر القصب المسمى حاليًا بخليج السويس..
الزمان: في مثل هذا اليوم قبل عدة آلاف من السنين
من بعيد بدت العاصفة الرملية، أصواتٌ تتعالى تدريجيًا مع اقتراب الغبار الثائر، صليل معادنٍ ودبيبٍ مدوٍ يتصاعد، يبدو أنه وقع سنابك خيلٍ يختلط بصهيلها الذي يتضح رويدًا رويدًا، يبدو أنه ما كانوا يفرون منه، ليست عاصفةً رمليةً إذا إنما هي سحابةُ ترابٍ أثارته سنابك خيل الطاغية.
تردد الخبر بين الجمع الواقف على مشارف بحرٍ هائجٍ ترتطم أمواجه بأقدامهم، ثم تعود آفلةً إلى منبعها لتتلوها أمواج أخر، توجهت أنظار الجمع القلق إلى الجيش الجرار الذي يقترب بخطاً حثيثة، يبدو أنه لا فائدة، سرى ذلك الشعور في قلوب قوم ما انفكوا عن الإرجاف لأعوامٍ وقد أفسدت فطرتهم عقودٌ من الظلم والاستعباد جعلت شعار لومهم لمنقذهم وقائدهم: {قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } [الأعراف جزء من الآية: 129]، لم يتغيروا على ما يبدو، اليأس نفسه والخوف الذي طالما صاحبهم يظهر الآن من أعينٍ تدور في محاجرها كالذي يُغشى عليه من الموت، {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء جزء من الآية: 61]، كلمتان حوتا عديدًا من المؤكدات اللفظية نطق بها بنو إسرائيل بأصواتٍ عديدة تقطر بالفزع وتنضح بفقدان الأمل، وكأنهم نسوا كل ما مر بهم، وكأن كل الآيات التي رأوا فيها تجليات قدرة ربهم يجريها على يدي قائدهم قد تم محوها من أذهانهم،
يا لضعف ذاكرتكم!، أنسيتم العصا المتحولة واليد البيضاء {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ} [طه جزء من الآية: 22]، أغفلتم عن الجراد والقمل والضفادع والدم التي ابتلى بها عدوكم ومذلكم وقومه بينما نجاكم الله منها؟، ويحكم، أين عقولكم؟! إنه نبيكم ومنقذكم الذي ما كذبكم يومًا، أولم يعدكم أن يهلك ربكم عدوكم {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: جزء من الآية 129] ، {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس جزء من الآية: 35]؟! ثم كانت الصفعة؛ صفعة يقين على قلب كل مرجفٍ واهنٍ أكد بيأسٍ أنهم مدركون، صفعة بكلمة من ثلاثة أحرف بددت غيابات الإرجاف البادي من صياحهم، كلا، قالها الكليم وضيئة تتلألأ بأنوار العقيدة، كلا ...قالها حاسمة قاطعة لا شك فيها، و كيف لا يفعل وهو من ارتقى على درجات الثقة درجة تلو أخرى، كيف لا يفعل وقد تعلم الدرس مرة بعد مرة، تعلم أنه لا يخاف لدى الله المرسلون، تعلم ألا يخاف وهو الأعلى بإيمانه، تعلم أنه بآيات ربه ومن اتبعه الغالبون، وتذكر الوعد الرباني؛ الوعد الذي كلمه به ربه منذ أعوام مخاطبًا إياه وأخاه: {لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ} [طه: 46] ، هذا الوعد الذي وجد قلبًا خصيبًا لتنمو فيه جذور الثقة المطلقة في مآل الأمر و تنبت منها شجرة طيبة من يقين راسخ أصلها ثابت وفرعها في السماء {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [ابراهيم جزء من الآية: 25 ] وكان من أُكُلِها أن قال بعد حرفه الحاسم: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي} [الشعراء جزء من الآية: 62]، إنه يدرك معنى المعية؛ معية الملك الحق، فكيف يخاف أو يشك؟!، إن معه ربه يسمع ويرى، لا شك إذاً أنه سيهدي، لذا قالها بحزمٍ نافذٍ: {سَيَهْدِينِ}[الشعراء جزء من الآية: 62] ، لكن كيف؟!، لا توجد أسباب؛ من أمامهم بحرٌ لجي ثائرٌ لا يأمن أصحاب السفن على أنفسهم فيه، فما بالك بقوم قد أجهدهم طول المسير في صحراء مصر الشرقية وقد جفت حلوقهم و جلودهم تحت حر شمسها، ولا مركب لهم إلا أقدام قد كَلت من عناء الرحلة، ومن خلفهم طاغوت و جيش هادرٌ لا هم لهم ولا غاية إلا إفناؤهم، من أين أتيت بهذا اليقين يا موسى؟!
دُلنا إذًا على المفر وخبرنا بربك عن طريق النجاة.
ومن أدراكم أنه يعرف بعد ؟!
إنه يصدق ربه، وهذا قد يسبق علمه بالتفاصيل لكنه يوقن أنه سيعلم في الوقت المناسب، وهاقد علم، قد جاء الوحي، وصل روح القدس القوي الأمين، ها هي العصا ترتفع من جديد لا لتتحول هذه المرة إنما لتُحوِّل؛
لتحول مغرقًا عميقًا، إلى ملاذٍ آمن، وسبحان من جعل المغرق ملاذًا، والملاذ مغرقًا!، نعم؛ لقد كان الملاذ يومًا مغرقًا لولد نوح عليه السلام، فلم ينجه جبل آوى إليه ولم يعصمه ارتفاعه من أمر الله، وها هو المغرق يتحول إلى الملاذ الوحيد الذي سيأوى إليه موسى وقومه، مشهدٌ مهيبٌ لم تر الدنيا مثله؛ جبلان عظيمان من الماء كأنهما شلالان يهدران عن اليمين والشمال وبينهما أوديةٌ ضيقةٌ يختلط طين أرضها بشعبٌ مرجانيةٍ حادةٍ يجاهد القوم في تفاديها والمرور من خلالها، يا له من مشهد ويا لها من آية! لقد انشق البحر فكان كل فريق كالطود العظيم، مر بنو إسرائيل يسارعون الخطي، ولو نظر أحدهم إلى جبل الماء بجواره لربما أفزعه ظل قرشٍ يتجول، أو سرب مخلوقاتٍ بحريةٍ يسبح بحثًا عن رزقه، ولا تفصل بينهم و بينه إلا أمتار، لكن الله أراد لهم أن يمروا، وأن يأمنوا وينجوا.
من بعيد كان المشهد مختلفًا:
الزمان: قبل قليل من الأحداث السابقة
المكان: على بعد مئات الأمتار منها
إنه ركب الطاغوت وجيش الظالم مدعي الألوهية والجبروت، مائة ألف فارسٍ على مائة ألف أدهمٍ بخلاف العبيد والخدم، إنه ركب فرعون...ابتسامةٌ عريضةٌ تعلو شفتيه الغليظتين وقد بدا له مبتغاه من بين سحائب الغبار التي تثيرها سنابك خيله ورجله، ها هو الجمع يظهر من بعيد على ضفاف بحر بلاده، ليس لهم من ملجأ مني الآن؛ هكذا قال لنفسه، الآن حان وقت الخلاص من أولئك المتمردين الذين يشككون فى ربوبيته، ويزعزعون ركائز أسطورته، آن الأوان ليكونوا عبرةً لمن يأتي خلفهم وتسول له نفسه أن يحذو حذوهم، ازدادت ابتسامته إتساعا وهذه الأفكار تتردد في ذهنه متذكرًا أحداث الساعات والأيام السابقة، نشوةٌ رهيبةٌ تملأ صدره العريض حين استرجع قدرته على تشويه موسى ومن معه ببعض كلماتٍ استخف بها قومه فأطاعوه، {إِنَّ هَـٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [الشعراء: 54] ، هكذا حقرهم وسفه من شأنهم أمام قومه، ثم جاء وقت التحريض، إنه حريصٌ أن يبدو في مظهر المشاور الذي لا يأخذ قرارًا بمفرده، تنهد وكادت تفلت منه ضحكةٌ ساخرةٌ حين تذكر كيف حرك قومه كقطيع من الماشية بقوله: {وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ}
[الشعراء: 55-56] لقد تحدث بلسانهم وسيطر على أفكارهم وما أراهم إلا ما رأى، يا ليتها حتى كانت خطبةً عصماء طويلة، إنها بضع كلمات خدع بها شعبًا من المستخفين استحقوا أن يكونوا بذلك من الفاسقين، وها هو قد دنا من بغيته واقتفى أثر عدوه واقتربت المواجهة التي اشتاق إليها منذ أعوامٍ أذله فيها موسى مرة تلو أخرى..
نعم أذله!، حتى ولو لم يعترف بذلك أمام أحد، لكنه كان يوقن بذلك في قرارة نفسه، لقد هزمه فى كل تحدٍ، علا عليه في كل مفاصلة، وهل ينسى يوم النيروز؛ يوم الزينة حين {أُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف: 120] وآمنوا برب موسى وهارون، يا له من يوم محرج ووصمة عارٍ في تاريخه، صحيح أنه أطاح بأولئك السحرة المتمردين المتآمرين ونكل بهم على رؤوس الأشهاد ومزق سيرهم قبل أن يمزق أبدانهم، إلا أن المرارة لم تفارق حلقه قط!
مرارة الهزيمة وفزع المشهد حين رأى عصا موسى تلقف أفاعى أتباعه، والمرارة الأكبر حين اضطر أن يبعث لموسى يرجوه أن يدعو ربه ليكشف الرجز والمجاعة والآفات التي حلت بقومه، اختفت الابتسامة وتلاشت النشوى، حين بلغت الذكريات هذا المبلغ، لقد اجترأ موسى على تحديه في كل موضعٍ، وقلَّب عليه أقرب الناس إليه، حتى وصل الأمر إلي امرأته التي آمنت بموسى، وإلي صاحبه وقريبه الرجل المؤمن الذي وقف هو الآخر يتحداه على الملأ، لكن لا بأس، ها قد حانت لحظة الانتقام، سيذكر التاريخ طويلًا هذا اليوم وسيجعل عاشوراء عيدًا يحتفل به المصريون ويتذكرون كيف نكل إلاههم وربهم الأعلى بهؤلاء المتمردين الذين يبدون قليلي الحيلة من بعيد، لكن .. ما هذا؟؛ ما هذا الذي يحدث للبحر؟؛ ما هذا الصوت الهادر الذي يصم الآذان؟!
تسمر الجيش في مكانه، وجفلت الخيل، وكادت أن تسقط براكبيها لهول المشهد، إنه الموج يتعالي، ما يحدث وتراه العين شيءٌ مستحيل؛ لقد صار الموج يصافح السحاب و كأنه طودٌ شاهق! هلموا أيها الرعاع، تحركوا، أدركوهم، لا يمكن أن يفلتوا هذه المرة، أسرعوا فلقد كادوا يغيبون عن البصر وتطويهم ظلال جبلي الماء، هيا اقتحموا، ما لكم تترددون؟، إن كان موسى قد عبر فما يمنعنا من العبور خلفه؟!، إنها مجرد ظاهرةٍ طبيعيةٍ لعلنا فقط لم نسمع بها من قبل، هيا أيها الجبناء، ها أنا أتقدمكم و لا يرهبني هدير الماء ولا ظلال الحيتان، تقدم الجند على مضض حين رأوا قائدهم الأحمق يقتحم تلك المخاضة المرعبة، تقدموا يهمهمون باعتراض مكتوم، لم تمكنهم نفوسهم المستخفة الفاسقة من البوح به، رغم أنهم يشعرون بقدر الحماقة التي هم مقبلون عليها، إنهم يعلمون جيدًا أن هذه معجزةٌ جديدةٌ من معجزات موسى فكيف يأمنون ألا تسلط عليهم؟، يا لكبر قائدنا وغروره!
هلموا أيها الجبناء، رددت جبال الموج صيحة قائدهم يستحث خطاهم للحاق به في قعر البحر المشقوق، بدأ القلق يخبو شيئا فشيئًا وقد صاروا في منتصف المسافة تقريبًا، وظهرت أضواء الضفة الأخرى على مرمى البصر، ها قد اقتربنا ويبدو أنه قد صدق قائدنا، أسرعوا الخطي فهاهو موسى وقومه يظهرون على الضفة الأخرى وقد عبروا بسلام، وفرعون يحث الخطي ويكاد يطير بفرسه، هل هو قلق؟، هل هو خائف أن نكون وحدنا بين جبلي الماء؟، أين ثقته التي كانت تقطر من حروفه منذ قليل حين حمسنا للدخول؟!، فجأة: التأم البحر، انطبق، هكذا وبدون مقدمات، عاد البحر لسابق عهده وارتطم جبلا الماء!، غاب الجند في الأعماق وكتمت الأمواج صرخاتهم فلا { تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم جزء من الآية: 98]، { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 84-85] صوتٌ مكتوم منفردٌ هو المسموع الآن؛ صوت يغرغر مختنقًا بعبراتٍ تختلط ملوحتها بملح البحر وطميه الذي يدسه جبريل في فمه الفرعوني المنعم، {آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس جزء من الآية: 90] يا لها من عبارةٍ طويلةٍ بالنسبة لهذا الموقف العصيب، كل تلك الحروف والكلمات وليس فيها الكلمة الأعظم، ليس فيها اسم الله!، ألهذه الدرجة ثقل لسانك الأثيم عن النطق باسم الله؟!، تدعي الإيمان الآن؟ {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91]،
{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء جزء من الآية: 18]، ازداد الاختناق وتوالت السكرات والحسرات والندم على ما فات، لكن هيهات هيهات، لقد هلك، ومات،
مات أفجر طاغية عرفته البشرية، مات من {قَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} [النازعات: 24] وما علمت لكم من إله غيري، مات الذي قال أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي، ها هى تجري من فوقه البحار {وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص جزء من الآية: 3 ]، ها هو يغيب رويدًا رويدًا تحت الأمواج، ولكن كلا، لابد أن يكون آية، لابد أن يعرف الخلق أنه قد هلك لا يقولن أحدهم: إله علا في سماء، لابد أن يروه والطين في فمه والرعب على قسماته، {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92]
اليوم: يوم عاشوراء، الذي ظننت يا فرعون أنه سيكون يومك وعيدك الذى سيتحاكى فيه الناس عن بطولاتك و أمجادك، لقد ظل يومًا مشهودًا، يومًا من أيام الله الذي جحدته واستكبرت على عباده، يومًا أظهر الله فيه عبده عليك، وتركك آية لمن خلفك، وصدق الموقن الكليم في حرفه الواثق؛ {كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62 ]، فها هو قد هداه ونصره، لم تزل الرحلة طويلة، ولم يزل الطريق شاقًا، والله ينظر كيف يعملون، لكنه سيبقى اليوم المشهود، يوم ظهر الحق {وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء جزء من الآية: 81]،
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 8-9] .
- التصنيف: