عن يناير ومعناه.. والحنين إليه

منذ 2017-01-26

قبعت البوم والغربان خلف الصبح الذي لاح.. مزقه جيل الهزائم وعجائز الستينات وأفواجٌ بلا عقول، ومتدينون كذبة، وفنانون فجرة، وسياسيون دجالون

في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام أدرك المصريون أن بإمكانهم أن يصنعوا شيئًا، وأن يغيروا التاريخ، وأن يوقفوا الانهيار، وأن يحسنوا أوضاعهم، وأن يقرروا مصيرهم وهويتهم وشكل بلادهم، بل وأن يقوموا بمحاولات جادّة للخروج من التخلف وكسر طوق التبعية، وأن يكونوا أندادًا للأمم المتقدمة، بل وأن يحوزوا إعجاب العالم ويصبحوا محل قدوة؛ يردد الأمريكيون في (داون استريت) هتافاتهم وباللغة العربية وباللهجة المصرية! وأن تشكل أممٌ ميادين للتحرير على غرار ميداننا..
قبع الظلام خلف النور وقبعت البوم والغربان خلف الصبح الذي لاح.. مزقه جيل الهزائم وعجائز الستينات وأفواجٌ بلا عقول، ومتدينون كذبة، وفنانون فجرة، وسياسيون دجالون وتافهون، وإعلاميون مأجورون، وقطعان ناطحة رافسة غاضبة تمتلئ أحقادًا لتطوّق عنقها بالحبل وتتردى مع بلادها في بئر مهين، ثم ليصرخوا صراخ الأحمق وينادوا نداء العاجز! 
عادت العجول إلى الحظيرة؛ هتفوا عن الوطنية المكذوبة في بلاهة، وأمسكوا خنجرًا طعنوا به أشرفَ من جاءهم، وخير من قادهم، ومن طلب لهم الخير وأخلص لله ولهم، وفداهم بنفسه.. ثم أعطوا قيادهم لجزارهم، يطعن أخلص أبنائهم ويطعنهم!
لكن بقيت بقية، واشتعلت جذوة، ورأى قوم ما خلف السور، وعرفوا أن خلف الأسوار عِزة ومروجا وأنهارا، وأن الدنيا أفسح مما صور لهم السجان حيث صور لهم أنه لا أفسح من جدران سجنهم!
بقيت بقية علموا أنهم قادرون وليسوا عجزة كما صور لهم السجان؛ ولن يرضوا بأقل من تحطيم السور.. 
عانق قوم السحاب وعلموا أن بإمكانهم التحليق والارتفاع ولن يرضوا بالرجوع..
بقيت بقية في تيار الأحداث وواقع اليوم؛ يتكلم الناس اليوم عن تاريخ العسكر وعن التبعية للصهاينة والأمريكان، وعن الفساد ومؤسساته وعن الطائفية وأبعادها، وعن دينهم ودوْره وعن حقيقة الصراع، وعن سعة تصور الأمة لما في طياتها من أعراقٍ وطوائف.. وأن الإسلام هو السبيل، وهو حبل النجاة.
رغم كل الغيوم ثمة حدث وقع، وأثر بقي، وهو قابل للإمتداد.. بل طبيعته الإمتداد حتى يحدد للضياء مساراً..

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مدحت القصراوي

كاتب إسلامي