من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (11)

منذ 2017-08-31

سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).

لا هيكل لهم:

يدخلون من بوابة المغاربة متجهين للمصلى القبلي، ثم يواصلون بأقدامهم النجسة إلى ساحة المرواني ويتجهون إلى باب الرحمة ثم باتجاه بوابة الأسباط، إلى سبيل قيتباي بمحاولةٍ للشرب من مياهه ثم ينصرفون من بوابة السلسلة خارجين.

هذا هو مسارهم اليوميّ في جولاتهم الاقتحامية، وهذا هو المسار الذي كنت أنشرُ حلقات العلم على طوله كي لا يخلو لهم شبرٌ واحد يفعلون به ما بدا لهم.

كان وجودنا اليوميّ يزيدهم ضيقاً ويزيدنا إبداعاً وإلهاماً لمواجهتهم بالعلم وبالرباط، فانطلقنا بمشروعٍ جديد لطلاب التوجيهي الذين لم يلتحقوا بامتحان الثانوية أو فاتتهم فرصتهم، من خلال تجديد هذه الفرصة بتكثيف الدروس الخصوصية من أجلهم ليتمكنوا من اجتيازه بعون الله تعالى.

وصار الأقصى يعجّ بالمصلين وبالمقبلين على مصاطب العلم بمشاريعها المتنوعة، وازدادت الفرصة لملاحقة المقتحمين وتشتيت أمنهم.

كانت جهة بوابة الرحمة مكاناً يكاد يكون مهجوراً، لا يصل المسلمون إليه، يكاد يكون أشبه بمكبّ للنفايات، كان المقتحمون يستغلونه لأداء صلواتهم وطقوسهم الغريبة، ولإلقاء شروحاتهم المزوِّرة للتاريخ المنسوجة من وحي خيالهم بعيداً عن مرأى ومسمع المسلمين.

فكثّفنا وجودنا فيها بعد أن تكاتفت جهودنا في تنظيفها، كنّا نستمع لشروحاتهم لأطفالهم وطلابهم في تلك البقعة يقولون مشيرين لكوم النفايات: حين تصبح قبة الصخرة كهذا الكوم، سيكون بإمكاننا إقامة الهيكل!

أزحنا الكوم عن أعينهم بمجهودٍ جبار متكاتف، وصرنا حين يبدؤون بصلاواتهم نقف صفاً أمامهم مشهرين مصاحفنا في وجوههم وحناجرنا تصدح بالتكبير على مدار الوقت!

كنا قد علمنا أن اليهوديّ إذا صلى ووقفت أمامه امرأةٌ تبطل صلاته.

وأنّ رؤيتهم للمصاحف تعكّر صفوهم وتكدر مزاجهم، وأن أصوات التكبير ترعبهم!

جنّ جنونهم من هذا الجمع النسائي الذي يبطل عليهم صلواتهم ويرعبهم ويقلق راحتهم بعد أن كان هذا المكان مأواهم الآمن، فعمدوا لسرقة المقاعد التي كنا نجلس عليها. وكانوا دائمي الشكوى علينا لمحاولة مضايقتنا.

لم نيأس وفرشنا سجاداً وحصيراً فسرقوه، ولكنهم لم يعلموا أننا حتى وإن جلسنا على الأرض ساعاتٍ طوال فلن نترك لهم شبراً آمناً دون أن نلاحقهم فيه.

وصارت جولاتنا الإرشادية تلاحقهم حيث ذهبوا وتستغلّ المناطق الخالية لشروحاتها كما يفعلون، فالأقصى وإن فعلوا ما فعلوا وإن ضيقوا علينا الخناق يبقى لنا، ولا هيكل لهم!

يتبع...

المقال السابق
مذكرات مرابطة (10)
المقال التالي
مذكرات مرابطة (12)