لجوء المهديين إلى الحروف والأرقام

منذ 2017-05-13

يلجأ المهديون إلى علم الحروف، الذي زعموه من بين علوم اليماني، بل وحرفوا معاني آيات القرآن الكريم؛ لإثبات ذلك، ومنه: 1-احسب عدد جند و عدد آل محمد ستجد كلاً منهما يساوي(24). ج ن د ا ل ل ه 3+5+4+1+3+3+5=24 بالجمع الصغير ا ل م ح م د 1+3+4+8+4+4=24 بالجمع الصغير

يلجأ المهديون إلى علم الحروف، الذي زعموه من بين علوم اليماني، بل وحرفوا معاني آيات القرآن الكريم؛ لإثبات ذلك، ومنه:
1-احسب عدد جند و عدد آل محمد ستجد كلاً منهما يساوي(24).
ج  ن  د  ا  ل  ل  ه
3+5+4+1+3+3+5=24 بالجمع الصغير
ا  ل  م  ح  م  د
 1+3+4+8+4+4=24      بالجمع الصغير
فمن هذا الحساب تعلم أن جند الله هم آل محمد ‡، وأن عددهم 24، وهم الاثنا عشر إماماً، والاثنا عشر مهدياً، قال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:171-173]، وهذه الآية تخص تحقق الوعد الإلهي لجميع الرسل بالنصر بقائم آل محمد، وبما أن جند الله هم آل محمد، وهم(24) فلا بد أن يكون جندنا الغالبون هو أحدهم"[1].
ثالثاً: نظرة المهديين للمهدي المنتظر:
أما عن نظرة المَهْدِيّين للمهدي المنتظر، فيقول اليماني:"فالمهدي من ضروريات الدين ومنكره منكر لنبوة محمد، فقد جاء ذكره متواتراً عن النبي، سواء عن طريق السنة أو الشِّيَعة، ولكن السنة لما أعرضوا عن أوصياء النبي وتركوا حديثهم وقعوا في شبهة، أنّه سيولد في آخر الزمان، وإن اعترفوا أنّه من ولد علي وفاطمة "[2].
وقد شاركوا أهل السنة في جانب من أمر المهدي، حيث الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم ، وأنه في آخر الزمان، ومن ولد فاطمة، غير أن هناك ثمة اختلاف في قضية المهدي، أولها وأبرزها تحديد شخصية المهدي، فقد نقل صاحب ( رسالة الجواب المقنع المحرّر) عن الشيخ السَّفَّاريني[3] الحنبلي قوله:"قد كثرت الأقوال في المهدي حتى قيل لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق، أن المهدي غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى  عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم،.. وقد روي عن كثير من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم  ما يفيد مجموعُه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقر عند أهل العلم  ومدوّن في كتب أهل
السنة والجماعة"[4].
واتهم اليماني علماء أهل السنة بأن منهم من اعترف بأن الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر، بقوله: " ثم جاء من علماء السنة في الغيبة الكبرى من اعترف بأن الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت وأنه حي غائب عن الأبصار كالخضر، ومن هؤلاء الشافعي في كتابه (مطالب السؤول) حيث عقد فصلاً في نهاية كتابه المشار إليه للدفاع عن اعتقاده، إن الإمام المهدي هو محمد بن الحسن العسكري"[5].
ويُرَدُّ على اليماني في تدليسه، بقوله الشافعي حتى يوهم القارئ أنه الإمام الشافعي صاحب المذهب الشافعي، لكن ليس هو، إنما هو شافعي المذهب وليس هو الإمام الشافعي، وهو صاحب كتاب (مطالب السؤول في مناقب الرسول)، وجاء تعريفه في السير:" أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن حسن القرشي، العدوي، النصيبي، الشافعي، ولد: سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة، وبرع في المذهب وأصوله، وشارك في فنون، ولكنه دخل في هذيان علم الحروف وتزهد،
وقد ترسل عن الملوك، وولى وزارة دمشق يومين وتركها، وكان ذا جلالة وحشمة"[6].
فالكتاب المنسوب لمحمد بن طلحة الشافعي، وهو مطالب السؤول[7]، وكما وصفه الذهبي في سيره بأنه أصابه هذيان وترسل عن الملوك، كل هذا يشكك في ما صدر عنه، وإن صح نسبة هذا إليه فكل يؤخذ منه ويرد، ولا يعبر رأيه ألبته عن رأي أهل السنة حيث الإجماع، وسيأتي اعتقاد أهل السنة في المهدي وأنهم لا يقولون بأنه الثاني عشر، إنما هذا افتراء محض من اليماني على أهل السنة.
وما فعله المهديون ليس بغريب، فتلك عادة الشِّيَعة، وما فعله اليماني فتلك مكيدة من مكائده التي شب عليها بين الشِّيَعة الإمامية وتربى عليها بينهم، "ومن مكايدهم أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقاً لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتد بروايته، كالسُّديّ: فإنهام رجلان أحدهما السُّدي الكبير، والثاني السُّدي الصغير، فالكبير من ثقات أهل السنة، والصغير من الوضَّاعين الكذَّابين وهو رافضي غالٍ، وعبدالله بن قتيبة رافضي غالٍ وعبدالله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتاباً سماه بالمعارف، فصنف ذلك الرافضي كتاباً وسماه بالمعارف أيضاً قصداً للإضلال"[8].

------------------------------- 

[1] انظر: بيان الحق والسداد من الأعداد، ص154(مرجع سابق).
[2] العِجْل، أحمد الحسن، ص130(مرجع سابق).
[3] هو: محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، شمس الدين، أبو العون، عالم بالحديث والأصول والأدب، محقق، ولد في سفارين-من قرى نابلس- عام 1114ه، ورحل إلى دمشق فأخذ عن علمائها، وعاد إلى نابلس فدرس فيها وأفتى، وتوفي فيها عام1188ه. انظر: الأعلام للزركلي، ج6/14(بتصرف).
[4] راجع: رسالة الجواب المقنع المحرّر في الرد على من طغى وتجبر بدعوى أنه عيسى أو المهدي المنتظر، للشيخ محمد حبيب الله بن مايابي الشنقيطي، ص18و19، دار الشروق بجدة-السعودية.
[5] العِجْل، ص130.
[6] سير أعلام النبلاء، للإمام شمس الدين الذهبي، الجزء الثالث عشر، الطبقة الخامسة والثلاثون، ص365 رقم(6150)، اعتنى به: محمد بن عيادي بن عبدالحليم، ط1/1424ه = 2003م، مكتبة الصفا، القاهرة-مصر.
[7] ولا شك أن لكلام اليماني أصل في كتب أعلام الشِّيَعة الإمامية، وقد تعرض له الشيخ علي اليزدي الحائري، في كتابه: "إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب"، ج1/21و22، وفيه قال: "وأما من طرف أهل السنة فالمعترفين بولادته في سر من رأى من نرجس ...، الأول: أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي النصيبي ولا يكاد يوجد منكر من أهل السنة والجماعة لنفسه ولكتابه المسمى بمطالب السؤول..."
[8] مختصر التحفة الاثني عشرية، ص35.