عقائد وأحقاد (2)
المسلمون لا يعرفون حقدًا أعمى، بل المسلمون يعرفون المواقف الواعية، بلا كذبٍ أو دجل، وبلا ظلمٍ أو انحراف
لا يعرف المسلمون الحقد العَقدي ضد النصارى بل يعرفون الموقف الواعي، يعرف المسلمون متى كان النصارى يمثلون حلقة الإسلام في سلسلة النبوات الكريمة، بل هم الحلقة الأخيرة قبل مبعث خاتمة السلسلة الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان الحواريون مسلمين فقالوا: {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران جزء من الآية: 52]، وكان المسيح عليه السلام يدعوهم إلى الإسلام، وقد قاموا بالإسلام بإفراد الله بالعبادة واتباع شريعة نبي الله الكريم عيسى؛ إذ إنه من أولي العزم من الرسل الكرام.
حتى إذا انحرفت عقائدهم وخلطوا عقائد الوثنية الإغريقية واليونانية وعقيدة الفداء والمذبح والكاهن والتثليث؛ الموجودة في عقائد الإغريق والمصريين القدماء بل والهندية القديمة (كرشنا) خلطوا هذا بالحق المُنَزل، فانحرفوا عن تمثيل الإسلام إلا من بقي منهم على العهد الكريم.
وكما لاقى المسيحيون الأوائل الإضطهاد من الرومان الوثنيين؛ فقد وجد الموحدون القائلون بنبوة المسيح واتباع شريعته الناسخة آنذاك، لاقوا الإضطهاد ممن تمكن من المسيحيين الذين خلطوا الأمور بعد ذلك توفيقًا بين الوحي وبين الأوضاع الوثنية آنذاك، وإلى اليوم...
كان النصارى هم أقرب الفرق لقبول الحق إذ عندهم بشارة مباشرة بـ (المُعزِّي)، أو ساكن (جبال فاران)، وهي جبال مكة المكرمة، بل وباسمه الكريم (أحمد) وأمَرهم باتباعه، وبغير ذلك من البشارات، وقد امتثل الأمرَ من كتبت له السعادة وقاموا بأمر الله تعالى..
كان المسيح عليه السلام وأتباعه المؤمنين حلقةً كريمةً من حلقات الإسلام في مسيرة خير البريّة...
لم يتبرأ المسلمون من النصارى بعد ذلك لأنهم اتبعوا المسيح، بل لأنهم انحرفوا عما جاء به المسيح وخالفوا أمره، فأُمة محمد هي الامتداد الطبيعي والاتباع الحقيقي لما جاء به المسيح، {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَة} [آل عمران جزء من الآية: 55] فالمتبِعون هنا هم هذه الأُمة الكريمة، والحواريون والمؤمنون معهم وبعدهم الذين وحدوا الله واتبعوا نبوة المسيح هم إخوةٌ لهذه الأُمة بل هم أُمةٌ واحدة..
وكما أن كليم الله موسى بريءٌ ممن انحرف من المنتسبين اليه، ممن قال بألوهية العزير أو عبدوا العجل أو غير ذلك، فالمسيح أيضا بريءٌ ممن انتسب إليه فعبده من دون الله، بل وهو يبغض من عَبد غير الله فما من مؤمن يرضى أن يتوجه أحد الى غير الله أو لا يميز الخالق من المخلوق..
المسلمون لا يعرفون حقدًا أعمى، بل المسلمون يعرفون المواقف الواعية، بلا كذبٍ أو دجل، وبلا ظلمٍ أو انحراف، وأما الجهاد، والولاء والبراء، فذاك حديث غدٍ بإذن الله
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي