موقعة الجمل والفيس بوك.. مواجهة بين الماضي والحاضر
منذ 2011-02-11
عن حالة الحراك والثورة الشعبية التي تشهدها مصر هذه الأيام، مشيرًا إلى أن هذا الحراك سعى إلى صناعة معادلة جديدة لا تقوم على الرعب والخوف أو تصنعها أجهزة الأمن، ولكن تقوم على الاحترام والشراكة والمطالبة العادلة والعاقلة بالحقوق...
(عندما تبدأ الاحتجاجات بالعزف تموت القصائد العصماء)، بهذه الكلمات عبَّر فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ: عن حالة الحراك والثورة الشعبية التي تشهدها مصر هذه الأيام، مشيرًا إلى أن هذا الحراك سعى إلى صناعة معادلة جديدة لا تقوم على الرعب والخوف أو تصنعها أجهزة الأمن، ولكن تقوم على الاحترام والشراكة والمطالبة العادلة والعاقلة بالحقوق، لافتًا إلى أن أحد الشيوخ في السبعين من عمره قال معلقًا على انتفاضة الشباب في مصر: إن "هؤلاء العيال كانوا أحسن منّا!".
وقال الشيخ سلمان: إن هؤلاء الشباب الذين تثني عليهم الحكومة كما يثني عليهم رجل الشارع والنخب قد سبقوا الأحزاب الرسمية والنخب في الوصول إلى الشارع والمطالبة بحقوقهم، كما أثبتوا قدرًا كبيرًا من الانضباط خلال المظاهرات التي وصلت إلى ما يقرب من ستة ملايين في أنحاء مصر يوم الجمعة الماضية، ومع ذلك كان هذا حراكًا منضبطًا وتميز بقدرة هائلة على التنظيم.
وأضاف فضيلته أن ما شاهدنا في القنوات الفضائية هو حراك الإعلام الجديد؛ تويتر والفيس بوك والتواصل الإعلامي، مشيرًا إلى أن من يتابع القنوات العربية والغربية يجدها كلها تبدي انبهارًا وإعجابًا بالانضباط، مما يؤكد أن هناك حالةً من الوعي والحراك المنظم المنضبط، مؤكدًا على أهمية وقوف الناس بعضهم مع بعض، واحترام المشاعر الإنسانية، والإيمان بالله -سبحانه وتعالى- وقدرته ورحمته، يقول تعالى: {وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: من الآية87]، وكذلك عدم اليأس في مواقف الحياة والتي منها ما نشاهده الآن في مصر العزيزة على قلوبنا جميعًا..
لن يغلب الحق
طاغوتًا فلا تهنوا *** ولو تسلّح بالأفلاك والرجم
فعلى الإنسان ألا يحزن ولا يهن ولا ييأس من روح الله، وأن يؤمن بأن حكمة الله -سبحانه وتعالى- ورحمته هي التي فيها الخير والبركة ومردّ الأمور.
الفيس بوك.. وموقعة الجمل
وأوضح الدكتور العودة أن مصر بلد هائل وكبير وقيادي في العالم الإسلامي، وكما يقولون: "مصر أم الدنيا"، فمصر هي طليعة العالم العربي على وجه الخصوص، وهي بوابته الضخمة، ولذلك فإننا لا نستغرب هذا الاهتمام الضخم في الشارع وفي الإعلام بما يحدث في مصر، مع أن ما حدث في تونس كان هو الشرارة وبداية غير عادية وليست متوقعة، لكن أيضًا الذي حدث في مصر وإن كان لم يصل إلى نهايته ولكن الكل يتفاعل معه، حيث أصبح العرب والمسلمون في كل مكان في العالم وكأنهم كلهم مصريون في هذه الأيام، يدهم على يد مصر ومستقبلها ومستقبل الشباب الذين صنعوا هذا النموذج الرائع.
وأكد فضيلته أنه على كل مخلص لمصر بغض النظر عن موقعه يجب أن يدرك أن حراك هؤلاء الشباب هو حراك ناضج وراقٍ وموضوعي، وينبغي أن نكون جميعًا معه ولا نسمح بأن يُختطف من أي طرفٍ كان، وألا نسمح بأن يتم الاعتداء عليه بواسطة الدهماء مثلما رأينا ما يمكن تسميته بموقعة "الجمل"، حيث الخيول والبغال والجمال تهجم على هؤلاء الشباب العزل الأبرياء، وكأننا أما الفيس بوك في مواجهة الحمار، والماضي في مواجهة الحاضر والمستقبل.
هجوم همجي.. وفجوة كبيرة
وذكر الشيخ سلمان أن ما حدث من هجوم همجي على المسالمين بميدان التحرير قبل يومين بغض النظر عما يهدف إليه، فإنه كان يتوقع أنه من الممكن أن يشغل الناس بقضاياهم بدلًا من الحالة الاحتفالية في ميدان التحرير؛ والتي يحتفل فيها الشباب والرجال والأطفال والنساء، ثم تحول إلى سقوط قتلى وجرحى وحالة من الاكتئاب، وبدا عند البعض كما لو كان الشعب المصري يقتل بعضه بعضًا، وكأنه من وراء هذا العمل أراد أن يقول للعالم: "إن هذا الشعب لا يستحق الحرية أو الديمقراطية، فهو يقتل بعضه بعضًا"، لكن هذه الرسالة لم تنجح بفضل الله.
ونبه فضيلته إلى ضرورة أن نعلم أن هناك فرقًا بين الجيل الماضي والجيل الحاضر، فنحن كثيرًا ما تحدثنا عن التفاوت بين الأجيال ولكن لا نعمل به أحيانًا، مشيرًا إلى أنه قد بات من الواضح أن جيل السبعين أو الثمانين والتسعين لم يفهم جيدًا جيل " التن آدج" الخمس عشرة والعشرين، وأن هناك فجوة واسعة حتى في الخطاب السياسي، حيث تأتي الخطابات ضعيفة ومتأخرة وحتى حينما يقول رئيس ما "فهمتكم!" لا يكون فهمهم جيدًا، ويكون هذا الخطاب متأخرًا عما كان يجب أن يحدث، موضحًا أنه من المهم جدًا أن ندرك أن هناك فجوة ما بين وضع أو تاريخ وعمر سياسي ربما يكون في عداد الماضي، وما بين الأجيال الجديدة.
لحظة تاريخية
ولفت الدكتور العودة إلى أن الحراك في الشارع تطور حتى في مطالبه، مشيرًا إلى أن هناك جهات معينة يراد لها أن تجهضه وربما تكون سببًا في ارتفاع وتيرته وذروته وكسب مزيد من التعاطف، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، موضحًا أن جيل الشباب في مصر يبلغ 60% تقريبًا من عدد السكان، مما يشير إلى أن أكثر من أربعين مليون شاب تولّد لديهم قدر كبير من الوعي والنضج، وقد ساهم العالم الافتراضي تويتر والفيس بوك والشبكات الاجتماعية وسهلت عملية التواصل كأحزاب قوية جدًا تتواصل، كما ساهمت في صناعة قدر من النضج الحقوقي والسياسي والرغبة في المشاركة بشكل كبير، غير أن الواقع غير قادر على استيعاب هذه القضية، ولذا فإن الخطابات دائمًا تأتي متأخرة، ومع أننا لسنا محللين سياسيين بطبيعة الحال لكننا نتحدث كأناس يهمهم الحفاظ على وضع مصر وعلى بقائها وألا تنزلق إلى أي حالة من الفوضى وألا تذهب أيضًا إلى حزب معين يتكرر فيه نفس المشكلات السابقة.
وتابع فضيلته: إننا أمام "لحظة تاريخية"، فثقافة المجتمع تتغير وتنمو، وهي ليست قدَرًا مقدورًا أو ضربة لازب أو حتمًا لا يزول، فما رأيناه في مصر يعبر عن أن ثقافة المجتمع قد تغيرت وتحولت بشكل أو بآخر، كما أنه أصبح هناك استحقاق معين تتم المطالبة به لتغيير هذه الأوضاع! مشيرًا إلى أن الثورات لا تحصل كما يتوقع الناس حينما يكونون في الحضيض وفي غاية الفقر والبؤس، فغالبًا المسحوقون لا يثورون للنهاية، ولكن أفضل وقت لنشوء خميرة الثورات وظهورها هو الوقت الذي تبدأ فيه الأمور بالتحسن، وهذا معروف تاريخيًا، فالثورة الفرنسية سبقها عشرون سنة، يقول المؤرخون: إنها أفضل عشرين سنة في تاريخ فرنسا خلال ثلاثة قرون.
وأردف الشيخ سلمان: إنني أريد أن ألتقط هذا الخيط، فنحن هنا لسنا محللين سياسيين نريد أن نتحدث عما يقع في مصر، كما أننا لسنا في مقام الإملاء على الشعب والشباب المصري، والذي يعبّر حقيقةً عن هذه الثورة، فالأحزاب والتجمعات والجماعات المصرية ليست هي المعبّر، حيث تم تشكيل لجنة تسمى بـ "لجنة الحكماء" من نفس المحتجين، تتفاوض مع الحكومة ومع الأطراف المختلفة، ومع الوقت يكون هناك نضج في التعبير عنهم، فنحن لسنا في مقام الذي يملي عليهم ولا أن يتحدث بلسانهم، فكلماتهم أبلغ من كلماتنا، ومواقفهم أبلغ من أي تعبير آخر، ولكن الشيء المهم الذي ينبغي أن نلتقطه هو الحديث عن حراك آخر، فبعد تونس جاءت مصر، حيث لم يكن أحد يتوقع ما يجري في مصر، فكانوا في مصر يقولون: "مصر ليست هي تونس"، وهذا هو الشعار الذي نسمعه دائمًا، وهو "شعار الخصوصية"، وسمعناه من أكثر من حاكم ورئيس عربي، لافتًا إلى أن هذا يدل على أننا لم نفهم الدرس جيدًا وأن الإنسان هو الإنسان.
هل استوعبنا الدرس؟!!
وذكر الدكتور العودة أن هذا لا يعني أن مصر وتونس بلدان متطابقان، فقد لا تكون مصر هي تونس، لكن تنوعت الأسباب والموت واحد!، ولكن حاجات الإنسان وتطلعاته وأشواقه ومطالبته بالحقوق وتنامي وعي الإنسان وإحساس هذا الإنسان تشير إلى أن الإنسان واحد في أي بلد كان، مما يؤكد أن مجرد الاعتصام بالخصوصية أو اعتقاد أن لكل بلد ظروفه الخاصة التي أدت إلى ما أدت إليه، أو أن تشهير نوع من الوهم أو صناعة الوهم ثم تقبّله، أو تسيير مجموعات ومسيرات مؤيدة لهذا النظام أو ذاك في الشوارع ترفع الصور والأعلام وكأنها أبلغ رد على عالم افتراضي يحاول أن يتحرك في بلد أو آخر، أو أنه عندما تطول الأحداث يصبح هناك نوع من التأقلم معها وعدم اعتقاد انتقال جذوتها أو شرارتها إلى بلد آخر، بل ربما -أحيانًا- يخطر في بالي تساءل هو: هل الذي يحدث في مصر الآن صراع داخل مصر ذاتها؟ أم أن هناك قوى أخرى أصبحت مصرّة على بقاء الأوضاع لأنها تخشى أن تنتقل الشرارة إليها؟
واستطرد فضيلته: إنني أعتقد أن أي بلد آخر ـ ولا داعي لأن نعدد قائمة الدول العربية أو خريطة الدول العربية ـ بحاجة إلى أن يقتبس هذا الأمر وأن يثور من داخله على أسباب الثورة كما عبر الدكتور "سعد مطر" في مقال له، فهناك أسباب معينة ربما تثير حنق الناس، فلماذا لا يبادر العرب في كل بلادهم بالثورة عليها بشكل صحيح؟، بحيث يتم تصحيح الأوضاع، ونشر العدالة، وإعطاء الناس الحريات، وترتيب الأولويات، وإقالة مسئولين إذا كانوا يتحملون أخطاء معينة، وتعيين أناس قابلين للمحاسبة والمساءلة والعقاب إذا ثبت أنهم مخطئون، لافتًا إلى أن هناك أكثر من بلد عربي يمكن أن يقتبس ذلك بدلًا من أن ينتظر حتى تقع الواقعة، وتنتقل هذه الشرارة إلى الشارع ويبدأ يسمع هتافات بالسقوط والشارع ربما يطور مطالبه كما هو ملاحظ ويصعب عليه الرجوع عنها أو ليس لديه القدرة أو الاستعداد للرجوع عنها، ويصعب الحل وقد يتعقّد، موضحًا أنه بدلًا من ذلك فإن هناك إمكانية كبيرة وهذه البلاد تعيش في فترة الرخاء الآن، وألا ننتظر حتى نكون مأخوذين بأن يقال: لقد تأثروا بمصر، ولكن تفاعلًا مع ما يحدث في مصر لماذا لا تغيِّر كثير من الأنظمة والسياسات العربية طريقة تعاطيها مع الناس؟، ولماذا لا تدرك أن القبضة الأمنية واليد الحديدية لم تعد هي المؤثرة؟ وأن الناس ربما لم يعد يخيفهم مثل هذا الأمر، بقدر ما يمكن أن يزيد من تأليفهم بالحب والاستماع إليهم والاعتراف بهم والتجاوب مع حقوقهم من خلال الحوار في وقته المناسب، فإذا استوعبنا الدرس قبل أن تلحتم الأمور نكون بذلك قد قدّمنا خدمة كبيرة لأنفسنا وأوطاننا.
تحسن.. وإيجابيات
وردًّا على سؤال يقول: هل تعتقد فضيلتكم بأن الأحداث الجارية في مصر ستنتهي إلى خير؟ قال الشيخ سلمان: إن شاء الله، كما أنني أدعو وأؤكد على جميع إخواني وأخواتي أن يبتهلوا ويتضرعوا إلى الله العظيم الذي يعرفون أن مقاليد الأمور بيده، أن يحفظ مصر وشعبها وأمنها وحاضرها ومستقبلها، وأن يجعل عواقب هذه الأحداث التي تقع إلى خير وعافية وإلى وضع أفضل، لأن مصر إذا تحسّنت أوضاعها فيما يتعلق بالحريات والحقوق والانضباط، فإن هذا ربما سيرافقه قدر من الجفوة. إنني لا أريد أن أقول أن تدخل مصر في حرب مع إسرائيل، ولكن أن لا تستمر بالاستسلام لمخططات السلام المهينة التي فُرضت عليها في ظروف صعبة وأصبحت مصر محتاجة إلى أن تستأذن إسرائيل حتى في بضعة جنود ترسلهم إلى سيناء!.
وأضاف فضيلته: كما أنه سيكون هناك أشياء عديدة إيجابية لصالح الشعب المصري نفسه، وقدر من الاعتراف بالحقوق والانضباط، مع إنني أؤمن أن هذا الحدث أو غيره ليس عبارة عن انقلاب على الأوضاع القائمة والموجودة، فكثير من هذه الأوضاع هي مستتبة ومستقرة، ولكن الناس بحاجة إلى شيء اسمه "الحريات"، وذلك بأن يحصل الناس على حرياتهم في تشكيل الأحزاب وفي الانتخابات التي تعلَن، فالثورات دائمًا تكون في وقت ربما الأمور فيه تميل إلى التحسن، حيث تثار أسئلة كثيرة، وكلما حصل إصلاح يتساءل الناس: لماذا لم يأت إلا الآن؟ !!
اضطراب.. وعدوان مرفوض
وفيما يتعلق بأن هناك من يرى أن اعتذار رئيس الوزراء المصري عما حدث من عدوان على المتظاهرين في ميدان التحرير وأنه وعد بالتحقيق في هذا الأمر، يمثل بادرة إيجابية، قال الشيخ سلمان: إن هذا الاعتذار قد يقطع الطريق أمام مزيد من الاعتداءات على المتظاهرين، لكن المتابع لتصريحات المسئولين في مصر يلحظ اضطرابًا واضحًا، وعلى سبيل المثال فإن تصريحات الرئيس المصري أمس في مقابلة مع قناة أمريكية حملت الإخوان المسلمين مسئولية ما حدث! كما أن هناك مَن صوَّر الأمر على أنه مجرد اشتباكات بين طرفين، مما يدل على أن تصريح رئيس الوزراء ربما يكون مبادرة جيدة وشخصية من عنده، ولكن الحراك إذا حدث فإنه أحيانًا يكون موجّهًا ضد أشخاص يعتبرهم رمزًا لما يعانيه، فالأشخاص الذين كان هؤلاء الشباب يعتقدون أنهم قادتهم إلى الوعي والتنمية والرقي والحرية والحضارة وانتخابات نزيهة وشفافية ومحاربة الفساد، لم يكونوا أمناء على هذه الرسالة، أو أنهم يرون أنهم قادوهم إلى ضدها، مما جعل رجل الشارع العادي من الشباب تشبث بأسماء معينة وأصبح الحراك متوجهًا إليها.
وأردف فضيلته: ولكنني أعتقد أنه لا داعي للإصرار على أسماء معينة، خاصةً إذا تخيلنا أن الأمر مرتبط بفترة وجيزة جدًا، موضحًا أن من شأن هذا أن يساهم في الحل، مع أن انسحاب الرئيس لا أعتقد أنه النهاية، فما حدث في ميدان التحرير قبل يومين وأسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، وبطريقة ربما بدائية تنتمي إلى الماضي وليس إلى الحاضر وشوهت صورة هذا الحراك في الشارع الهادئ الناضج، لو وقع هذا في بلد نزيه وحر بغض النظر عن كل ما جرى خلال ثلاثين سنة، فإنه كان كفيلًا بإسقاط حكومات وبتغيير موازين.
حراك شعبي
وفيما يتعلق بموقف الإخوان من الحراك الشعبي في مصر، وأن هناك من يخشى سيطرة النموذج الإخواني، قال الشيخ سلمان: إنني أؤكد أنه لا الإخوان ولا غيرهم في مصر هم الذين يملكون الساحة، فالإخوان نسبة معينة موجودة في مصر، والنظام يعترف بوجودها، فهو يطلب منها الحوار الآن في هذه المرحلة، ولكن تظل هذه الحركة مثلها مثل أي حزب آخر من الأحزاب الموجودة في مصر لها نسبة معينة ولها حضور بدرجة معينة، فليست هي التي تحرك الشارع وهم أنفسهم اعترفوا بذلك، والذي يشاهد القنوات الفضائية يلاحظ أن الحراك يشمل طوائف وفئات كثيرة، وعلى سبيل المثال، فقد شاهدت اليوم هدى شعراوي وهي أبعد ما تكون عن الخط الإسلامي وتتكلم بلغة غير عادية، كما أن هناك سياسيين وإعلاميين وصحفيين، بل هناك دوائر كثيرة جدًا من داخل الحزب الحاكم ومن الأزهر ومن الجهات المختلفة.
وأضاف فضيلته أن الوضع في مصر يشير إلى أن هناك حراكًا شعبيًّا ليس بمحسوب على أحد ولا يُنسب لجهة معينة، فالإخوان هم مواطنون في مصر أو في أي بلد آخر لهم نفس الحقوق التي لغيرهم، وليس من حقنا أن نلغي وجودهم أو نعتبر أنهم لا يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها سواهم، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن يكون الإخوان هم البديل أو هم الفئة التي تحاول أن تتحدث باسم الناس.
القرضاوي.. والإخوان
وفيما يتعلق بموقف الشيخ يوسف القرضاوي، قال الشيخ سلمان: إنني لم أسمع ما يقوله البعض من أن الشيخ القرضاوي يتحدث عن النموذج الإخواني، ولكن من الواضح جدًا أن الشيخ القرضاوي يتحدث بروح شبابية ربما لأنه يشعر أن مصر بلده؛ ولذلك هو يخاطب الشباب بلغة معينة ويتحدث باللغة التي يراها الشيخ، ولكن لا أعتقد أن الشيخ يتحدث باسم الإخوان، فالشيخ القرضاوي في الواقع له صفة شخصية مستقلة، وإن كانت تربيتُه إخوانية وعلاقته معهم، ولكنه ليس قياديًا ولا ناطقًا باسمهم.
وأضاف فضيلته أن هذا الحراك يجب أن يظل حراكًا شعبيًا شبابيًا، وألا يوظَّف، لأنه إذا دخلت فيه الإيديولوجية فإن هناك من سيخوِّف من هذا الحراك أو يذهب هذا الحراك عن صبغته العفوية والعادية إلى أن يكون مدروسًا أو مرتبًا أو مخططًا له من جهة من الجهات.
من علامات القيامة؟!!
وردًّا على سؤال من مشارك يقول: هل ما يحدث من ثورات شعبية في تونس ومصر من علامات يوم القيامة؟ قال الشيخ سلمان: الله أعلم، فمن علامات القيامة كثرةُ الاختلافات بين الناس، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- « ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ « » وَشَبَّكَ يُونُسُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ يَصِفُ ذَاكَ قُلْتُ مَا أَصْنَعُ عِنْدَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « » إلى آخر الحديث المعروف.
أيمن بريك
السبت 02 ربيع الأول 1432 هـ - الموافق 05 فبراير 2011 م
المصدر: موقع الإسلام اليوم
سلمان بن فهد العودة
الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم -سابقًا-
- التصنيف: