دورة علمية ميسرة - الحلقة (5): التوحيد (3)
توحيد الألوهية يعني إفراد الله تعالى بحقه علينا وهو العبادة
الدورة العلمية الميسرة- الحلقة الخامسة - التوحيد (3): الألوهية
توحيد الألوهية يعني إفراد الله تعالى بحقه علينا وهو العبادة، ما حق الله على عباده؟؟
أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، لا في نسكٍ ولا في اتباع شرائع ولا في طاعة .
فالنُسك (كالصلاة و الحج والعمرة و شد الرحال والدعاء و الذبح و الهدي..إلخ ) لا تكون إلا لله وحده ..لا تصرف لوليٍ أو نبيٍ أو قبرٍ أو وَثن.
والاتباع لا يكون إلا لله وحده (باتِباع شريعته) ولا يحق لمخلوقٍ أن يشرع في مُلك الله فالله هو الخالق وهو صانع الكون وهو أدرى بما يصلحه وما يفسده وقد أنزل الشرائع لتدل الناس على ما يصلحهم في الدارين وتبعدهم عما يفسدهم، مثال : شركة اخترعت اختراعاً جديداً وأنزلت معه دليل للتشغيل والصيانة، فهل يحق أن نطلب طريقة تشغيلها وصيانتها من البَقال مثلاً، أم سيكون هذا غباءٌ محض، ولله المثل الأعلى: هو الذي خلق وهو الذي أنزل الشرائع لتدل الناس على طريقة حياتهم الصحيحة وطرق صيانتهم حتى يلقوا ربهم سالمين فكيف نطلب التحاكم إلى شريعةٍ غير شريعته أو منهجٍ غير منهجه، من فعل هذا فقد نازع الله في خلقه بلا أدنى شك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .
وكذا الطاعة لاتكون إلا في المعروف وفيما يرضي ربنا سبحانه فلا طاعة لمخلوق في معصية الله حتى لو كان هذا المخلوق هو أقرب الناس إليك وهو من وصاك الله بطاعته {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [لقمان جزء من الآية: 15] .
وكل الرسل أمروا أتباعهم بتوحيد العبادة (الألوهية)
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} [النحل من الآية: 36] .
والطاغوت المأمورون باجتنابه عَرَفه الإمام ابن تيمية بأنه: هو كل ما تجاوز العبد به حده من معبودٍ أو متبوعٍ أو مُطاع، و هذا ما سبق تناوله في السطور السابقة.
وحتى يُفرد العبد ربه في العبادة ينبغي أن يعرف ما هي العبادة:
العبادة: اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة ".ابن تيمية
فالعبادة ليست أعمالاً ظاهرةً فقط بل تدخل فيها الأعمال الباطنة أيضاً (أعمال القلوب)، وبالتالي وَجب على المسلم أن يفرد الله تعالى بأعماله الظاهرة: كالصلاة والدعاء والصدقة والدعوة والحج والعمرة والصوم ...إلخ ...فلا يُشرك فيها مع ربه أحدً سواء بشركٍ أكبر أو أصغر (رياء).
وكذا الأعمال الباطنة: كالحب والتوكل والولاء والبراء والخوف والرجاء .. إلخ ...يجب أن ينفرد بها الله في قلب العبد فلا يشاركه أحدٌ وإنما يكون الحب لله وإن أحب مخلوقاً فيحبه في الله وليس (مع الله) وإذا توكل يتوكل على الله وليس على مخلوقٍ وإذا خاف فلا يخاف إلا الله و إن رجا فلا يرجو إلا الله ..وهكذا .
و الله المستعان
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: