دورة علمية ميسرة - الحلقة (12): أركان الإيمان (5) الإيمان بالقدر

منذ 2017-01-28

الإيمان بالقدر يعني الإيمان بعلم الله المحيط وكتابته لما كان وما سيكون من العباد

الإيمان بالقدر يعني الإيمان بعلم الله المحيط وكتابته لما كان وما سيكون من العباد، ولا يعني كتابته لذلك أنه أجبرهم على كفر أو إيمان؛ وإنما يعني أنه كامل العلم سبحانه لذا يعلم ما سيكون من العبد دون إجبار منه لعبده على كفر أو إيمان فالعبد في اختبار وله حرية الاختيار لأنه سيجازيه عن اختياره. وإذا آمن العبد بأن الله حكيم فلا يصدر عنه فعل إلا لحكمة وأن الله عدل لا يظلم أحدًا اطمأن قلب العبد لقدره وعليه أن يعمل للقاء الله.

ومن الإيمان بالقدر الإيمان بقدرة الله تعالى ومشيئته فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ولا يعني جريان شيء في كونه وهو لا يحبه سبحانه أنه لم يقدر على منعه وإنما هو أجرى اختبارات العباد والابتلاء بالخير والشر فتنة لهم ليبلوهم أيهم أحسن عملًا، فما شاء الله تعالى فهو كائن بقدرته لا محالة وما لم يشأ الله تعالى لم يكن وذلك لعدم مشيئة الله إياه لا لعدم قدرة الله عليه.

ومن الإيمان بالقدر: الإيمان بأن الله خالق كل شيء سبحانه ولا خالق غيره وهو مالك كل شيء ولا مالك غيره.

قال العلامة حافط بن أحمد حكمي رحمه الله:

س: ما دليل الإيمان بالقدر جملة؟

جـ: قال الله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} [الأحزاب:38]، وقال تعالى: {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال:44]، وقال تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب:37]، وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:11] الآية.

  وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران:166]، وقال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:156، 157]، وغير ذلك من الآيات، وتقدم في حديث جبريل: «وتؤمن بالقدر خيره وشره» (البخاري:50)، وقال صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك» (كشف الخفاء:1/366)، وقال صلى الله عليه وسلم: «وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللَّهُ، وما شاءَ فعلَ» (مسلم:2664)، وقال صلى الله عليه وسلم:  كل شيء بقدر حتى العجز والكيس  وغير ذلك من الأحاديث.

س: كم مراتب الإيمان بالقدر؟

جـ: الإيمان بالقدر على أربع مراتب:

المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وأنه تعالى قد علم جميع خلقه قبل أن يخلقهم، وعلم أرزاقهم وآجالهم وأقوالهم وأعمالهم وجميع حركاتهم وسكناتهم وأسرارهم وعلانيتهم ومن هو منهم من أهل الجنة ومن هو منهم من أهل النار.

المرتبة الثانية: الإيمان بكتابة ذلك، وأنه تعالى قد كتب جميع ما سبق به علمه أنه كائن، وفي ضمن ذلك الإيمان باللوح  والقلم.

المرتبة الثالثة: الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، وهما متلازمتان من جهة ما كان وما سيكون ولا ملازمة بينهما من جهة ما لم يكن ولا هو كائن ؛ فما شاء الله تعالى فهو كائن بقدرته لا محالة وما لم يشأ الله تعالى لم يكن لعدم مشيئة الله إياه لا لعدم قدرة الله عليه، تعالى الله عن ذلك وعز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر:44].

المرتبة الرابعة: الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأنه ما من ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا فيما بينهما إلا والله خالقها وخالق حركاتها وسكناتها سبحانه، لا خالق غيره ولا رب سواه.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
الحلقة (11): أركان الإيمان (4) الإيمان باليوم الآخر
المقال التالي
الحلقة (13): وقفة مع البدعة و أنواعها