من ينهي الحكاية - مذكرات مرابطة (18)

منذ 2017-09-06

سلسلة مقالات بقلم المناضلة الفلسطينية هنادي الحلواني، من مرابطات المسجد الأقصى، وقد أسمتها (مذكرات مرابطة).

وأبعادٌ سادس:

تعدّدت الإبعادات والسبب واحدٌ والهدف وحيد، والتهمة لا ثاني لها!

في حواري البلدة القديمة كنت ذلك اليوم أقضي وقتي مشياً فيها، لم أكن وقتها قد أنهيتُ إبعادي الأخير، كنت أتجوّل في أزقتها وأروقتها وسط استنفارٍ أمنيٍّ كثيف من جنود الاحتلال، فهمتُ أنهم يبحثون عن "فتاة" بمواصفاتٍ معينة، لم أُعرهم اهتماماً وتابعتُ سيري.

صادفتُ في طريقي صحفيةً ناولتني حقيبة وهي تهمّ بالمغادرة وتخبرني أنها لفتاةٍ ستعود قريباً، حملتُ الحقيبة وتابعت سيري وأنا أعدها أن أهتمّ بها لحين عودة صاحبتها.

تابعتُ سيري حتى وصلتُ منطقة باب القطانين، وهي منطقةٌ غير مأهولةٍ بالسكان كغيرها، لا يكون الاقبال عليها كبيراً في ساعات الصباح الباكر.

جلستُ هناك بقرب عيادةٍ كنّا نتلقى علاجنا فيها إذا ما أصبنا خلال مواجهاتنا مع الاحتلال على بوابات الأقصى، كنتُ أتشاغل بمحادثةٍ هاتفية ريثما تصل صاحبة الحقيبة وإذ بقوّة كبيرة من جنود الاحتلال يتجهون نحوي.

نظرتُ إليهم وأنا أحاول فهم الأمر، أخذوا هاتفي مني، وصادروا الحقيبتين وطالبوني بإخراج هويّتي ليتأكدوا من اسمي، حين رأت الشرطية اسمي التفتت إليهم وهي تؤكّد لهم أنني من يبحثون عنها منذ ساعات الصباح الباكر.

انقضّ عليّ في تلك اللحظة ستة جنود حملوني حملاً من باب القطانين إلى مركز التحقيق في المسكوبية مانعين المصوّرين من التدخل أو التصوير.

وجدتُ هناك بانتظاري سؤالين: ممن سرقتِ الحقيبة؟ ومن هي هنادي مكاوي المعروفة بهنادي الحلواني؟

يا حمقى!
أتتهمونني بسرقة حقيبةٍ وتحاسبوني أنتم عليها؟

أفلا تحاسبون أنفسكم على سرقة البلاد وإذلال العباد؟ أفلا تخجلون أن توجهوا إليّ هذه التهمة وأنتم تسرقون منا مفاتيح أقصانا المبارك؟

تبيّن في نهاية التحقيق أنني لم أسرق شيئاً إلا أن المعضلة بقيت من هي هنادي مكاوي؟

حاولتُ أن أخبرهم أن "مكاوي" عائلة زوجي وأننا في ديننا ندعو الابن لأبيه لا لزوجه لقوله تعالى: "ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله" استوقفته الآية وكتبها وسألني عن معناها فأجبته، ووجّه إليّ تهمة محاولة التمويه لأنني أنادي نفسي بهنادي الحلواني فأنكرت، لأجد قرار الإبعاد مجهزاً قبل انتظار نتيجة التحقيق، إبعاداً لمدة 6 أشهر قبل أن أنهي إبعادي الذي كان لمدة 30 يوماً.

عدتُ لبوابة السلسلة أواصل رباطي الذي كان يقهرهم بحقّ، لأجدهم قد وضعوا الحديد في منطقة بعيدةٍ عن بوابة السلسلة ليمنعونا من الوصول إليها، خاصةً وأنها أضحت معلماً عظيماً تتمركز فيه قوّةٌ لا حصر لها، وأنها أصبحت هدفاً لوسائل الإعلام ليتابعوا فيها كل جديد.

منعونا من الوصول إليها،وظنّوا ألا سبيل للرباط إلا إليها، فخابوا وخسئوا، وما انتهت بذلك حكايتنا بعد!

يتبع...

المقال السابق
مذكرات مرابطة (17)
المقال التالي
مذكرات مرابطة (2)