الإيمان الواعي لمعركة بدر

منذ 2017-04-18

معركة بدر كانت لحظة فارقة في إيمان الصحابة الكرام.

يا بني.. تَميل الشّمس إلى جهتك، تنبتُ لك زَرعك..

أو.. تزاورُ عنك حتّى لا تحْرقك.. أو ربّما تتوقّف ساعة تحسِم لك المعركة؛ مثل يوشَع..

تفعل لك ذلك.. إن كنت بدريًّا في اكتمال!

 

قال التّلميذ: كيف اكتَمِل في معاني بَدر!؟

 

قال الشّيخ: لقد كانت معركة بدرٍ..

معركة إقرار الحَقائق!

إذ كشَفت علانية؛ عن أسباب المدَد الإلهيّ..

وكيف تُقطف الأحلام.. ويُحصحص بين يديك الفَجر!

 

لقد كشفت معركة بَدر..

أنّ طاقة المؤمن؛ مثل زِناد يبلغ المُستحيل.. إذْ يقول الله {إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66].

 

فالمُؤمن في طاقة إنتاجه؛ يَفوق عِشرين.. وهذا بعض معنى الحديث «وكنتُ يده التي يبطِش بها» (السلسلة الصحيحة).

فإن تدَنّى العبد ونقص؛ كان الواحِد باثنين.. {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}!

ولا أقل من ذلك..!

 

لقد كشَفت معركة بَدر..

أنّ التّوحد بين الروح البشرية والروح المَلائكية؛ يشرعُ الأبواب للتنزّل العلوي..ّ ويَمنح الأيدي المُقاتلة سُيوفاً سماوية..

 

فحين تجاورت أرواح أهل بدر مع أرواح الملأ الأعلى؛ استَحقوا اختلاط الأنفاس في القتال!

 

كشَفت معركة بَدر..

أنّ ترسانة تعكف على صناعتها بكلِّ ما تملك..يمدّها الله بما يحيلها حديداً؛ ولو كانت ضُلوعك التي بين جَنبيك!

 

لذا اطلِق صهيلك حتى يبلُغ المدى..عندها؛ تَتنادى لك الملائك بالأثر!

 

صَلِّ باشتعالك..وهروِل الى الله بثوْرة الإيمان..صَلِّ صلاة تائب عن خيانة الجهاد!

 

قال التّلميذ: ماذا تقصد؟!

 

قال الشّيخ: الجهاد؛ أن تبذل وسْعك..

وسورة الأنفال؛ تُخبرك أنّك قادرٌ أن تمتدّ على كلِّ أطراف السّواحل بسَعيك..فأنت بروحِ عشرين مُقاتل!

 

لرَكعة يابني في جِهاد الوسعِ؛ تنصب لك أمواجاً من الأجر..أحبّ إلى الله من رَكعة جَسد؛ كان قادرا ًأن يصنع الفلك..لكنّه ترك الطّوفان يغمر المآذن!

 

لا تخشى الحَرب.. فالسّيف لا يسلِب الرّوح.. إنّما يسلب الرّوح؛ الوَهن!

 

الوَهن..

يضعُ لك فواصِل في وثيقة العبور الى الفِردوس الأعلى.. ويظلّ بك حتّى تصير في هامِش الشَّرف!

 

لقد كشَفت معركة بدر يا ولدي...

عن بصيرةِ المؤمنين؛ فرأوا الملائكة على خيلٍ بِيض.. كلّ حبّة رملٍ؛ تنتفض في أيديهم قهراً على الظّالمين..

 

كانت الكائنات تصلّي لأجلِ بَدر.. وترتّل الملائكة سُورة الأنفال.. و يُهزم الجمع ويُولّون الدُّبر!

 

يومها كشَفت معركة بدرٍ..

عن الإيمان الثائر؛ أنَّه وحده من يمتَصّ لهاثَ العَجز فينا!

 

ترى كمْ مِن الإيمان نحتاج كي نكون مثل بَدرِيّ..

مثل شلّال سنابل.. خطوته في الأرض؛ تُكتب بخَطوة عِشرين مُجاهد!

 

{أعدّوا}.. هكذا كان الأمر فأعدوا كل الوسع.. ثمّ قَلّ العدد؛ فاستحقوا المَدَد!

 

كانت السّماوات مَلأى بالوُعود.. وعلى الأرض؛ علامات مَصارع القوم..

كلّ الجهات كانت حُبْلى بغيم النّصر..

"لكنّ الأبواب لا تُفتح بدون طارِق"!

 

لذا ظلّ النّبي جاثياً على رُكبتيه.. في ليلةٍ؛ كانت تصهل خيلُ الملائكة فيها في عَرض السّماوات كلّها.. وتنتظر دعوةَ النّبي كيْ تَدنو وتتجلّى؛ مثل بَرقٍ خاطِف.. يقلِب الموازين لصالحِ مَن أعدُّوا!

 

لصالح من سَقطت عَباءتهم؛ مِن شدّة الدّعاء عن المَناكب!

 

يا ولدي.. بالإِعداد، والدُّعاء.. اكتمل الترتيل؛ فاستحقوا التّنزيل!

 

الإيمان الواعي.. تِلك هي قصّة بَدر..

لا الإيمان الباكي!