الاتحاد أو مؤخرة الصفوف
هذه دعوة إلى اجتماع عاجل بين رموز التيار السلفي فى مصر كلها ، وتشكيل جمعية سلفية رسمية تكون لسان حال المجتمع السلفي ، ويكون هناك متحدث واحد باسمها لا يتحدث باسم الدعوة السلفية سواه، ويكون لها موقع على الشبكة العنكبوتية لتعريف المجتمع بالدعوة السلفية..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد
ففي هذه اللحظة بالغة الحرج ، وفى هذا الظرف التاريخي ، ووسط توابع
زلزالية ، لزلزال تاريخي ، وبينما انتفض الجميع ، محاولين أن يضمنوا
لهم مكانة فى صدارة المشهد ، ومكاناً فى قمرة القيادة ، فكان أول ما
فعله العلمانيون ، هو التكتل ، والتوحد ، والتترس خلف هدف واحد ،
وغاية مشتركة ، وهى مواجهة العدو الإسلامي ، ومنعه من استغلال فرصة
تاريخية ، لتحقيق الحلم الذى طال انتظاره .
توحد ألد أعداء الأمس ، طلاب الدنيا ، البعداء ، البغضاء، الذين
يختلفون فى كل شيء ، إلا شيء واحد : عداوتهم لكل ما هو إسلامي ، حين
شعر أعداء الأمس بالخطر المشترك ، تساموا فوق خلافاتهم ، ونبذوا
أيدلوجياتهم إلى حين ، وأجلوا كل همومهم ، وجعلوا لهم هماً واحداً :
التصدي للزحف الإسلامي ، حتى وصل بهم الأمر ، إلى إحياء موتاهم ،
ومداواة جرحاهم ، وتلميع ساقطهم ، والعجيب أنك حين تدقق فى المشهد ،
يصيبك كمد قاتل ، إذ تكتشف أن الكل توحدوا ، رغم أنهم ليس بينهم ما
يوحدهم ، لا أهداف ، ولا تراث ، ولا نصوص ، بل الأعجب أنهم يكرهون
بعضهم البعض ، وبينهم من الحسد ، والشحناء ، والبغضاء وأسباب الفرقة ،
أضعاف أضعاف ما لديهم من أسباب التوحد ، ومع ذلك فقد توحدوا ، وتكتلوا
، وسخروا كل ما لديهم ، لأجل المعركة الفاصلة بينهم وبين التيار
الإسلامي ، بينما فعل الإخوة الأعداء ذلك وبسرعة، نجد أن أبناء التيار
الإسلامي الذين يجمعهم رب واحد ، ودين واحد ، وكتاب واحد ، ورسول واحد
، وبخارى واحد ، ومسلم واحد ، وأئمة أربعة ، أبناء التيار الإسلامي
الذين تجمعهم قبلة واحدة يتوحدون إليها خمس مرات فى اليوم والليلة
بحركات كربونية ، وأذكار نسخة طبق الأصل ، وصيام طبق الأصل ،يشرح
علماؤهم نفس الكتب ويستدلون بأقوال نفس الأئمة ، بل فى الواقع أنه لا
توجد جماعة على سطح الأرض عندها من أسباب التوحد - لا أقول فقط الوحدة
- ماعند أبناء التيار الإسلامي ، ولا توجد جماعة عندها من الأسباب ،
ما يجعل توحدها تلقائياً ، وطبيعياً ، ومنطقياً ، وتفرقهاً شاذاً ،
ومستنكراً ، ومستبشعاً ،ومخالفاً للعقل والنقل ، كما هو حال أبناء
التيار الإسلامي بل لو لم يكن من دواعي توحيد الصف الإسلامي إلا سمو
الهدف ، وما أعده الله لجنوده وأولياءه ، كيف وعندهم من نصوص إنكار
الذات ، وغمط النفس ، وجلال الإخوة فى الله ، ما يحرك الحجر ، ثم إن
من أعظم الدواعي على نسيان الخلاف ، ونبذ الشقاق ، وتوحيد الكلمة ،
ورأب الصدع : عدو لئيم متربص ، لا دين يردعه ، ولا أخلاق تمنعه ، بل
أعجب ما فى الأمر ، أنك إن دققت في حقيقة الخلاف داخل الفصيل الإسلامي
الواحد ، أو بين الفصائل الإسلامية وبعضها البعض ، لربما أذهلك أنهم
متفقون فى تسعة وتسعين بالمائة ، بل الأعجب أن ما يختلفون فيه ، خلاف
سائغ ، بل هو اختلاف فى وجهات النظر ، ويؤسفنى أن أقول أن أساس الخلاف
بين علمائنا - إلا من رحم الله - هو الأنا ، ورؤية النفس ، واعتداد كل
واحد منهم برأيه ، وحرصه على صورته ومكانته ، وهذا وإن كان قبيحاً قبل
ذلك ، فإنه اليوم أقبح وأشنع .
أيسوغ لكبار علمائنا الذين أسلمنا ، لهم عجلة القيادة ، واستأمناهم
على دنيانا ، وآخرتنا ، أيسوغ لهم بعد هذا أن يكونوا على هذا الحال من
التشرذم والتفرق والتهارش ،بينما الأمة هي أحوج ما تكون إلى جهود
موحدة ، وكلمة مجتمعة ، وذوات تذوب فى ذات واحدة ؟ أيليق بأهل العلم
فى بلادنا أن يجتمعوا عن بكرة أبيهم فى عقد نكاح ابنة واحد منهم
تحرجاً من عاقبة التخلف ، وتلبية لدعوة أخ فاضل ، وتأليفاً لقلب رفيق
فى الدعوة ، أيليق بهم أن يسارعوا إلى تلبية دعوة فرد ، ويتخلفوا عن
نداء أمة ؟ هذا والله لمن العجب العجاب ، أيعقل أن نرى كل الأعداء
يخرجون على الدنيا فى صف واحد ، ببيان واحد ، ورأى واحد ، وطلبات
واضحة ، أيفعل الكل ذلك ، إلا أبناء التيار الإسلامى ؟ يكاد المرء
يموت من الكمد والغم حين تنظر حولك فترى كل التيارات وقد ظهرت فى
الصورة بمظهر الكتلة الواحدة ، لهم من يتحدث باسمهم ، ويوضح مطالبهم ،
ووجهات نظرهم ، ورؤيتهم ، ومقرهم ، وخطتهم ،بالرغم من وجود رؤوس كبيرة
، كلها ذات طموح بلا سقف ، وكلها أسماء من العيار الثقيل ، ومع ذلك ،
ولحرج الظرف وحساسية اللحظة ، تجدهم وبعد أن جلسوا فى غرفة الاجتماع ،
تجدهم وقد خرجوا على العالم فقدموا واحداً منهم فقط ، رضوا به
،واصطلحوا عليه ، وأعطوه بياناً مشتركاً ، قد يكون ـ بل من المؤكد ـ
أنه مخالف لرؤية بعضهم ، لكن هذا البعض ، ولمصلحة الكل ، ولحرج الظرف
وحساسية الموقف ، رضي البعض أن ينزلوا على إرادة الكل ، وأن يحتفظوا
برؤيتهم الشخصية لأنفسهم ، وأن يخضعوا تفسيراتهم الشخصية لتفسيرات
الجماعة ، بل حين تنظر إلى هذا المتحدث وخلفه حلفاء اليوم ، أعداء
الأمس ، فلن تحتاج إلى كبير خبرة ، لتعرف أن ما فى القلب فى القلب ،
وأن الود بينهم معدوم ، لكن العدو المشترك ، والذكاء السياسي ، جعل من
كل هذا نسياً منسياً ولو إلى حين .فمن أحق بذلك لو كنتم تعقلون ، من
أولى بذلك لو كنتم مخلصون ؟
فيا علماء الأمة اتقوا الله في أمتكم ، ويا أبناء الجسد الواحد من
سلفيين وإخوان ،دعوها فإنها منتنة ، وتوحدوا أمام هذا العدو الغاشم ،
وكونوا على قدر المأمول فيكم ، والمنتظر منكم ، لا أقول دعوا الخلاف ،
بل الحقيقة أنه لا خلاف ، أو هي خلافات فى وسائل وطرق العمل الإسلامى
، وهذا قد وقع بين الصحابة ، ومع ذلك لم يبدع بعضهم بعضاً ولا فسق
بعضهم بعضاً ، ولا شنع بعضهم على بعض ولا أخرجه من دائرة الإسلام
.
هذه دعوة إلى اجتماع عاجل بين رموز التيار السلفي فى مصر كلها ،
وتشكيل جمعية سلفية رسمية تكون لسان حال المجتمع السلفي ، ويكون هناك
متحدث واحد باسمها لا يتحدث باسم الدعوة السلفية سواه، ويكون لها موقع
على الشبكة العنكبوتية لتعريف المجتمع بالدعوة السلفية ، ويكون لها
هيئة شرعية من أكابر فقهاء الدعوة السلفية ، تكون هي المسئولة عن
التعبير عن الأحكام الشرعية والفتاوى التى تتبناها الدعوة السلفية ،
ثم أيضاً تكوين جناح سياسي يكون هو المسئول عن الحديث فى الشأن
السياسي ، وكذلك تكوين جمعية عمومية ضخمة من سائر أطياف المجتمع
السلفي تعبر عن هموم ومشاكل وتطلعات هذه الطائفة المباركة ، كما وأدعو
إلى التحضير إلى اجتماع عاجل ومغلق بين رموز الدعوة السلفية وأعضاء
مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان وكذلك ممثلين عن حزب الوسط للتنسيق
والتخطيط للمرحلة القادمة حتى يكون الكاسب الأكبر هو الإسلام .
بالله عليكم يا علماء الأمة اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ،
واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم
بنعمته إخواناً
خالد الشافعي
داعية مصري سلفي
- التصنيف: