مع القرآن - "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ"

منذ 2017-02-18

فمن أبصر وعَقِل وتأمل فقد عرف الطريق وأما من عَميت أبصارهم وأظلمت أفئدتهم باختيارهم فيكفيهم سُنة الله في الأمم المكذبة من قبلهم وما حاق بهم بسبب عِنادهم وإصرارهم على التكذيب....ويوم القيامة موعد الجميع.

يا معشر من لا يؤمن إلا بما شاهدت عيناه، يا من تطلبون من الرسل وأتباعهم رؤية الآيات التي تشترطونها تعجيزاً.

لو أن من كلمات الله وكتبه كتاباً يحقق مثل ما تتخيلون من معجزات حِسية لكان هذا القرآن، ولكنه أنزله كمنهجٍ كاملٍ شاملٍ للحياة لا مثيل له ولا نِد ولا شبيه.

فمن أبصر وعَقِل وتأمل فقد عرف الطريق وأما من عَميت أبصارهم وأظلمت أفئدتهم باختيارهم فيكفيهم سُنة الله في الأمم المكذبة من قبلهم وما حاق بهم بسبب عِنادهم وإصرارهم على التكذيب....ويوم القيامة موعد الجميع.

{وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}  [الرعد: 31].

قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى مبينًا فضل القرآن الكريم على سائر الكتب المنزلة: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} من الكتب الإلهية {سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} عن أماكنها {أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرْضُ} جنانًا وأنهارًا {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} لكان هذا القرآن.

{بَلْ لِلَّهِ الأمْرُ جَمِيعًا} فيأتي بالآيات التي تقتضيها حكمته، فما بال المكذبين يقترحون من الآيات ما يقترحون؟ فهل لهم أو لغيرهم من الأمر شيء؟.

{أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} فليعلموا أنه قادر على هدايتهم جميعًا ولكنه لا يشاء ذلك، بل يهدي من يشاء، ويضل من يشاء {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا} على كفرهم، لا يعتبرون ولا يتعظون، والله تعالى يوالي عليهم القوارع التي تصيبهم في ديارهم أو تحِل قريبًا منها، وهم مصرون على كفرهم {حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ } الذي وعدهم به، لنزول العذاب المتصل الذي لا يمكن رفعه، {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} وهذا تهديد لهم وتخويف من نزول ما وعدهم الله به على كفرهم وعنادهم وظلمهم.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
لماذا امتنع الكفار؟
المقال التالي
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ