الأم العزباء

منذ 2017-03-21

إذا كنت امرأة، أينما كنتي، فأنت جالسة على كرسي على الأرجح صممه وصنعه الرجال. حيث وضع الرجال التصميم وقطعوا الخشب ونقلوا الهيكل الخشبي والنسيج وهلم جرا، وتم التصنيع في مصنع تم تصميمه أيضا وبناؤه من قبل الرجال وهو مملوك لهم. وهم يستخدمون آلات وضعها الرجال، والرجال هم من علموهم كيفية القيام بذلك. أنت حاليا في المبنى الذي ربما تم تصميمه من قبل المهندس المعماري الذكر، والذي شيده الرجال. خلط الرجال الخرسانة ووضعوا الطوب فوق بعضه..

يعتقد أقل بقليل من نصف الشعب الأمريكي أن ممارسة الجنس قبل الزواج تعتبر خطأ أخلاقي، ولكن يبدو أن 3٪ منهم فقط هم من يتمكنون "بنجاح" من البقاء بلا ممارسة جنس حتى الزواج. فماذا يخبرنا هذا الرقم؟ يخبرنا أن المجتمع لا يعزز القيم الأخلاقية التي يتوق لها شعبه. فالثقافة الشعبية، وخاصة وسائل الإعلام، تخرب فعليا قدرة الناس على التمسك بمعتقداتهم. وهذا لأن الأدوات التي تتحكم في الثقافة الشعبية (التلفزيون والأفلام والموسيقى والإعلانات... الخ) خيوطها كلها في أيدي أقلية لا تتفق مع هذه القيم والمعتقدات.

 

أحدهم لفت انتباهي لموضوع تلك المرأة الشابة التي أصبحت أما غير متزوجة في مصر. أتذكر في حياتي الخاصة عندما كانت قضية مثيرة للجدل في الولايات المتحدة أن يكون للمرأة طفل خارج إطار الزواج، إلا أن هذا بالطبع لم يمنع تكرار حدوثه كثيرا. في الثمانينات كان هناك جهد جاد في وسائل الإعلام لإزالة أي عار من هذا الفعل، ونجح اﻷمر. الخطر في هذه الحالة، بالطبع، هو أن نفس الشيء سيحدث في مصر، وينتشر بعد ذلك في كل مكان.

 

على المستوى الاجتماعي هذا أمر مضلل للغاية. عند تؤطرون المناقشة في "دعم" الأمهات العزباوات وإعفائهن من وصمة أنهن أمهات غير متزوجات وما إلى ذلك، فأنتم في حقيقة اﻷمر تنزعون الرجولة عن رجال المجتمع. ليست القضية، في رأيي، مناقشة ما إذا كان مقبولا بالنسبة للمرأة أن تكون أما عزباء، بل مناقشة ما إذا كان مقبولا للرجال التخلي عن أطفالهم، وهجر الحياة الأسرية والتنازل عن دورهم كأزواج وآباء.

 

وبصرف النظر عن التأثير الثقافي والديني لهذا، فعلى المستوى العملي يكون التأثير هو زيادة الفقر وانعدام الأمن والحرمان للأطفال. لقد انفصل والداي عندما كنت صغيرا جدا، ولذا فقد تولت أمي تربيتي. ونعم، اﻷمر عبارة عن صراع مالي مستمر غالبا ما يكون مأساويا. إذا كنت "تدعم" "حق" النساء أن يكن أمهات غير متزوجات، فأنت تدعم فكرة الحكم على الأطفال بالكثير من المعاناة والقلق وعدم الاستقرار والمشقة.. وبطبيعة الحال، لهذا تأثير سلبي كبير على المجتمع ككل مع مرور الزمن.

 

من المفترض أن يكون الرجال "قوامون" على أسرهم؛ مسؤولين وحامين وضامنين للاستقرار. عندما يتخلوا عن هذا الدور، بصراحة، ينهار المجتمع. إذا كنت تسعى لتطبيع الجنس خارج إطار الزواج، فأنت تقلل من شأن الدور المنوط بالرجال. لذا يتضح أن الزنا مسألة خطيرة للغاية في الشريعة.

 

لا ينبغي أن تصبح هذه مسألة استقطاب بين ما إذا كنتم تدعمون هذه الفتاة أو تزدرونها. فكثير ممن يدينونها هم بلا شك، متورطون فيما تورطت هي وصديقها فيه. الناس فرائس للفتن، ولا الرجال ولا النساء يتعرضون لفتنة في الحياة أشد عليهم من بعضهم البعض. ولكننا مأمورون بالتعاون على البر. ويجب علينا أن نعزز قيمنا الدينية والأخلاقية الجماعية الطموحة؛ وأن نساعد بعضنا البعض لنكون كما نأمل أن نكون. علينا أن نقاوم تطبيع الزنا في المجتمع؛ فربما كانت هذه هي الغلطة ذات العواقب الوبائية اﻷكثر فداحة وعمقا.

 

لو كان هناك قضايا " للنساء فقط" فهي قليلة جدا. فالرجال والنساء شريكان في المجتمع وبل والإنسانية ذاتها. وأهم شيء في شراكتهما إنجاب وتربية اﻷطفال.

 

 

دعونا نضع مسألة "تمكين المرأة" موضع التفكير، ومعها، قضية الأمهات العزباوات.

إذا كنت امرأة، أينما كنتي، فأنت جالسة على كرسي على الأرجح صممه وصنعه الرجال. حيث وضع الرجال التصميم وقطعوا الخشب ونقلوا الهيكل الخشبي والنسيج وهلم جرا، وتم التصنيع في مصنع تم تصميمه أيضا وبناؤه من قبل الرجال وهو مملوك لهم. وهم يستخدمون آلات وضعها الرجال، والرجال هم من علموهم كيفية القيام بذلك. أنت حاليا في المبنى الذي ربما تم تصميمه من قبل المهندس المعماري الذكر، والذي شيده الرجال. خلط الرجال الخرسانة ووضعوا الطوب فوق بعضه..

 

أنت تمشين كل يوم على الطرق التي مهدها الرجال، على طول الطرق التي حدد الرجال كفاءتها قبل تمهيدها. أنت تركبين أو تقودين سيارات من اخترعها وصممها وحسنها وصنعها وملأها بالوقود الرجال بعد أن استخرجه رجال من باطن الأرض وكرروه باستخدام، مرة أخرى، التكنولوجيا التي طورها رجال..

 

تأكلين الطعام الذي زرعه ورعاه الرجال، ونقلوه إلى المحلات التجارية التي يمتلكها ويديرها رجال آخرون..

 

تستطيعين الآن قراءة هذا الكلام لأن الرجال بنوا المدارس ووضعوا المناهج؛ وبطبيعة الحال، لأن الرجال طوروا تكنولوجيا الكمبيوتر والإنترنت..

 

أساسا، كل جانب من الحياة التي نعيشها هو نتاج عمل الرجال. وهؤلاء الرجال، جيلا بعد جيل، قاموا بكل هذا العمل أساسا لإعالة أسرهم ولبناء مجتمع يمكن لزوجاتهم وأطفالهم أن يتمتعوا ويزدهروا فيه. ولولا وجود هذا الدافع، لكان معظم الرجال لا يزالون يجولون البرية على ظهور الخيل لصيد غذائهم اليومي. لكننا نريد للمرأة الراحة، ولأطفالنا حياة أفضل.

 

 

إذا بدأت تطبيع الأمومة العزباء فأنت تشرعين في نخر بنيان المجتمع.

الرجال هم من يوفرون الحماية والمؤنة من أجل عائلاتهم. أما بدون هذا الدور فما هم إلا ذئاب

الصفات الفطرية للرجال تتحول إلى إيجابيات داخل البنية اﻷسرية. أما خارجها فهي ببساطة صفات خطيرة.

 

من قال أن تربية والاعتناء باﻷطفال يعني التهميش من المجتمع؟

من قال أن كون المرأة السبب الرئيسي إن لم يكن الوحيد الذي يجعل الرجال يعملون ويشيدون ويدافعون عن  المجتمع يعني انتقاصا من قدرها.

والله إن لم يعش الرجل والمرأة كشركاء في البنية اﻷسرية فسوف نعود إلى شريعة الغاب.

 

نعم، لدينا اليوم أشياء مثل التلقيح الاصطناعي، والتخصيب في المختبر، إنهم حتى يطورون أساليب لزرع رحم للرجال حتى يتمكنوا من تجربة الحمل. هناك حليب الأطفال الآن ليحل محل لبن الأم، الخ، الخ. التكنولوجيا هي ما يقلل أكثر فأكثر من أهمية التناسل بشكل طبيعي. ولكن لا ينبغي لأحد أن يتصور أن التحايل على الطبيعة يقلل من دورها. فقد خلقنا كما نحن ووجدنا كما نحن؛ وكل مقوماتنا الفطرية تعمل في تناغم مع غيرها من المقومات، وهذه هي الطريقة التي تحفظ بقائنا كنوع بشري وكمجتمع.