واخفض لهما جناح الذل

منذ 2017-04-23

تذكّر رحمك الله ان الماثليْن أمامك بابان من أبواب الجنة، وما مفتاحا البابين إلا بخفض الجناح، خفض الجناح الذي هو ضرب من أضراب التذلل والرِّق، كالدابة بين يدي راعيها، أو الخرقة بين يدي حائكها، أو الكلمات بين يدي ناظمها.

ما منا من أحد إلا وقد طأطأ رأسه أمام مديره مرات ومرات:

ومن منا إلا وقد احتمل حماقة رب عمله ونزقه في مقابل الحفاظ على وظيفته!!

 

ومن منا إلا وقد حمل نفسه على ابتسامة صفراء لنظير له في عمله مقابل تسيير أموره وعدم تصنع المشكلات مع الرفاق!!

 

فما لنا لا نتحمّل من آبائنا وأمهاتنا ما لا نتحمله من مديرينا وأرباب أعمالنا والبون شاسع بين

الحالين!!

 

ما لك لا تطأطئ رأسك أمام عتاب أمك العجوز احتسابًا؟!

 

ما لك لا تخضع بالقول لأبيك الذي ابيضَّ عارضاه وكلّت قدماه بحثًا عن لقمة يسد بها جوعك؟!

 

ما لك لا تبسط لهما جناحيك ليستريحًا ولو هنيه!!

 

ما لك لا تخفض لهما جناحك ذلاً لهما واعترافًا بحسن جميلهما عليك وعلى إخوتك!!

 

ما لك لا تضع خدك على الأرض ليطاه ويعبرا عليه إلى بر الرضا عن وليدهما البار الخلوق!!

 

ما لك لا تبش لرؤيتهما كما تبش في وجه حبيبك؟!

 

♦ ما لك لا تبتلع إهانة أبيك لذاتك المقدسة كما تبتلعها من ضابط ذي نفوذ أو مخبر ذي سلطان؟!

 

ما لك لا تتجرأ بالحديث الجارح والكلام الوقح إلا على التي ما ذاقت غمضًا حتى تسرح في نومك العميق!!

 تذكّر يا هذا أن الماثليْن أمامك بابان من أبواب الجنة، وما مفتاحا البابين إلا بخفض الجناح، خفض الجناح الذي هو ضرب من أضراب التذلل والرِّق، كالدابة بين يدي راعيها، أو الخرقة بين يدي حائكها، أو الكلمات بين يدي ناظمها.

 

قال عمرو بن ميمون بن مهران: "خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة، فمررت بجدول، فلم يستطع الشيخ يتخطاه، فاضطجعت له، فمر على ظهري".

 

الكاتب: محمد الغباشي