دروس من قصة قارون

منذ 2017-10-10

قد يمد الله في عمرك حتى تشاهد نهاية الطغاة والمفسدين المستكبرين عن الأمر الله لتتعلم من الدرس و لكن الأصعب أن تلقى الله مفتوناً و قد أتى أجلك قبل أن تشاهد النهاية.

قال تعالى:

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} . [القصص 76-82].

1-   وصف الله تعالى قارون من بداية الأحداث بأنه رجل بغى على قومه ، و بالرغم من ذلك أعطاه سبحانه من الكنوز ما تتوق له الأفئدة و لا تستطيع العصبة من الشداد حمله ، اختباراً له و امتحانا بهذا المال ، مما يبين أن الله يعطي من يحب ابتلاء و امتحانا و يعطي من يكره امتحانا و اختباراً فالعطاء لا يعني التفضيل بحال من الأحوال ، بل عطاء الله لمن يكره يدل على هوان الدنيا و أموالها على الله و أنها دار غرور و اختبار و ابتلاء.

2-   الله تعالى لا يحب الفرحين المغرورين بالدنيا و زينتها.

3-   ميزان العدل في الإسلام لا يمنع المسلم من النهل من عطاء الله في الدنيا و عدم نسيان نصيبه منها بشرط أن أن يبتغي وجه الله و ثوابه و يعمل لآخرته و لا تنسيه الدنيا إياها.

4-   من أحسن الله إليه ينبغي عليه أن يحسن على خلق الله و أن يحسن التصرف فيما أعطاه الله فلا يبارزه بنعمه.

5-   منع الله تعالى من الفساد في الأرض و أخبرنا بوضوح أنه لا يحب المفسدين المغترين بمناصبهم أو أموالهم أو قواهم أو جمالهم.

6-   الغرور قد ينسي صاحبه فضل الله عليه فيبادر بأن ينسب إلى نفسه أو إلى علمه الفضل و قد نسي بغرروه من فاقوه من السابقين و قد طوتهم القبور.

7-   استخدم قارون فتنة العين والمشاهدة بأغرى الناس بالنظر إلى زينته  و قد خرج بكامل الزينة والأموال ليفتنهم ويلفتهم عن موسى عليه السلام وبالفعل نطقت طائفة مفتونة بتمنى مثل ما أوتي قارون.

8-   الربانيون من أهل العلم في كل زمان  دائماً هم أهل المواقف  الثابتة المشرفة أمام الفتن و أهلها المحذرون من شرها وشر الاقتراب أو الوقوع فيها.

9-   مهما طال إمهال الله للمستكبرين عن أمره ستأتي لحظة العقاب ، فهو يملي للكافر حتى أذا أخذه لم يفلته.

10-  قد يمد الله في عمرك حتى تشاهد نهاية الطغاة والمفسدين المستكبرين عن الأمر الله لتتعلم من الدرس و لكن الأصعب أن تلقى الله مفتوناً و قد أتى أجلك قبل أن تشاهد النهاية.

11-  قد يكون المنع من العطاء  منة من الله على عبده يحول بها بينه و بين المعصية أو الطغيان ، فالحمد لله على عطائه.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.