مع القرآن - "قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ"

منذ 2017-02-18

ما الجديد إذن في ادعاء الشريك سواء كان هذا الشريك ابنًا كما يدعي النصارى أو وثنًا كما يدعي أهل الأوثان أو عزيراً كما يدعي اليهود ...إلى آخر أنواع الشرك والمشركين .

الله قيوم السماوات والأرض كل الخلائق تفتقر إليه ولا تقوم ولا تحيا إلا بأمره ولا حركة لها ولا سكون إلا بقيوميته وقوته  سبحانه، وهذا يُقر به الجميع حتى الكفار: { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ} [لقمان جزء من الآية:25]. 

فما الجديد إذن في ادعاء الشريك سواء كان هذا الشريك ابنًا كما يدعي النصارى أو وثنًا كما يدعي أهل الأوثان أو عزيراً كما يدعي اليهود ...إلى آخر أنواع الشرك والمشركين .

طالما تقرون بإلهيته إذن فلن يكذب على خلقه  الضعفاء المحاويج، وطالما هو سبحانه نفى وجود شريك له في الخلق والأمر والألوهية فقد صدق، أم أنكم تدعون أنكم وقعتم على ما لا يعلمه الله فتخبرونه بما لا يعلم؟؟
والحقيقة أن أقصى ما يمكنكم ادعاءه لا يخرج عن كونه أقوال وادعاءات ظاهرة لا حقيقة لها.

وإنما زين لهم الشيطان ما وصلوا إليه من شرك وزينت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء فأطاعوا أنفسهم وأطاعوا الشيطان فاستحقوا الضنك في الدنيا وإن كانوا أغنى الناس واستحقوا عذاب الآخرة وإن كانوا ملوك الأرض.
{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} [الرعد: 33 - 34].

قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} بالجزاء العاجل والآجل، بالعدل والقسط، وهو الله تبارك وتعالى .

ولهذا قال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ} وهو الله الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له ولا ند ولا نظير، {قُلْ} لهم إن كانوا صادقين: {سَمُّوهُمْ} لتعلم حالهم {أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ} فإنه إذا كان عالم الغيب والشهادة وهو لا يعلم له شريكا، علم بذلك بطلان دعوى الشريك له، وأنكم بمنزلة الذي يُعَلِّمُ الله أن له شريكا وهو لا يعلمه، وهذا أبطل ما يكون؛ ولهذا قال: {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} أي: غاية ما يمكن من دعوى الشريك له تعالى أنه بظاهر أقوالكم.
وأما في الحقيقة، فلا إله إلا الله، وليس أحد من الخلق يستحق شيئًا من العبادة، ولكن {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ} الذي مكروه وهو كفرهم وشركهم، وتكذيبهم لآيات الله {وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ} أي: عن الطريق المستقيمة الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} لأنه ليس لأحدٍ من الأمر شيء.
{لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ} من عذاب الدنيا لشدته ودوامه، {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ} يقيهم من عذاب الله، فعذابه إذا وجهه إليهم لا مانع منه.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ
المقال التالي
"عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا"