على من تخفي سرائرك
أسرع بالإصلاح قبل أن تقف بين يديه فهو الباطن الذي يعلم الخفيات.
على من تخفي سرائرك وإلى أين المفر من بواطنك وإن أظهرت عكسها لكل العالم، أسرع بالإصلاح قبل أن تقف بين يديه فهو الباطن الذي يعلم الخفيات.
قال ابن جرير: هو الباطن لجميع الأشياء؛ فلا شيء أقرب إلى شيءٍ منه؛ كما قال تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]... أهـ
وقال ابن منده في "كتاب التوحيد" (2/ 82): الباطن: المحتجب عن ذوي الألباب كنه ذاته وكيفية صفاته عز وجل... أهـ.
وقال البغوي في "التفسير": الباطن: العالم بكل شيء... أهـ
وقال النووي: المحتجب عن خلقه، وقيل العالم بالخفيات .. أهـ
قال ابن القيم في طريق الهجرتين في كلامه على الباطن: وباب هذه المعرفة والتعبد هو معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم وعظمته وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السموات السبع والأرضين السبع في يده كخردلةٍ في يد العبد. قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} [الإسراء جزء من الآية: 60] . وقال: {وَاللَّـهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ} [البروج: 20]. ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الإسمين الدالين على هذين المعنيين اسم العلو الدال على أنه الظاهر وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة وأنه لا شيء دونه كما قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [ البقرة جزء من الآية: 255]، وقال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبإ جزء من الآية: 23]، وقال: {وَلِلَّـهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 115]، وهو تبارك وتعالى كما أنه العالي على خلقه بذاته فليس فوقه شيء، فهو الباطن بذاته فليس دونه شيء بل ظهر على كل شيءٍ فكان فوقه، وبطن فكان أقرب إلى كل شيءٍ من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيءٍ في قبضته وليس شيءٌ في قبضة نفسه ...أهـ
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: