استدلال المهدية الشيعة بالمباهلة وقسم البراءة

منذ 2017-04-21

فقد أحدث اليماني دليلاً جديداً بعد أن أعرض عنه الشِّيَعة، فدعاهم إلى المباهلة حتى يقيم عليهم الحجة، ففي مجلة الصراط المستقيم: "بعد أن أعرض فقهاء الديانات الثلاث عن مناظرة السيد أحمد عليه السلام دعاهم إلى مباهلته، اقتداءاً بسيرة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران، عن مباهلته

استدلال المهدية الشيعة بالمباهلة[1] وقسم البراءة:
فقد أحدث اليماني دليلاً جديداً بعد أن أعرض عنه الشِّيَعة، فدعاهم إلى المباهلة حتى يقيم عليهم الحجة، ففي مجلة الصراط المستقيم: "بعد أن أعرض فقهاء الديانات الثلاث عن مناظرة السيد أحمد  عليه السلام دعاهم إلى مباهلته، اقتداءاً بسيرة جده المصطفى  صلى الله عليه وسلم  مع نصارى نجران، عن مباهلته: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ . فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ }  [المدثر:50 و51]، ولو أنهم كانوا موقنين من كذبه كما يتبجحون لكانوا رأوا في طلب المباهلة فرصة ذهبية للقضاء عليه، ولم يكتف السيد أحمد بطلب مباهلة علماء الشِّيَعة وحدهم، بل أصدر بياناً يطلب فيه مباهلة جميع علماء الديانات السماوية؛ اليهود، والنصارى، والمسلمين، وحين رأى السيد أحمد الحسن نكوص فقهاء آخر الزمان على أعقابهم، أعلن أنهم إذا كانوا يخشون الموت فإنه على استعداد لئن يقسم وحده قسم البراءة، شريطة أن يصدقوه في حال لم يحدث له شيء"[2].
وكالعادة جاء المهديون بالدليل الذي هو للأئمة الشيعية، ثم جعلوه ليمانيهم وأسقطوه عليه، ومنها: وقد ذكرها صاحب كتاب (موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن) حيث قال: "ويدلك على حجية المباهلة ما يرويه الطوسي في غيبته عن أبي علي بن همام، قال: أنفذ محمد بن علي الشلمغاني العزاقري إلى الشيخ الحسين بن روح – وهوأحد سفراء الإمام المهدي يسأله أن يباهله، فأنفذ إليه الشيخ في جواب ذلك، أينا تقدم صاحبه فهو المخصوم، فتقدم العزاقري فقتل
وصلب وأخذ معه ابن أبي عون، وذلك في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة[3]"[4].
وبشأن قسم البراءة ينقل الكليني خبر الرجل الذي ادعى على الإمام الصادق بحضرة المنصور الدوانيقي فأقسم قسماً مجد الله فيه، فقال له أبو عبدالله: ويلك تمجد الله فيستحيي من تعذيبك، ولكن قل:برئت من حول الله وقوته وألجئت إلى حولي وقوتي، فحلف بها الرجل فلم يستتمهاحتى وقع ميتاً،...)[5].
وهذا نص المباهلة[6] كما جاء على الموقع الرسمي لجماعة المهديين، وما تم نشره في كتب الأنصار والأتباع:"بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمَهْدِيّين، وعلى الأنبياء والمرسلين، واللعنة الدائمة على مخربي شرائعهم إلى قيام يوم الدين الإلهي الحق واحد في كل زمان، ولا يمكن أن يتعدد، كما أن حجة الله على الناس واحد في كل زمان، ولا يمكن أن يتعدد. وفي هذا الزمان الأديان الإلهية على هذه الأرض هي الإسلام والمسيحية واليهودية، وكل دين ينقسم إلى طوائف، وأنا العبد المسكين المستكين بين يدي ربه، أدعو كبار علماء الطوائف والديانات الإلهية الثلاث وفي كل الأرض للمباهلة لمعرفة صاحب الحق، وهي أن نبتهل إلى الله فنجعل لعنة الله على الكاذبين: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]، فإن لم يستجيبوا لدعوتي فليعلموا أنهم ومن يتبعهم في ضلال مبين، وسيبيدهم الله بالعذاب والمثلات التي بدء ملائكة الله يصبونها على أهل الأرض، فقد نزل العذاب على مواضع في هذه الأرض، والله لا يترل العذاب إلا بعد وجود رسالة إلهية على الأرض، {مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]".
والرد على ذلك:
إن المباهلة مشروعة في الإسلام ، وقد فعلها النبي  صلى الله عليه وسلم  مع نصارى نَجْرَان، فكما جاء :"عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: جَاءَ العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، صَاحِبَا نَجْرَانَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لاَ تَفْعَلْ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ، وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالاَ: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا. فَقَالَ «لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» ، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ: «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ» فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ» [7].
وقد استدل الإمام ابن حجر بهذا الحديث على مشروعية المباهلة، فقال:"وفي قصة أهل نجران من الفوائد ... وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي ووقع ذلك لجماعة من العلماء ومما عرف بالتجربة أن من باهل وكان مبطلاً لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة فلم يقم بعدها غير شهرين"[8].
إذاً فالمباهلة وسيلة من الوسائل التي يلجأ إليها العلماء لحل خلاف يتعلق بأصول الدين، ولإبطال دعاوى كل مخالف لكتاب الله  وسنة نبيه  صلى الله عليه وسلم .
ولكن بشروط يجب توافرها فيمن يريد أن يباهل، فليس لكل أحد أن يفعلها، فقد بين العلماء أن المباهلة: "لا تجوز إلا في أمر مهم شرعاً وقع فيه اشتباه وعناد لا يتيسر دفعه إلا بالمباهلة فيشترط كونها بعد إقامة الحجة والسعي في إزالة الشبه وتقديم النصح والإنذار وعدم نفع ذلك ومساس الضرورة إليها"[9].
فتلك كلها محاولات يمانية؛ لإثبات وإقناع الناس بدعوته، وبذل الجهد في التنقيب عن الأدلة التي لا تصلح أن تكون حجة أو سنداً، ولا شك أن ما قام به اليماني لا يعد من الأمور المهمة شرعاً حتى يباهل فيها.

--------------------------------------- 
[1] قال ابن الأثير: والمباهلة الملاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا لعنة الله على الظالم منا. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير، المتوفى: 606ه، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، باب الباء مع الهاء، مادة"بَهَلَ" ج1/167، ط/1399ه =  1979م، المكتبة العلمية، بيروت-لبنان.

[2] موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن، الأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص105(مرجع سابق).
[3] الغيبة للطوسي، ص193(مرجع سابق).
[4] موجز عن دعوة السيد أحمد الحسن، ص106(مرجع سابق).
[5] راجع: كتاب الكافي، للكليني، ج6/446، كتاب الزي والتجمل والمروءة، باب لباس البياض والقطن.
[6] ومن الكتب التي نشرت نص المباهلة، كتاب (تمخض الكوراني عن فأر قميء) للأستاذ عبدالرزاق الديراوي، ص185(مرجع سابق).
[7] صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قصة أهل نجران، ص1072، حديث رقم(4380).
[8] فتح الباري بشرح صحيح البخاري، للإمام ابن حجر العسقلاني، (773ه-852هـ)، قرأ أصله تصحيحاً وتحقيقاً: عبدالعزيز بن باز، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبدالباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، (ج8/95)(بتصرف)، دار المعرفة، بيروت-لبنان.
[9] انظر: توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم، لأحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبد الله بن عيسى، المتوفى: 1327ه، تحقيق: زهير الشاويش، (ج1/37)، ط3/ 1406ه، المكتب الإسلامي، بيروت-لبنان.