الأسرى المصريون.. من يحررهم؟
رغم مرور ربع قرن من الزمان على توقيع معاهدة الاستسلام (المصرية/الإسرائيلية)، فما زال ملف محاكمة المجرمين الصهاينة عن قتل الأسرى المصريين في حروب 56 و67 م معلقاً...
رغم مرور ربع قرن من الزمان على توقيع معاهدة الاستسلام
(المصرية/الإسرائيلية)، فما زال ملف محاكمة المجرمين الصهاينة عن قتل
الأسرى المصريين في حروب 56 و67 م معلقاً، وهناك أيضاً ملف السجناء
المصريين الموجودين في السجون الإسرائيلية، والذين لا يعرف أحد حتى
الآن كم عددهم على وجه اليقين، ورفضت إسرائيل إدراجهم ضمن ملف تبادل
الأسرى مع حزب الله، وأغفلتهم الحكومة المصرية في صفقة (الجاسوس
الإسرائيلي) عزام عزام المفرج عنه مؤخراً.
وقد أعلن "مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء"، وهو منظمة حقوقية
مصرية، أنه بصدد التباحث مع الصليب الأحمر الدولي حول سبل تقديم
مساعدات للسجناء المصريين في إسرائيل، وأنه يسعى للتنسيق مع اللجنة
الدولية للصليب الأحمر الدولي لمتابعة أحوال السجناء المصريين في
إسرائيل ومساعدتهم على الاتصال بذويهم، وتقديم كافة الخدمات القانونية
الممكنة لهم.
العدد الحقيقي مجهول!!
لا يوجد إحصاء رسمي موثوق به لعدد السجناء المصريين في السجون
الإسرائيلية، وترجع مصادر دبلوماسية مصرية ذلك إلى أن معظمهم يتجنب
إبلاغ السفارة المصرية في تل أبيب بالقبض عليهم؛ لأن بينهم من دخل
إسرائيل بتأشيرة سياحة ثم ظل هناك للعمل.
ويقول محمد بسيونى (رئيس لجنة الدفاع عن الأسرى المصريين) في كتابه
(حق الدم) أن هؤلاء الأسرى مكبلون بقيود الأسر منذ 1956م، شاكياً من
تضارب أرقام الأسرى والمسجونين في زنازين العدو، ففيما يقدرهم بـ 47
أسيراً، يُقدر الصهاينة عدد المصريين لديهم ب 280 بين أسير وسجين
جنائي.
ونشرت مجلة "الأهرام العربي" المصرية تحقيقاً صحفياً في 8 يناير
2005م، جاء فيه أن هناك نحو 45 مصرياً مازالوا في سجون الاحتلال
الإسرائيلي ينتظرون اهتمام المسؤولين ومساعيهم للإفراج عنهم.
في 14 حزيران عام 1967م قال البريجادير صموئيل ايال (رئيس دائرة أسرى
الحرب في الجيش الإسرائيلي) قائلاً: إن إسرائيل تأمل تبادل 5499
أسيراً عربياً مقابل 16 جندياً إسرائيلياً أسروا خلال الحرب الأخيرة،
وادعى ايال أن في المعسكرات الإسرائيلية 4500 أسير مصري، زاعماً أن من
بينهم 300 ضابط بينهم تسعة برتبة جنرال.
صفقة عزام:
وكانت السلطات المصرية أفرجت في 5-12-2004م عن الجاسوس الإسرائيلي
"عزام عزام" الذي أدانه القضاء المصري في عام 1997م بتهمة التجسس
لحساب المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً، في
إطار ما وصفته وسائل الإعلام بأنه صفقة لمبادلته بستة طلاب مصريين
احتجزتهم إسرائيل منذ أغسطس 2004م، بتهمة التخطيط لتنفيذ هجمات ضد
القوات الإسرائيلية بقطاع غزة تضامناً مع الانتفاضة الفلسطينية.
وقد أثارت هذه الصفقة ردود فعل غاضبة من المعارضة المصرية، وبعض
القوى السياسية والشعبية التي اعتبرت أن إطلاق سراح عزام بعدما أمضى
في السجون المصرية 8 سنوات، قد جاء خضوعاً للابتزاز الإسرائيلي، رافضة
التبرير الحكومي بأن الأهم هو تحرير الطلاب المصريين الذين كانوا على
وشك المثول أمام المحاكم الإسرائيلية.
وكانت قضية الجاسوس عزام عزام تكشفت خيوطها في نوفمبر/تشرين الثاني
عام 1996م، وقد حاول حزب العمل الإسرائيلي أن يقوم بوساطات لضمان عدم
محاكمة عزام لكن دون جدوى، وكذلك اقترح ديفيد ليفي (وزير خارجية
إسرائيل) مقايضة عزام بشيخ الأسرى المصريين (محمود سليمان السواركي)
الذي اعتقلته عصابات آل صهيون عام 1978م؛ لأنه قتل بمفرده 18 جندياً
صهيونياً عام 67 م بإلقاء قنبلة يدوية وحكمت عليه "إسرائيل" بـ 500
(خمسمئة) سنة سجن تقريباً، قضى منها 21 عاماً، حتى أطلق سراحه في
نهاية التسعينيات، ولا يزال يعالج حتى الآن من آثار التعذيب وسوء
المعاملة على أيدي الإسرائيليين.
الاعتراف سيد الأدلة:
وفي إطار الجرائم العسكرية كشف (الباحث الإسرائيلي) الدكتور إسرائيل
شاحاك النقاب عن أن آلاف الجنود المصريين الذين أسروا في حرب 1967م
تمت إبادتهم بالقتل المباشر على يد اليهود غير المتدينين، وبالقتل غير
المباشر على يد اليهود المتدينين الذين تحايلوا على نصوص الشريعة
اليهودية بعدم جواز قتل غير اليهودي إن لم يكن محارباً.
في حرب 1967م كان القادة العسكريون الصهاينة يستقلون طائرات
الهليكوبتر لاصطياد الجنود المصريين في الصحراء وهم بدون سلاح أو مؤن.
ويقول صحفي "إسرائيلي:" إن عسكرياً "إسرائيلياً" أخبره أنه أطلق سراح
أسيرين مصريين ثم أخرج مسدسه وقتلهما من الخلف.
وفي عام 1995م وفي إطار حملة تشهير متبادلة بين جنرالات الحرب
الصهاينة، قام أحدهم بتسريب معلومات إلى الصحف العبرية عن تفاصيل
جريمة حرب ارتكبها خصمه اللواء أرييه يسحاقي، فاضطر يسحاقي للاعتراف
بـإعدام 300 أسير مصري ودفن بعضهم أحياء!
وقد أثار هذا الاعتراف غضب رجال الإعلام والمثقفين المصريين، فقاموا
بحملة إعلامية هدفها الضغط على الحكومة للكشف عن خفايا ملف إعدام
الأسرى المصريين، وأثمرت الحملة عن اكتشاف 12 قبراً جماعياًَ، تحتوي
على رفات 2700 أسيراً مصرياً تم دفنهم أحياء كما أثبتت تقارير الطب
الشرعي لاحقاً.على إثر ذلك تحمس المحامي المصري محمود سعيد لطفي ورفع
قضية ضد شارون أمام محكمة جنايات مدينة العريش، مطالباً شارون دفع
مبلغ 60 مليار جنيه مصري كتعويض لأهالي الأسرى الشهداء.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن باحث إسرائيلي قوله: إن هناك مذابح
بشعة جرت خلال حرب يونيو (حزيران) 1967م، وأوضح ارييه يتسحاقي
(الأستاذ في جامعة بار إيلان في تل أبيب) أن القوات الإسرائيلية أجهزت
على ما يقرب من 900 جندي مصري بعد استسلامهم خلال هذه الحرب، وأضاف
يتسحاقي في حديث للإذاعة إن "أكبر مذبحة جرت في منطقة العريش بشبه
جزيرة سيناء حيث أجهزت وحدة خاصة على حوالي 300 جندي مصري أو فلسطيني
من قوات جيش تحرير فلسطين".
شهود على الجريمة:
نقلت صحيفة الأهرام المصرية في 20/9/95 مشاهدات لبعثة استكشافية
لصحراء سيناء أكدت العثور على مقبرتين جماعيتين روى شهود عيان أنهما
تضمان رفات أسرى حرب مصريين عزل قتلوا برصاص جنود صهاينة في حرب عام
1967م، وجاء في تقرير البعثة أن أفرادها عثروا على بقايا عظام بشرية
في مقبرتين حفرتا في قاعدة جوية وواد صحراوي قرب مدينة العريش
الساحلية على مسافة 300 كيلومتر شمال شرق القاهرة.
وقال عبد السلام موسى (رقيب أول سابق في إحدى قواعد الدفاع الجوي على
خمسة كيلو مترات من العريش- الذي قام بدور الدليل للبعثة): إنه كان
بين مجموعة من الأسرى المصريين شاهدوا جنوداً صهاينة يقتلون أسرى
مصريين بالرصاص في 7/حزيران 1967م. وأضاف: "رأيت طابوراً من الأسرى
بينهم مدنيون وعسكريون، أطلقوا عليهم الرصاص دفعة واحدة، وبعد موتهم
أمرونا بدفنهم".
وفي وادي الميدان على 27 كيلومتراً من العريش كشف البدو للبعثة
موقعاً قالوا: إن الصهاينة قتلوا فيه 30 أسير حرب مصرياً وهم عزل،
وقال أحد البدو ويدعى الشيخ سليمان مغنم سلامة: "جاءت حافلات محملة
بجنود وقفت إحداها ونزل منها نحو 30 جندياً مصرياً وفتح اليهود عليهم
الرشاشات على أمتار من طريق الإسفلت في وادي الميدان". وأضاف أنه بعد
رحيل "الإسرائيليين" تولى البدو دفن الأسرى المصريين".
كما أجرت صحيفة الجمهورية المصرية في 12/10/1995م تحقيقاً صحفياً من
سيناء حول جرائم قتل إسرائيل للأسرى المصريين- عسكريين أو مدنيين- في
حربي 1956 و 1967م، تضمن التحقيق شهادات شهود عيان وجاء فيه أن هذه
الجرائم وفقاً لشهادة شهود العيان قد تجاوزت ما فعله النازيون مع
اليهود.
ونقلت الصحيفة عن الحاج حسن حسين المالح -65 عاماً-، الذي يسكن بجوار
منطقة النخيل بالقرب من منصب الوادي حيث شاطئ البحر بمنطقة أبو صقل،
قوله: إن الجنود الصهاينة كانوا يجمعون الأسرى المصريين بهذه المنطقة
بعربات النقل ويوهمونهم بأنهم سينقلونهم في أتوبيسات للتوجه إلى منطقة
القناة، ويأمرونهم بالوقوف صفوفاً ووجوههم متجهة إلى البحر، ثم يطلقون
عليهم الرصاص ويتركونهم قتلى ويغادرون المكان، وتتوالى نفس العملية في
عدة أفواج من الأسرى بلغ عددهم قرابة 3000 أسير، على حد قوله. وقال
الصحفي الذي أجرى التحقيق الصحفي: إن الحاج حسن المالح قادني إلى
مواقع الدفن، حيث تم الحفر واستخراج بعض الجثث والجماجم والعظام لأسرى
مقتولين بأيدي الجنود "الإسرائيليين".
26/4/1426 هـ
- التصنيف: