روح وريحان: استشارة قرآنية (1)
ما هو السبب الذي يجعل هناك هيبة وخوف من القدرة على حفظ القرآن كاملًا؟ وما السبب وراء فكرة الفشل التي تُسيطر على كثير ممن يحاولون البدء بحفظ القرآن؟
سؤال
إحساس غريب يراودني لا أعلم هل هو خوف أم وسوسة، وهو أني لن استطيع حفظ المصحف كاملًا، وأنني كلما تقدمت بالحفظ سأنسى ما حفظته سابقًا، وهذه الافكار تشوشني أثناء الحفظ، فماذا أفعل؟
وأخرى تقول:
عقلي لا يستوعب فكرة أني ممكن أحفظ القرآن كاملًا لكن أمنيتي هي أن أحفظه.
الجواب
تأملت السؤالان وتسائلت:
ما هو السبب الذي يجعل هناك هيبة وخوف من القدرة على حفظ القرآن كاملًا؟
وما السبب وراء فكرة الفشل التي تُسيطر على كثير ممن يحاولون البدء بحفظ القرآن؟
فالقرآن هو كتاب واحد فقط، وكل من يرغبوا بالحفظ ويخشون الفشل، سبق وأن قضوا سنوات وسنوات في قراءة ودراسة وحفظ المئات وقد يكون الآلاف من الكتب التي بلغ عدد صفحاتها أكثر من المصحف بكثير وقد يكون بعضها معقدًا جدًا ويحتاج للكثير من الجهد لدراسته وحفظه مثل الرياضيات والعلوم والأحياء والفيزياء والكيمياء وعلم النفس والجغرافيا وغيرها.
ولم أجد جوابًا سوى أنها مجرد وساوس من الشيطان بثَّها في عقول بعض الناس وانتشرت بينهم حتى ظنوا أنها واقع وحقيقي، مما تسبب في إدخال الحزن والخوف على قلوب مشتاقة للقرب من الله.
فلو تأملتِ يا رفيقتي لوجدتِ أن هناك الملايين والملايين حول العالم ممن حفظن القرآن:
فمنهن الطفلة التي بلغت الرابعة من عمرها..
ومنهن الفتاة الشابة..
ومنهن من بلغت الخمسين..
ومنهن من تعدت الثمانين من عمرها..
منهن السليمة المعافاه..
ومنهن المعاقة ذهنيًا والتي لا تفقه شيئًا من القرآن..
منهن الفتاة التي تملك وقتها وقامت بتنظيمه واستغلاله في حفظ القرآن..
ومنهن الأم التي تعيش في بيت العائلة ولا تملك من وقتها شيئًا لكنها جمعت الآية مع الآية حتى أكملت حفظ القرآن كاملًا..
منهن العربية التي لا تعلم القراءة والكتابة لكنها اجتهدت لتحفظ القرآن بكثرة الإستماع إليه..
ومنهن الأعجمية التي لا تفقه شيئًا من العربية لكنها اجتهدت في تعلم قراءة الحروف لتحفظ القرآن..
وبعد ذكر كل تلك النماذج يا رفيقتي،اخبريني الآن بسبب واحد يمنعك من حفظ القرآن كاملًا؟
اخبريني بسبب واحد يمنعك من تحقيق دوافعك التي كتبتيها قبل أن نبدأ المشروع؟
هل تتذكريها؟
تلك الدوافع (النوايا) التي طلبتُ منك كتابتها ووضعها في مصحفك لتكون حافز لك على الاستمرار وتجديد نشاطك كلما شعرتِ بالتردد والفتور؟
أريدك أن تذهبي (الآن) وتقرئيها مرة أخرى وتتأمليها مع الحرص على تجديد النية.
وإعلمي أنه لا مجال للنسيان بعون الله إذا أنتِ التزمتِ بواجباتك خاصة المراجعة اليومية (مراجعة القريب والبعيد).
وأخيرًا نصبحتي لكِ حتى تتخلصي من تلك الأفكار والمخاوف:
1. لا تنظري للقرآن ولا لعدد صفحاته ولا لعدد أجزاؤه، وإنما انظري لنفسك وقلبك ورغبتك بالعيش مع القرآن، فلا يهم كم صفحة وكم سورة حفطتِ وستحفظين، بل الأهم هو التلذذ والترنم والتدبر والعيش مع الآيات مع حفظها بإتقان، أليس مشروعنا هو: روح وريحان للعيش مع القرآن؟
2. لا تنظري للهدف الرئيسي وهو حفظ القرآن كاملًا لأن هذا هو مشروع العمر وكثرة النظر للمستقبل البعيد تتسبب في الفتور والخمول، ولكن انظري للأهداف الصغيرة التي يمكنك تنفيذها الآن وتتبع إنجازك فيها، وهي حفظ صفحتين ونصف كل إسبوع.
فاستعيني بالله رفيقتي وكوني صادقة النية وسيُعينك الله ويوفقك بعونه سبحانه.
سوزان بنت مصطفى بخيت
كاتبة مصرية
- التصنيف:
- المصدر: