التغيير في مصر.. وتجارة الإخوة الأعداء !!

منذ 2011-02-08

سبحان الله!! كيف يلتقي المتناقضون في خطابهم على موقف واحد من قضية مهمة وحساسة، مثل التغيير الذي يجري في مصر العزيزة، بوتيرة متسارعة. فها هو الغرب الصليبي يعاني من صدمة قاسية ثانية..


سبحان الله!! كيف يلتقي المتناقضون في خطابهم على موقف واحد من قضية مهمة وحساسة، مثل التغيير الذي يجري في مصر العزيزة، بوتيرة متسارعة.
فها هو الغرب الصليبي يعاني من صدمة قاسية ثانية، لا تفصلها عن الأولى، أي: الصدمة التي تلقاها على يد الشعب التونسي المسلم سوى ثلاثة أسابيع، وهي أبعد أثراً وأعمق غوراً من الصفعة التونسية بحكم موقع مصر الجغرافي وحجمها السكاني وتأثيرها الحيوي في العالم العربي.بيد أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية استفاد من الخطأ الفادح الذي ارتكبه في التعامل مع "ثورة الياسمين" التي خلعت صنيعته المستبد زين العابدين بن علي، ولذلك لم تتأخر ردة فعل واشنطن التي بادرت إلى إمساك العصا من منتصفها عند اندلاع شرارة التمرد الشعبي الواسع، ثم اضطرتها الأحداث المتلاحقة بسرعة غير متوقعة إلى ممارسة ضغوط فعلية على الرئيس المصري لكي يقدم تنازلات حقيقية للشباب المتظاهرين بلا أي عنف، وهم الذين أنجزوا مفاجأة أذهلت الجميع في الداخل-في الحكم والمعارضة على حد سواء-وكذلك في الخارج.

ولا أحد يجهل أن هذا الغزل النسبي الأمريكي مع التغيير وصانعيه ليس هياماً بزوال نظام من أبرز حلفاء العم سام منذ اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978م، وإنما لتقليص حجم الخسارة الإستراتيجية الكبرى، وحرصاً على اجتناب مزيد من البغضاء للسياسة الأمريكية المكروهة أصلاً، مع بذل أقصى جهد مستطاع لسرقة الثورة ولو بصورة خفية وجزئية.


أما التغريبيون - ولا سيما الغلاة منهم - فقد صعقهم التغيير الجذري، الذي يبدو من ملامحه المبدئية، أنه لن يتيح لهم فرصة احتكار الإعلام والثقافة ، التي ظلت ممنوحة لهم في العقود الثلاثة الماضية بدرجة مستفزة-وإلا فإن هذا الاحتكار الإرهابي يعود إلى عهد الاحتلال الإنجليزي!! -.

واجتمع الخاسرون : الغرب و النظام القائم والمنتفعون منه مادياً وسلطوياً، فأخذوا يرددون أكذوبة أن الإسلاميين هم الذين سوف يسيطرون على البلاد إذا انهار نظام مبارك، وسعياً منهم إلى ترسيخ هذه الأسطورة راحوا يكيلون الاتهامات المختلقة للمظاهرات الحاشدة الضخمة في سائر المدن المصرية، بأنها ألعوبة في أيدي التيار الإسلامي الأكبر في مصر: الإخوان المسلمون، علماً بأن ما تنقله الفضائيات من القاهرة من صور وأقوال وشعارات، يقطع بما لا يدع للشك متنفساً، بأن الشباب انتفضوا ثم حاولت الأحزاب والتيارات المختلفة أن تلحق بحركتهم.


ولأن المجال هنا محدود، فإننا سوف نغض الطرف عن تهافت القضية من جذرها لأنها تصادر حق الإسلاميين دائماً وأبداً في الوصول إلى الحكم حتى من خلال السبل "الديمقراطية" التي يتشدق الغرب بها ويباهي الأمم!! لكن المضحك/المبكي في الأمر، أن النظام نفسه أسقط أكذوبته وأكذوبة شركائه في فترة لا تتجاوز بضعة أيام، حيث أعلن عمر سليمان -نائب رئيس الجمهورية الذي عُيّنَ حديثاً تحت وطأة الثورة السلمية-، أن النظام المأزوم سعى إلى إجراء حوار مع الجماعة المحظورة لكنها مترددة!! وكرر رئيس الحكومة المكلف-أحمد شفيق- الاعتراف ذاته، ثم جاء الرد المُحْرِج على لسان الإخوان الذين أكدوا أنهم ليسوا مترددين في محاورة النظام المتداعي بل إنهم رفضوها جملة وتفصيلاً.وإن كانوا قد ارتضوا الدخول في تفاوض مع النظام في وقت لاحق، مشترطين الاقتصار على جولة واحدة لاستطلاع نيات النظام!! فالمهم هو أن النظام الذي أصر على إقصاء الإسلاميين كافة على مدى نصف قرن ونيف اضطر إلى استجداء التفاوض معهم، وتناسى كذب رؤوسه وأبواقه قبل أيام فقط ضدهم وسعيه إلى تحريض الغرب عليهم تحريضاً إضافياً ثبت أنه لم يعد مجدياً.


وجاءت إلى هؤلاء الخاسرين جميعاً هدية ثمينة، من نظام الملالي في طهران، الذي أراد تسديد طعنة في الظَّهْر للثورة الشعبية المصرية، ولكن في ثوب زائف يحمل غلاف محبة مزعومة.

فهم تعمدوا صب الزيت على النار، من خلال ثنائهم الكاذب على حركة التغيير في مصر، وادعائهم أنها ثورة إسلامية!! وقد أسدوا بذلك خدمة مجانية مزدوجة ومهمة للغاية للغرب وأدواته من مناوئي التغيير الجذري والكبير، عبر تثبيت أكذوبة الهيمنة الإسلامية على الحركة، وأنها صنيعة إيرانية!!

صحيح أن ملالي قم يمقتون حسني مبارك ويتمنون زوال حكمه، لكن السبب يعود فقط إلى أنه تصدى لمشاريع تمددهم المجوسية في المنطقة، أما غرامهم المزعوم بالثائرين فإنه يعد بمثابة "قُبْلة موت" للتغيير غير المسبوق في أكبر بلد عربي.وما من ريب في أن الصفويين الجدد يدركون أن مصر إذا تمتعت بحريات حقيقية فإنها سوف تكون عائقاً أشد في مواجهة أطماع أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي.


وقد تناسى هؤلاء الأفاقون أيضاً أنهم بطشوا بالمعارضة الإيرانية بوحشية وصلف، بالرغم من أنها لا تختلف معهم في الغايات والاعتقادات!! فليس قمع المعارضين حكراً على النظام المصري.

المهم أن الثائرين أنفسهم في ميدان التحرير قد فهموا اللعبة وسرعان ما هتفوا بقوة ضد النظام الإيراني، بل نكاية في الإيرانيين قالوا إنهم على اتصال بالثورة الخضراء الإيرانية ضد حكم الملالي التسلطي.

4/3/1432 هـ
 

المصدر: موقع المسلم