في وداع عام ١٤٣٨

منذ 2017-09-25

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:

حزم حقائبه وقوّض خيامه وودع قومه وآب واللقاء في ساحات القيامة:
{يَومَ تَجِدُ كُلُّ نَفسٍ ما عَمِلَت مِن خَيرٍ مُحضَرًا وَما عَمِلَت مِن سوءٍ تَوَدُّ لَو أَنَّ بَينَها وَبَينَهُ أَمَدًا بَعيدًا}.

في ليلة الوداع أمسك بذراعي قائلاً: ماذا صنعت في (٣٦٠) يوما تصرّمت من عمرك؟

وما ذا تركت في (٨٦٤٠) ساعة رحلت من حياتك؟!

ثم استدار إلىّ متجهّماً وقال: أين بلغت في مشروعك؟

وكم حققت من أهدافك؟

وماذا صنعت في أيام عام كامل من عمرك؟

من فضلك: حدثني عن أهم ثلاثة إنجازات حققتها في عامك الراحل؟


قل لي ذكرني:

أين كنت في بداية عامك؟ وأين بلغت هذا المساء في وداعه ورحيله؟ ما العادات الإيجابية التي اعتنقتها والعادات السلبية التي تخليت عنها؟ وما الأفكار والمفاهيم التي تمثلتها؟ وما القيم والمبادئ التي عشتها في رحلة أيام عامك الراحل؟

يا صاحبي ما الحياة لولا هذه المعاني؟

صدق الحسن حين قال: يابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك.

فارقني فتنهدت قليلاً من سوط سؤالاته فإذا به يعود عجلاً فيقول لي: نسيت أن أسألك عن دورك في مجتمعك وتركيزك على دائرة تأثيرك! ما خبرك في ذلك وما شأنك فيها؟ ماذا قدمت لوالديك؟ لجيرانك؟ لمسجد حيك؟ ما الأدوار التي شاركت بها في بناء وطنك وأمتك؟

يالسوأة الهوامش في حياة بعضنا! ويالظى الضياع في كثير من تلك الأيام.

ثم استأذن مني وقال أرجو ألا يكون الراحل من عمرك ودّعك وفي قلبك غل أو حسد أو بغض لأحد من المسلمين!

لعله رحل ولست هاجر لأحد من أهلك وأرحامك وأقاربك.

ثم ودعني وارتحل!

عدت بعد دوار تلك الأسئلة إلى نفسي وتأملت فجر الغد وأول خطو لي في عام ١٤٣٩ فنسيت تلك الأسئلة كلها وتخيلت عالم الغد ورحلة الأهداف وقصة المشروع فلملمت أوراقي وجمعت شتاتها وألقيت بنظري في تلك الأوراق فإذا فيها أهداف مشروعي كأني أنظر إلى مباهج النهاية فيها رأي عين وهي الأصل ونقطة الإرتكاز وقاعدة النجاح، وحولها وعلى جنباتها مكملاتها في الجانب الروحي والعقلي والصحي والمالي والاجتماعي.

وأدركت حينها الفرق الكبير بين فجر صاحب خطة وهدف، وفارغ ليس له في شؤون الناجحين من شيء.