"آخر ساعة" و"الصباح" تدافعان عن التوفيق وزيرًا للأوقاف
في الشأن المغربي: "آخر ساعة" و"الصباح" تدافعان عن التوفيق وزيرًا للأوقاف.. وتهاجمان الحملة المطالبة باستبداله
خاض عددٌ كبير من نشطاء "فيسبوك" في الفضاء الأزرق، حملةً لأجل المطالبة بالاستغناء عن وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بسبب سياسته التحكمية في تدبير الشأن الديني، وإقالته لعدد كبيرٍ من العلماء والخطباء، وتسيير شؤون الوزارة بقبضة من حديد، زيادةً على منهجه "التساوفي بين الديني والسياسي" وهو ما يتناسب مع توجهه الفكري الصوفي الذي يعزل الدين عن تسيير الحياة العامة، ويجعله مجرد طقوس تتعلق بالأفراد وإصلاح علاقتهم بربهم، في تماهٍ مع النظرة العلمانية للدين.
الحملة التي كانت "فيسبوكية" قبل أن تنتقل إلى "الإعلام الورقي"، أطلقها نشطاء سلفيون في "فيسبوك" مقترحين د. مصطفى بن حمزة وزيرًا لهاذه الوزارة التي لها قيمتها الكبرى عند المغاربة، قبل أن ينضم إليها بعض شباب حركة التوحيد والإصلاح الذين اقترحوا د. سعد الدين العثماني، أو بعض البودشيشيين الذين اقترحوا حفيد شيخهم منير القادري، أو غير ذلك من الاقتراحات مثل د. أحمد العبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء.
غير أن الغريب في الصحافة الورقية التي تناولت الموضوع؛ أنها سبحت عكس التيار في خلافٍ لكل التطلعات والرؤى التي سجلها المنضمون إلى تلك الحملة، والتي لو لم تكن كبيرةً وقويةً لما استدعى الأمر أن تتصدى لها يوميةٌ مثل "آخر ساعة" والتي هي محسوبةٌ على الحزب الحالي على الرتبة الثانية 102 مقعدًا في الانتخابات الأخيرة، ويومية "الصباح" التي عرفت بأداء دور "الكاري حنكو" في عدد من القضايا المجتمعية، بل أن تكون ممن يهمها التدين المغربي أو خصوصيته، وهي التي تعتبر رائدة الترويج للفكر الفرانكفوني رفقة أختها في الرضاع النقدي "ليكونوميست".
ثم الأغرب من مجرد تناول الموضوع والدفاع عن الوزير أحمد التوفيق الذي اتفق أغلب المغاربة من أهل الشأن الديني أو المتابعين أنه غير مؤهلٍ بتاتًا لتدبير وزارته، أن تدعي اليوميتان أن الحملة هي من تنظيم كتائب "البيجدي"، وأنها تُقاد من طرف قياداتٍ في الحركة وحزب العدالة والتنمية، وأن ذلك هو ضمن مشروع الحزب إخضاع الوزارات السيادية، وأنها حلقةٌ في مسلسل التمكين وتنفيذ أجندات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
فيومية "آخر ساعة" خصت أكثر من ثلاثة أرباع صفحتها الثالثة من عددها الصادر اليوم الخميس 13 أكتوبر 2016 لهذا الموضوع، مستنجدة بمن سمته الخبير في الحركات الإسلامية منتصر حمادة، وصدرت المادة بعنوانين عريضين:
1- إخوان المغرب يخوضون معركة السيطرة على الحقل الديني / كتائب "البيجيد" تشن حملة ضد التوفيق لـ"تحرير" القطاع.
2- البيجيد يسعى لخطف وزارة "التوفيق / من أجل دق آخر مسمارٍ في نعش الدولة واستكمال مشروع "التمكين".
وأما يومية الصباح فاكتفت بخبر حمل نفس المضمون تحت عنوان "كتائب "المصباح" تشن حربًا على التوفيق"، وأكدت هي الأخرى أن هذا المجال هو محفوظ لإمارة المؤمنين، ولا ينبغي التدخل فيه، وكأن أمير المؤمنين لا يريد معرفة رأي المؤمنين فيمن يوليه على شؤونهم الدينية!!
وحتى لا نطيل في بيان عوار هذا الدفاع المدعى، وهذا الورع البارد من يوميتين حداثيتين لا علاقة لهما بالشأن الديني إلا من جهة الانتقاد، فأذكر بعض المغالطات والتنبيهات:
1- الركوب على اقتراح د. سعد الدين العثماني وأن الحملة من إطلاق كتائب "البيجيدي" غير صحيح، فكما قلت سابقًا نشطاء سلفيون هم من أطلق الحملة، وانخراط شباب حركي واقتراح العثماني، هذا يدخل في إطار ما يرونه متناسقًا مع حقهم في الاقتراح، وأنه يتناسب مع أن رئيس الحكومة هو من يقترح الوزراء على الملك.
2- الأمر لا علاقة له بالتهويل والإدعاء بأن الأمر له تعلق بالتنظيم العالمي للإخوان، باعتبار أن هذا الإدعاء هو ما اختارته الأحزاب الخاسرة بما فيها البام الذي خسر الصدارة، لمواجهة تقدم حزب العدالة والتنمية وتصدره المشهد السياسي.
3- مغالطة أن "موقع العمق المغربي" هو الذي تصدر هذه الحملة غير صحيحة، فالموقع لم ينشر خبر الحملة حتى يوم الثلاثاء، مع أن موقع "هوية بريس" نشر خبرها يوم الأحد منذ بداية الحملة.
4- خبر "هوية بريس" الذي كان سباقًا في الإعلام عن الحملة ذكر مقترح تعويض الوزير التوفيق بالدكتور مصطفى بن حمزة، وهو الاقتراح الأقوى باعتباره أحد كبار أُطر المؤسسة الرسمية؛ فهو عضو في المجلس العلمي الأعلى، ورئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، والكادر الأكبر في الجهة الشرقية، وفوق ذلك فهو العالم الذي يقدم الأجوبة لتساؤلات وفتاوى المغاربة في الإعلام الوطني الرسمي.. فلماذا تغالط تلك الصحف الرأي العام؟!!
5- الحملة انخرطت فيها صفحات "فيسبوكية" يشرف عليها أئمةٌ وخطباء وقيمون دينيون، وهؤلاء لا ينكر أحد أنهم خرجوا بالآلاف قبل سنواتٍ في سابقةٍ من نوعها في تاريخ المغرب، للاحتجاج ضد الوزير التوفيق في عدد من المدن، بل حجوا بأعداد كبيرة إلى العاصمة الرباط وتجمهروا أمام البرلمان، قبل أن تفرقهم عصي وزارة الداخلية، في سابقة هي الأخرى من نوعها في المغرب بعد الاستقلال، وإلا فقد كان العلماء والفقهاء أكبر ضحية للإحتلال الفرنسي وهم يقاومونه.
لن أطيل كثيرًا، فكما يقال "إذا ظهر السبب بطل العجب"، فهاذه الصحف ليس همُّ القائمين عليها تدين المغاربة ولا هويتهم ولا أخلاقهم، بقدر ما يخدم مشروعهم الحداثي في علمنة المغرب والمغاربة، أن يبقى الوزير التوفيق.
إبراهيم الوزاني
- التصنيف: