يالها من حسرات
سيزول المُلك ويفنى السلطان وتبقى العواقب والمآلات المحتومة لكل ظالمٍ مفسد، سيعلم ساعتها أنه كان أغبى الناس، ويالها من حسرات يوم ينطق بهذه الكلمات
سيزول المُلك ويفنى السلطان وتبقى العواقب والمآلات المحتومة لكل ظالمٍ مفسد، سيعلم ساعتها أنه كان أغبى الناس، ويالها من حسرات يوم ينطق بهذه الكلمات:
{مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ} [الحاقة: 28-37] .
قال ابن كثير في تفسيره: هذا إخبارٌ عن حال الأشقياء إذا أُعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله، فحينئذ يندم غاية الندم، فيقول: {فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ *وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ*يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة: 25-27]
قال الضحاك: يعني موتة لا حياة بعدها، وكذا قال محمد بن كعب والربيع والسدي.
وقال قتادة: تمنى الموت، ولم يكن شيءٌ في الدنيا أكره إليه منه.
{مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} أي: لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه، بل خلص الأمر إليَ وحدي، فلا معين لي ولا مجير، فعندها يقول الله، عز وجل : {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاق:30-31] أي : يأمر الزبانية أن تأخذه عنفًا من المحشر، فتغله، أي: تضع الأغلال في عنقه، ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها، أي: تغمره فيها.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد، عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو قال: إذا قال الله عز وجل، {خُذُوهُ} ابتدره سبعون ألف ملك، إن الملك منهم ليقول هكذا، فيلقي سبعين ألفًا في النار.
وروى ابن أبي الدنيا في " الأهوال ": أنه يبتدره أربعمائة ألف، ولا يبقى شيءٌ إلا دقه، فيقول: ما لي ولك؟ فيقول: إن الرب عليك غضبان، فكل شيءٍ غضبانٌ عليك.
وقال الفضيل - هو ابن عياض -: إذا قال الرب عز وجل: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} ابتدره سبعون ألف ملك، أيهم يجعل الغل في عنقه.
{ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} أي: اغمروه فيها .
وقوله: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} قال كعب الأحبار: كل حلقةٍ منها قدر حديد الدنيا .
وقال العوفي، عن ابن عباس وابن جرير: بذراع الملك. وقال ابن جريج قال ابن عباس: {فَاسْلُكُوهُ} تدخل في استه ثم تخرج من فيه، ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى.
وقال العوفي، عن ابن عباس: يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه، حتى لا يقوم على رجليه .
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
- المصدر: