الموقف الأمريكي من الانتفاضة السورية
يشي الصمت الأمريكي تارة والتصريحات المثيرة للجدل تارة أخرى وحتى تعليقات المحللين السياسيين الأمريكيين وتناول وكالات الأنباء الغربية للثورة في سوريا، بدعم غير مسبوق لنظام ما انفك هؤلاء يدّعون عداوتهم له ومقاطعته..
يشي الصمت الأمريكي تارة والتصريحات المثيرة للجدل تارة أخرى وحتى
تعليقات المحللين السياسيين الأمريكيين وتناول وكالات الأنباء الغربية
للثورة في سوريا، بدعم غير مسبوق لنظام ما انفك هؤلاء يدّعون عداوتهم
له ومقاطعته. فبعد تجاهل لم يدم طويلا لانتهاكات حقوق الإنسان في
سوريا خرجت علينا وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بتصريحات
مفادها أن هناك كثيرون يعتقدون أن الرئيس بشار الأسد إصلاحي وأن
واشنطن لا تنوي التدخل العسكري ضد النظام السوري لوقف حملة استهداف
المدنيين والقضاء على الانتفاضة الشعبية.
وتأتي التصريحات رغم مقتل أكثر من 100 متظاهر سوري في يوم واحد في
درعا الجمعة الماضية، وهو الرقم الذي لم يستطع جنون الزعيم الليبي
معمر القذافي تحقيقه في يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات في بلاده التي
هرعت طائرات أمريكا والناتو إليها لشن عملية "إنقاذ" مزعومة.
وردا على سؤال لشبكة التلفزيون الأميركية "سي بي إس" يوم الأحد حول
ما إذا كانت الولايات المتحدة تنوي شن عملية عسكرية ضد سوريا على غرار
ما تفعل حاليا في ليبيا، قالت كلينتون: "لا، فلكل حالة من هذه الحالات
خاصية منفردة". ومنفردة بالطبع هي سوريا؛ فالنظام الحاكم بها "يصلي
الإسرائيليون من أجل بقائه"، حسبما قالت صحيفة هاآرتس الصهيونية يوم
الثلاثاء. لكن لا ضير، فكلينتون أيضا رأت إبان بدايات الثورة في مصر
أن "النظام المصري يختلف عن تونس" وأنه لن يسقط كما سقط نظام الرئيس
التونسي السابق زين العابدين بن علي، ولكن الله جعل كيدها في نحرها
بزوال نظام مبارك حليفها الأكبر في المنطقة، واضطرارها إلى الثناء على
الثورة المصرية التي امتنعت في البداية عن دعمها.
وكذا ما سيحدث مع الشعب السوري المناضل، فبعد زوال الطاغية بشار
الأسد المرتقب -وهو الزوال الذي اعترف بإمكانية وقوعه مصدر مسؤول في
الخارجية الأمريكية في تصريحات لصحيفة الرأي الكويتية- ستضطر كلينتون
إلى الخروج مخزية للاعتراف بالانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوري
والتي طالما تجاهلتها وصمّت عنها الآذان. هذه الانتهاكات التي حاولت
كلينتون نفيها في تصريحاتها عندما قالت إن التفكير في تدخل عسكري في
سوريا لن يكون إلا بموافقة مجلس الأمن الدولي وهم ما "لن يحدث لأنني
لا أعتقد أننا نعرف تماما ما يحدث". واعتبرت أن الوضع في هذا البلد لا
يقارن بما هو حاصل في ليبيا حيث كان من الضروري التدخل، حسب قولها،
معتبرة أن ما حدث في سوريا مجرد "أعمال شرطة تجاوزت بوضوح استخدامها
للقوة".
أما على المستوى الإعلامي فقد حرصت وكالات الأنباء الغربية على العزف
على ذات الوتر، بل وتجاوزتها إلى التركيز على مظاهرات تأييد النظام
وتصوير المظاهرات المناوئة له على أنها فئوية تمثل طائفة تختلف في
مذهبها مع مذهب عائلة الأسد. كما دأبت على التشديد على أن الولايات
المتحدة ليس بيدها ما تقدمه للشعب السوري. وهذه الفكرة بالتحديد
نقلتها وكالة رويترز البريطانية عن المحلل السياسي الشهير جون الترمان
من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي قال إن أمريكا ليس
بيدها أية أوراق ضغط تستخدمها ضد النظام السوري لحمله على وقف القمع
الوحشي للاحتجاجات. واعتبر المحلل أن "الخيارات السياسية الحقيقية هي:
هل تحاول اقناع الحكومة بالتراجع وانقاذ نفسها؟ أم تحاول الضغط لتحويل
الأمر إلى أزمة يمكن أن تفقد الحكومة بسببها قبضتها على زمام
الأمور؟.. لا أرى أي أدوات تتمتع بها الحكومة الأمريكية يمكنها أنه
تحدث أي النتيجتين".
أما وكالة الصحافة الفرنسية فقد اهتمت بتغطية مظاهرات تأييد الأسد في
دمشق الثلاثاء، وقالت في سياق خبرها إن المسيرة تأتي "ردا على محاولات
لضرب التعايش السلمي"، في تأييد واضح لاتهامات النظام السوري للمحتجين
الناوئين له.
24/4/1432 هـ
- التصنيف: