عجوز ومرآة.. وأسئلة مشروعة
علمُ أن الإسلام يأتي مؤكدا للفطرة ومصححا لها ومخاطبا إياها وبانيا عليها {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} .. فيأتي ليعيد للإنسان فطرته، وللمرأة حياءها وسترها، وللرجل غيرته ورجولته.. وللحياة استقامتها عموما..
قالت إحدى عجائز القرية أنه عندما بدأ الحجاب الشرعي الفضفاض ينتشر في القرية في متصف الثمانينيات ـ حجاب أو نقاب ـ وكان الناس يستنكرونه ويستغربونه..
قالت هذه العجوز الطيبة: جالستني بعض المحجبات والمنتقبات الجدد وقالت لها: يا حاجة بعد ما انتقبت أو تحجبت أخذت ألبس ملابسي القديمة التي كنت أخرج بها بين الناس، ألبسها في غرفة نومي أمام المرآة، وأتعجب كيف كنت أخرج بين الناس عارية هكذا..؟ أين كان حيائي..؟ وكنت لا أصدق نفسي أنني كنت في هذه الحالة السابقة.
وكلما رأيت قاذورات شوارعنا أتساءل هل عندما تنكشف تلك الموجة الآنية لغلبة الباطل، وتعود للناس فطرتهم، رجالا ونساء، ويعود للإسلام قدْر من المُكْنة والتوجيه والحرية بل قدر من الهيمنة والسلطة..
هل ستقف بناتٌ ونساءٌ آذوا الناس وآذوا دين الله، وقتئذ أمام المرآة، ويتساءلن: كم كُنّ عاريات، وكم كن متبجحات بلبس ما يجسمهن، وكم كن مغويات للناس وموهنات لدين الله وحربا عليه، وكم كن يمثلن سفاهة طافحة وطيشا مندفعا وسرورا للعدو وألما للمؤمن..؟ هل ستقف لتتساءل كم كانت مغيبة العقل ومخالفة للفطرة..؟ هل ستقف لتتساءل كم ذنب اكتسبت وكم تسببت في ذنوب لآخرين وكم جاهرت بمعصية الله.. هل ستتساءل عما ورثت لأبنائها..؟ وهل ستتساءل السؤال الكبير، والمهم: كيف سأعوض هذا..؟
والسؤال الكبير كذلك: هل سيقف الرجال أمام المرآة ليراجعوا رجولتهم وغيرتهم المفقودة، ويتساءلون عن الدياثة التي لحقتهم ونور الفطرة الذي انطفأ في نفوسهم..؟ وكم رضوا لمحارمهم بهذه الرزايا والمشاهد الممجوجة..؟
أعلمُ أن هذا الدين يأتي مؤكدا للفطرة ومصححا لها ومخاطبا إياها وبانيا عليها {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} .. فيأتي ليعيد للإنسان فطرته، وللمرأة حياءها وسترها، وللرجل غيرته ورجولته.. وللحياة استقامتها عموما..
وأعلم أن هذه الموجات والفقاعات تأتي على ضفاف المشكلة الكبرى محاربة منهج الله، وصراع مجتمعاتنا حول قبول منهج الله أو رفضه، وصراع المؤمنين من أجل هذا الدين، وهو صراع شاق وجاد وعميق.. ولا يرقب فيه العدو ضميرا أو رحمة أو شفقة، ولا يقصر في إجرامه.. فتأتي هذه الفقاعات على جنبيه ثم تنحسر وقد خسر فيها الناس خسارة ضخمة؛ فأحببت التذكير حتى لا تكون الخسارة كبيرة ومهلكة.. وللتذكير أنها فقط موجة.. موجة وستمر بإذن الله تعالى.
مدحت القصراوي
كاتب إسلامي