إليك يا فاطمة.. في الذكرى الأولى لرحيل والدك

منذ 2004-04-15

على غير عادة الأباء الذين يفرحون عند أول خطوة لأولادهم وأول كلمة وكل حركة جديدة وكل ابتسامة وضحكة يطلقونها، كنت أبكي ، كنت أبكي كلما رأيت فاطمة تجري وتلعب وتقرأ الفاتحة وتخربش بالألوان ، كنت أبكي عندما تنظر إلى صورة طارق وتقول بابا ، فأسألها أين بابا فتقول بلفظ الأطفال في الزنة بدل الجنة ، تردد ما نقوله لها دون أن تعرف من بابا سوى أنه صورة في إطار وأن اسمه جواب لسؤال أمها المتكرر : مين بنحب أكتر واحد في الدنيا ؟؟؟

كنت أبكي فاطمة لأني أحس أن كسرها أوجع من كسري ومصيبتها أشد من مصيبتي ذلك أني عرفت طارق، عشت معه وتشبعت من حبه وحنانه وعطفه ولكن فاطمة لم تعرفه لأنها عندما بدأت تدرك الشخوص فقدت أهم شخص في حياتها وكل ما بقي لها منه مجموعة من الحكايات والأوراق تخبرها كم كان ذلك الرجل عظيما ومتفانيا ، كم كان يحبها ويدللها، كيف كان يرى العالم بكل جماله ينبثق من وجهها ، كيف كان تعبه وإرهاقه ينتهي بضحكة منها، كيف كانت هي الآمر الناهي المطاع وهو تحت إمرتها و خدمتها

أنظر إليك يا فاطمة ببراءتك وتوقدك الطارقي فأرى أبوك فيك ، أنظر إليك و أنت نائمة كما كان يفعل أبوك فلا أدري هل أنا من أحتضنك أم أنت التي تحتضنيني، هل أبكيك أم تبكيني، من منا أشد حاجة للأخرى ...أنا بعض حياتك ولكنك كل حياتي أو ما تبقى لي من حياتي

كم هو مؤلم يا فاطمة فقد الأب و لو كان أحد الوالدين يغني عن الآخر لاكتفى الله سبحانه بخلق أحدهما لذا فلن يعوضك أحد عن أبيك إلا الله فلا تطلبي العوض من سواه و لا تنسي دمه الذي أريق بدم بارد و لا تغفري و لا تصفحي بل إن استطعت أن تزدادي كل يوم حقدا على من قتلوه فافعلي و لا تنسي حق والدك فلن يضيع حق وراءه مطالب ، و تذكري يا فاطمة أن لك اخوة في فلسطين و العراق وغيرها من بلاد المسلمين مات آباءهم و أمهاتهم وعوائلهم دون أن يعرفهم أحد ومنهم من لم يجد قبرا ليضمه و منهم من نسيهم الناس أو تناسوهم ولكنهم عند الله غير منسيين تذكري في دفاعك عن أبيك كل هؤلاء فالدم واحد والجرم واحد والمجرم بالطبع واحد

قالوا يا فاطمة لو أنك كنت ولدا .. وأقول لهم إن امرأة كأم عمارة أدخلت أهلها رجالا ونساء الجنة
قالوا يا فاطمة لو أنك كنت ولدا .. وأقول لهم إن امرأة تسابق الرسول صلى الله عليه وسلم لفتح باب الجنة
قالوا اليتم مصيبة ومذلة .. وأقول لهم ما قال الله سبحانه وتعالى في قدوتك عليه الصلاة و السلام { ألم يجدك يتيما فآوى } وقال سبحانه { ولسوف يعطيك ربك فترضى }
قالوا سيصعب على أمك أن تربيك وحدها .. وأقول لهم مستعينة بالله أن يربيك هو سبحانه كما يربي أوليائه وأن يؤدبك فيحسن تأدبيك مثلما تعهد موسى عليه السلام { وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني }
قالوا إن اليتم ضعف ومسكنة .. وأقول لهم ما قيل في مدح أعظم وأعز الأيتام



نعم اليتيم بدت مخايل فضله

 

واليتم رزق بعضه وذكاء



هكذا كان رسولك اليتيم من أم وأب يا فاطمة فكوني على دربه من السائرين

كلما هاج حزني وإياك وضاقت علينا أنفسنا والدنيا فذكريني يا فاطمة بـ { إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} .. نعم ذهب أبوك يا فاطمة ولكنك بقيت من عمله الصالح الذي لن ينقطع بإذن الله « ... وولد صالح يدعو له »

ما أسهل الجواب الآن يا فاطمة عندما تسألين عن أبيك وما أصعب التفسير عندما تكبرين .. لذا سأستعين بعد الله بكل من أحب طارق أيوب أو زامله أو بكاه وحزن عليه ، سأستعين بهم ليجيبوك

من قتل طارق أيوب ؟؟؟
كيف قتل طارق أيوب ؟؟؟
أين ومتى قتل طارق أيوب ؟؟؟
لماذا قتل طارق أيوب ؟؟؟

إلى كل من سيقرؤون كلماتي هذه ...

أنا لا أريد أشياء كثيرة

 

ولكني أريد جوابا للصغيرة



أمك .. ديمة طارق طهبوب
زوجة الشهيد بإذن الله طارق أيوب