عقيدة الشيعة في الطينة
إن من العقائد الغريبة التي جاء بها الاثني عشرية، اعتقادهم في الطينة، حيث يرون أنهم يختلفون عن سائر البشر، من حيث الخِلقة، وأن الطينة التي خلقوا منها تختلف عن الطينة التي خلق منها غيرهم، وعليه فهم يعتقدون أنهم أفضل الناس بعد أئمتهم.
الطِّينَة:
إن من العقائد الغريبة التي جاء بها الاثني عشرية، اعتقادهم في الطينة، حيث يرون أنهم يختلفون عن سائر البشر، من حيث الخِلقة، وأن الطينة التي خلقوا منها تختلف عن الطينة التي خلق منها غيرهم، وعليه فهم يعتقدون أنهم أفضل الناس بعد أئمتهم.
أولاً: التعريف بعقيدة الطينة:
جاء عند أهل اللغة معنى الطينة، فقالوا: "الطِّينة: الخِلْقة والجِبِلَّة. يُقَالُ: فُلَانٌ مِنَ الطِّينة الأُولى، وطانَهُ اللهُ عَلَى الْخَيْرِ وطامَهُ أَي جَبَله عَلَيْهِ، وَهُوَ يَطِينُه، وطِينةُ الرَّجُلِ: خِلْقَتُه وأَصله"[1].
وتتفق الدعوة اليمانية مع الاثني عشرية في عقيدة الطينة، والتي تعني:"أن الأئمة أو جميع الرافضة خلقوا من طينة أخرى تختلف عن جميع البشر، وأن علياً والنبي خُلِقَا من طينة واحدة فضلت منها فضلة خلق منها الشِّيَعة"[2].
"والذي تولى كبر إرساء هذه العقيدة-فيما يظهر-هو شيخهم الكليني، الذي بوب لها بعنوان"باب طينة المؤمن والكافر"وضمن ذلك سبعة أحاديث في أمر الطينة"[3].
ومما ذكره في هذا الباب، "عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله خلق المؤمن من طينة الجنة، وخلق الكافر من طينة النار؛ وقال: إذا أراد الله بعبد خيراً طيب روحه وجسده، فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه، ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره، قال: وسمعته يقول: الطيناتت ثلاث: طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل ولهم الفضل، والمؤمنون الفرع من طين لازب،، كذلك لا يفرق الله بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه، ولاا ناصب عن نصبه، ولله المشيئة فيهم"[4].
فإذا كان هذا هو اعتقاد الشِّيَعة الإمامية، فهو اعتقاد المهديين الذين تربوا على عقائد الإمامية الاثني عشرية، فقال اليماني:"هب أنك أحد النقباء الاثني عشر، وهؤلاء هم خيرة من في الأرض، فتدبر فضلهم على عامة الناس، وعلى عامة شيعة أهل البيت، فالشِّيَعة خلقوا من نورهم ومن فاضل طينتهم، وهؤلاء الشِّيَعة المخلصون أصحاب القائم خلقوا من نور خلق منه
محمد، ومن طينة خلق منها محمد"[5].
ويأتي التحريف المتعمد لآيات القرآن الكريم من اليماني الباطني الخبيث عندما سئل عن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]، فكان جوابه: "خلق الله سبحانه وتعالى محمداً، ثم خلق منه علياً وفاطمة، نوراً ظاهره علي وباطنه فاطمة، ثم خلق الخلق منهما"[6].
ثانياً: نقد عقيدة الطينة:
يأتي نقد عقيدة الطينة المزعومة من قبل الشِّيَعة والمهديين بأمور، منها:
أولاً: لم يأت في القرآن ولا في السنة، ما يبين أن الشِّيَعة أو أئمتهم، فضلاً عن أنبياء الله ورسله، خلقوا من نور، أو خلقوا من طينة تختلف عن الطينة التي خلق منها سائر البشر، فعندما أخبرنا ربنا في كتابه بمراحل خلق الإنسان، ما وجدنا تمايزاً ولا تفاوتاً بين عموم البشر، حتى الأنبياءء ، قال الله تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون:12].
ثانياً:إن القرآن الكريم يقرر الحقيقة البشرية للأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان:20]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110]، فكون الأنبياء بشراً يأكلون ويشربون كما يأكل الناس ويشربون، فيكون علي والأئمة من بعده أولى بذلك، إذ لا يصح أن تكون منزلتهم تتجاوز منزلة الأنبياء .
ثالثاً: هذا الذي ادعاه المهديون وزعموه، من أنواع الطينات التي جاء منها الناس بزعمهم: طينة الأنبياء ، والمؤمن منها، والطين اللازب، والذي تفرع منه المؤمنون، والناصبي من حمأ مسنون، والمستضعفون من تراب، كل هذا أقرب إلى الطبقية التي انتشرت في الديانات الهنديةة كالهندوسية وغيرها، وليس عندنا في الإسلام نظام الطبقات؛ لأنه مخالف للعدل الإلهي، ولأن الناس عند الله سواء، لا فضل لأحد على أحد، فلا اعتبار عندنا بالأحمر، ولا بالأسود ، ولا بالأبيض، فالكل سواسية، ولا عبرة في دين الله إلا بالتقوى والعمل الصالح.
رابعاً: إننا نؤمن أن "جميع النبيين وعيسى ومحمداً عبيدٌ لله تعالى مخلوقون؛ ناس كسائر الناس؛ مولودون من ذكر وأنثى؛ إلا آدم وعيسى؛ فإن آدم خلقه الله تعالى من تراب بيده؛ لا من ذكر ولا من أنثى؛ وعيسى خلق في بطن أمه من غير ذكر"[7].
خامساً: وبما تقدم نستنتج أن "هذه المقال ظاهرة البطلان، يكفي مجرد تصورها لمعرفة فسادها، وهي من فضائح المذهب الاثني عشري وعوراته"[8].
وللرد على ما سبق، أقول: إن الله لما خلق الخلق، خلق أول البشر-سيدنا آدم عليه السلام-من طين، ثم جاء البشر من سلالته، وهذا باتفاق وإجماع أهل الأرض قاطبة، لا ينازع في ذلك أحد، وذلك من كمال تكريم الله لبني آدم، حتى لا يفخر أحد على أحد، إذاً كل الناس أمام الله سواء، فلا تفاضل بين فئة وفئة، ولا بين فرقة وفرقة، إلا بالتقوى والعمل الصالح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
[1] انظر: لسان العرب، باب الطاء، مادة(طين)، ص2740.
[2] انظر: دراسات في الفرق الإسلامية، ص345، نقلاً عن الاختصاص، والأمالي، للمفيد.
[3] أصول مذهب الشِّيَعة الإمامية الاثني عشرية، ص955.
[4] أصول الكافي، كتاب الإيمان والكفر، باب طينة المؤمن والكافر، ص423.
[5] انظر: المتشابهات، ص171و172 (بتصرف).
[6] المتشابهات، ص208.
[7] المحلى، ج1/10.
[8] انظر: أصول مذهب الشِّيَعة الإمامية الاثني عشرية، ص962.