ترجمة الحسن البصري

منذ 2017-02-20

ترجمة وتعريف مختصر للتابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله.

ترجمة الحسن البصري[1]

اسمه ونسبه:

هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الأنصاري، ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي.

ألقابه:

في تذكرة الحفاظ للذهبي: الإمام شيخ الإسلام أبو سعيد البصري، ورأس طبقة التابعين.

وابن العماد في شذرات الذهب: إمام أهل البصرة.

والداه:

قال عبد السلام ابن مطهر، عن غاضرة بن قرهد[2] العوفي: وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية، ويقال: كان مولى جميل بن قطبة[3]. ويسار أبوه من سبي ميسان[4].

وثمة روايتان أخريان عن والدي الحسن هما:

قال حجاج بن نصير: سبيت أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به، وولدته بالمدينة.

وقال سويد بن سعيد: حدثني أبو كرب، قال: كان الحسن وابن سيرين موليين لعبد الله بن رواحة، وقدما البصرة مع أنس.

قال الذهبي: القولان شاذان[5].

قال المدائني: قال الحسن: كان أبي وأمي لرجل من بني النجار، فتزوج امرأة من بني سلمة، فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية[6].

وفي طبقات ابن سعد: أخبرنا روح بن عبادة حدثنا أسامة بن زيد عن أمه قالت رأيت أم الحسن تقص على النساء.

حياته بالمدينة:

سكن يسار أبوه المدينة، وأعتق، وتزوج بها في خلافة عمر، فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة، ثم نشأ الحسن بوادي القرى، وحضر الجمعة مع عثمان، وسمعه يخطب، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة[7].

يونس، عن الحسن، قال لي الحجاج: ما أمدك يا حسن؟ قلت: سنتان من خلافة عمر[8].

عيسى بن يونس، عن الفضيل أبي محمد: سمعت الحسن يقول: أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة، جمعت القرآن، أنظر إلى طلحة بن عبيد الله.

وعن الأعمش في حلية الاولياء، يقول: ما زال الحسن البصري يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء.

في بيت أم المؤمنين:

قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة فيبكي وهو طفل فتسكته أم سلمة بثديها.

وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة [9].

حريث بن السائب: حدثنا الحسن، قال: كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ[10].

مع الصحابة:

رأى عثمان، وطلحة، والكبار[11].

وقال شعيب بن الحبحاب، عنه: رأيت عثمان يصب عليه من إبريق[12].

ضمرة، عن ابن شوذب، قال: قال الحسن: كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة، ثم قال الحسن: لولا النسيان كان العلم كثيرا[13].

دعاء الصحابة له:

قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: وكانت أم سلمة تخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وكانت أمه منقطعة إليها، فكانوا يدعون له، فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس[14].

 

حياته بالبصرة:

ولم يطلب الحديث في صباه، وكان كثير الجهاد، وصار كاتبا لأمير خراسان الربيع ابن زياد.

وقال سليمان التيمي: كان الحسن يغزو، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء، ثم جاء الحسن فكان يفتي[15].

 

ثناء المعاصرين والعلماء عليه:

وكان سيد أهل زمانه علما وعملا.

قال معتمر بن سليمان: كان أبي يقول: الحسن شيخ أهل البصرة[16].

قال محمد بن سعد[17]: كان الحسن رحمه الله جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، وسيما.

حميد بن هلال: قال لنا أبو قتادة: الزموا هذا الشيخ، فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر منه - يعني الحسن[18].

وعن أنس بن مالك، قال: سلوا الحسن، فإنه حفظ ونسينا.

وقال مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة، فهو يخبر عما عاين[19].

مجالد، عن الشعبي قال: ما رأيت الذي كان أسود من الحسن.

وقال قتادة: ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه شيء، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن.

وقال معاذ بن معاذ: قلت للأشعث: قد لقيت عطاء وعندك مسائل، أفلا سألته؟! قال: ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني.

وقال أبو هلال: كنت عند قتادة، فجاء الخبر بموت الحسن، فقلت: لقد كان غمس في العلم غمسة، قال قتادة: بل نبت[20] فيه وتحقبه[21] وتشربه، والله لا يبغضه إلا حروري[22].

حماد بن زيد، عن حجاج بن أرطاة: سألت عطاء عن القراءة على الجنازة، قال: ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها، قلت: إن الحسن يقول: يقرأ عليها[23]: قال عطاء: عليك بذاك، ذاك إمام ضخم يقتدى به.

وقال عوف: ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن[24].

حدثنا خالد بن صفوان، قال: لقيت مسلمة بن عبدالملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه الناس سريرة بعلانية، وأشبهه قولا بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنياً عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك، كيف يضل قوم هذا فيهم[25].

قال أيوب السختياني: لو رأيت الحسن لقلت: إنك لم تجالس فقيهاً قط.

وعن الأعمش، قال: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء[26].

 

د. أحمد عبد الوهاب الشرقاوي

________________________

[1]- مصدرنا الأساسي في ترجمة الحسن البصري هو: الذهبي الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748هـ/1374م: سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة، 1413هـ/1993م، جـ4، ص563-588.

[2]- كذا في الأصل، وضبطه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الثالث 56: (فرهد) بالفاء.

[3]- انظر أخبار القضاة 2/4.

[4]- ميسان: كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط. انظر معجم البلدان.

[5]- وانظر أخبار القضاة 2/3.

[6]- انظر ابن سعد 7/156.

[7]- الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ4، ص567.

[8]- ابن سعد 7/157، والأمد: أمدان، الأول عند ولادة الإنسان، والثاني عند موته. وقول الحجاج من الأول كما في التاج أمد.

[9]- انظر الخبر في الحلية 2/147.

[10]- انظر ابن سعد 7/161.

[11]- الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ4، ص569.

[12]- ابن سعد 7/157.

[13]- الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ4، ص572.

[14]- أخبار القضاة 2/5.

[15]- الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ4، ص574.

[16]- الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ4، ص577.

[17]- في الطبقات 7/157 و 158.

[18]- ابن سعد 7/161 والمعرفة والتاريخ 2/47، 48 بنحوه.

[19]- انظر: المعرفة والتاريخ 2/48.

[20]- ابن سعد: (ثبت).

[21]- ابن سعد: (تحقنه).

[22]- ابن سعد 7/174.

[23]- وهو في الصحيح، فقد أخرج البخاري في صحيحه 3/164 عن طلحة بن عبدالله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة.

[24]- انظر المعرفة والتاريخ 2/50.

[25]- الحلية 2/147، 148، وأورده الفسوي في (المعرفة والتاريخ) 2/51، 52 من طريق عبد الله بن بكير السهمي عن محمد بن ذكوان، ولفظه: (... كيف ضل قوم هذا فيهم - يعني إتباعهم ابن المهلب).

[26]- الحلية 2/147، وأورد الفسوي بعضه في (المعرفة والتاريخ) 2/45.