عن حلب وأخواتها، وواقعنا وآلامنا (5)
ثمة مواطنٌ للتعبد، لن تخْبُر صدقك في هذه العبوديات، بل لا مجال لها لمعرفة قيامها بالقلوب، إلا في مواطن كاشفة
ثمة مواطنٌ للتعبد، لن تخْبُر صدقك في هذه العبوديات، بل لا مجال لها لمعرفة قيامها بالقلوب، إلا في مواطن كاشفة، ولو ولّت عنك هذه المواقف فإنها لا تعود، ولن تعرف صدق هذه العبوديات إلا في مواطن الشدة تلك.
إن حسن الظن بالله واليقين في وعده والتوكل عليه والتفويض إليه مع انقطاع الأسباب الظاهرة أو بعضها أو ضعفها..
إن العمل إلى آخر لحظة للوصول إلى الهدف «لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» (السلسلة الصحيحة: 9) ، والعبودية على هيئة إلقاء النبي صلى الله عليه وسلم كفا من حصباء يوم بدر ففعل الله تعالى بها ما فعل حيث لم تترك عيني مشرك ولا منخريه إلا أصابته..
إن الصدق العميق مهما ضعفت دواعي الاستمرار وقويت دواعي الانقطاع..
كل هذه عبوديات، وغيرها، لا تؤدَى إلا في مثل مشهد حلب والموصل ورابعة وغزة وغيرها..
وإن من رحمة الله تعالى أنها مواقف لا تطول بإذن الله؛ فعما قليل ستنقشع بإذن الله، ولكن فاز في الشدة من ثبت، ولا يستطيع من أخفق أن يستعيد اللحظة ليؤدي فيها تلك العبودية، ونسأل الله تعالى العافية لنا ولجميع المسلمين، وأوصي نفسي وإخواني بالثبات على التصديق بوعد الله، والثبات على العهد معه؛ فمن كان على ثغرٍ فلا يترك ثغره «وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت» (البخاري: 6306)، والحمد لله رب العالمين.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي
- التصنيف: