كيف تكون إسلاميًا ناجحًا؟
لا بد أن تعلم أيها الإسلامي أنك لا تكون محققًا لشعارك الإسلامي بمجرد إعلانك له ولا بمجرد عواطفك الجياشة
المراد بالإسلامي هنا: كل من يقدم مشروعًا يسعى من خلاله إلى إصلاح الفساد في البلاد الإسلامية منطلقًا من مبادئ الإسلام، سواء كان فردًا أو ضمن جماعة.
وهذا المشروع لا بد فيه نجاحه من الالتزام بعدد من القوانين والمبادئ، منها:
القانون الأول: أن تؤمن أيها الإسلامي إيمانًا عميقا بأن مشروعك في جملته ليس هو الإسلام، وإنما هو اجتهادك في فهم الإسلام، وتطبيقه.
القانون الثاني: لا بد أن تكون لديك قابلية للنقد والتراجع، فإن كان مشروعك اجتهادي فلا بد أن يكون قابلًا للنقد، والتراجع عنه، ومن نقده فهو ينقد اجتهادك ولا ينقد الإسلام، ويجب عليك أن تعمل النقد الذاتي قبل أن يأتي النقد من خارجك.
القانون الثالث: أن الحق لا ينحصر في جماعتك وحزبك، فمن المعلوم بداهة أن المشاريع الاجتهادية يتعدد فيها الحق ويتوزع في المشتركين فيها.
القانون الرابع: يجب عليك أيها الإسلامي أن تتعامل مع الناس بناء على ما يمتلكونه من الحق والخبرة والنفع للأمة، وليس بناء على انتماءاتهم، فلا يجوز لك شرعًا وعقلًا أن تقدم من كان من حزبك أو من هو قريب منك في الرأي على من سواه، ولو كان أقل منه علمًا وخبرة.
القانون الخامس: لا بد أن تعلم أيها الإسلامي أنك لا تكون محققًا لشعارك الإسلامي بمجرد إعلانك له ولا بمجرد عواطفك الجياشة، وإنما لا بد لك من العلم العميق بأصول الإسلام ومحكماته، وضبط أصول الاستدلال ومنطلقاته، فأنت أيها الإسلامي في حاجة إلى العلم الشرعي العميق، حتى تكون مؤهلًا لتحقيق شعارك الإسلامي.
القانون السادس: لا بد أن تعلم أيها الإسلامي أن المشروع الإصلاحي الناجح في هذا العصر لا يقوم على العلم بالمادة الشرعية فقط، وإنما لا بد فيه من العلم العميق بكثير من تفاصيل الحياة المعاصرة -السياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية وغيرها- فلا بد أن تحرص على أن تكون جماعتك مشتملة على أكبر قدر من الكوادر المؤهلة في تلك المجالات، أو أن تتعامل مع الكوادر الصادقة من خارج حزبك.
القانون السابع: أن قولك أيها الإسلامي في شؤون الحياة لا يلزم أن يكون أكمل وأصح من قول غير الإسلامي، لأن تلك الأمور قائمة على التجريبية والتمحيص والأخذ بالسنن الكونية، وهي أمور عامة بين العقلاء، قد يكون الكافر أفضل فيها من المسلم.
القانون الثامن: لا بد أن تعلم أيها الإسلامي أنك أو جماعتك لست أعلى من عموم الأمة ولا أرفع منها ولا أنقى منها ولا وصيًا عليها، وإنما أنت جزء منها، بل خادم لها.
القانون التاسع: لا بد أن تحترم أيها الإسلامي التخصص، وتعمل بمقتضاه، فكونك إسلاميًا أو عالمًا من علماء الشريعة لا يعني أنك عالم بكل شيء، بل يجب عليك أن تحترم قدراتك، وتستفيد من عموم القدرات الموجودة في الأمة، من العسكريين والاقتصاديين والسياسيين وغيرهم.
القانون العاشر: لا بد أن تحرص أيها الإسلامي على تطوير مشروعك في كل لحظة وحين، فالمشاريع المتعلقة بإصلاح شؤون الحياة إن لم تتطور بما يناسب حركة هذا العصر، ستكون لا محالة مشاريع بائدة متخلفة عن السير الحضاري، فلا بد أن تحرص على التجديد والإبداع والتطوير في أفكارك ووسائلك.
القانون الحادي عشر: لا بد أن تكون أيها الإسلامي متصفًا بأعلى درجات النباهة والفطنة، فإن أنظار الأعداء والمجرمين والظالمين متوجهة إليك، يسعون إلى استغلالك ويحرصون على الاستفادة من مكتسباتك ويهدفون إلى جعلك في صفهم، فلا بد أن تكون متنبهًا لهذا المعنى غاية التنبه.
القانون الثاني عشر: لا بد أن تعلم أيها الإسلامي أن النجاح الحقيقي لمشروعك هو بحسب ما تحققه من مقاصد الإسلام وأصوله في عموم طبقات المجتمع، وبحسب قدر الكتلة البشرية ونوعها التي اقتنعت بأفكارك الإصلاحية، وليس بحسب حزبك أو منصبك أو علاقاتك، فهذه الكتلة من أعظم المكاسب التي تحافظ على استمرار مشروعك ودعمه.
سلطان بن عبد الرحمن العميري
( جامعة أم القرى - قسم العقيدة )
- التصنيف: