مع القرآن - نهاية قوم لوط

منذ 2017-03-07

لك أن تتفكر في قومٍ خدعتهم الدنيا وعاندوا واستكبروا عن أمر الله

قبل أن نعيش مع هذا المشهد المروع وتلك النهاية العادلة:

لك أن تتفكر في قومٍ خدعتهم الدنيا وعاندوا واستكبروا عن أمر الله، وبالفعل نزل قضاء الله فيهم وهاهم بجهلهم يرفضون عرض لوط بالزواج من النساء والعودة للفطرة السوية، ويصرون على معاشرة ملائكة العذاب
غرور وجهل واستكبار و انخداع بالدنيا، انساقوا خلف شهواتهم حتى أعمتهم تمامًا، كما أعمت ولا زالت تعمي أمثالهم عبر التاريخ الإنساني كله.

قَالَ {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ *وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77)} [الحجر: 71-77]

قال السعدي في تفسيره:

فـ {قَالَ} لهم لوط من شدة الأمر الذي أصابه: {هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} فلم يبالوا بقوله ولهذا قال الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم  {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} وهذه السكرة هي سكرة محبة الفاحشة التي لا يبالون معها بعذل ولا لوم.

فلما بينت له الرسل حالهم، زال عن لوط ما كان يجده من الضيق والكرب، فامتثل أمر ربه وسرى بأهله ليلا فنجوا، وأما أهل القرية {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} أي: وقت شروق الشمس حين كانت العقوبة عليهم أشد، {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} أي: قلبنا عليهم مدينتهم، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} تتبع فيها من شذ من البلد منهم.

 {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي: المتأملين المتفكرين، الذين لهم فكرٌ ورويةٌ وفراسة، يفهمون بها ما أريد بذلك، من أن من تجرأ على معاصي الله، خصوصًا هذه الفاحشة العظيمة، وأن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات، كما تجرأوا على أشنع السيئات.

{وَإِنَّهَا} أي: مدينة قوم لوط {لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} للسالكين، يعرفه كل من تردد في تلك الديار {إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.

وفي هذه القصة من العبر: عنايته تعالى بخليله إبراهيم، فإن لوطا عليه السلام من أتباعه، وممن آمن به فكأنه تلميذ له، فحين أراد الله إهلاك قوم لوط حين استحقوا ذلك، أمر رسله أن يمروا على إبراهيم عليه السلام كي يبشروه بالولد ويخبروه بما بعثوا له، حتى إنه جادلهم عليه السلام في إهلاكهم حتى أقنعوه، فطابت نفسه.
وكذلك لوط عليه السلام، لما كانوا أهل وطنه، فربما أخذته الرقة عليهم والرأفة بهم قدَّر الله من الأسباب ما به يشتد غيظه وحنقه عليهم، حتى استبطأ إهلاكهم لما قيل له: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود جزء من الآية: 81] ومنها: أن الله تعالى إذا أراد أن يهلك قرية ازداد شرهم وطغيانهم، فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.

#مع_القرآن

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
إبراهيم مؤسس الحنيفية والبشرى بالولد
المقال التالي
تكذيب رسول كفر بالجميع