القدس تريد أولي بأس شديد

منذ 2017-12-10

الأمة تمتلك من القدرات العقلية والعلمية والبدنية ما يكفي ويفيض لتصبح ذات بأس لو أرادت، ولكنها قوى معطلة؛ فالأمة مأسورة بأسرها، ومن ثم قواها لا تنتج وإنما تستخدم من قبل العدو.

طريق تحرير القدس الصادق أن نكون أولي بأس شديد، سوى ذلك هي جهد المقل وأعمال رمزية بالامتناع عن لقاء فلان، أو مقاطعة لمنتج أو تظاهرة تعود بعدها لبيتك ويظل الثابت هو الأمر الواقع عبر قوة وبأس العدو.

قيمة الأعمال الرمزية وأهميتها تكمن في إبقاء القضية حية، وذات أهمية في نفوس أبناء الأمة. وهي فرصة للتذكير بالقضية وتاريخها والتعريف بمن خان لنأخذ الحذر. ومدارسة الحال، وكيفية الخروج منه. 


أما التعامل معها على أنها نهاية المطاف وأن من قام بذلك قد أدى ما عليه، وأن فرض الكفاية سقط بخروج التظاهرات أو امتناع شيخ عن لقاء مسئول أمريكي، ونحو ذلك، فهو الضلال بل لنا أن نسيء الظن ونقول أنها أعمال مسموح بها لامتصاص الغضب وتنفيسه حتى لا يتحول لقوة فاعلة. 

الأمة تمتلك من القدرات العقلية والعلمية والبدنية ما يكفي ويفيض لتصبح ذات بأس لو أرادت، ولكنها قوى معطلة؛ فالأمة مأسورة بأسرها، ومن ثم قواها لا تنتج وإنما تستخدم من قبل العدو، فالثروات تنهب، فمثلا فوائض البترول أين هي؟ وقس على ذلك.


وأما الثروة الأخطر فهي العقول المبدعة توضع العراقيل والقيود أمامها لتنفيرها، وتحويل البلاد لمركز طرد لهذه القوة المفكرة المبدعة، فتفر لديار العدو لتبدع له وتنتج له، فيرتد جهد وفكر أبناء الأمة سهاما قاتلة على أهليهم، ليس في المجال العسكري فسحب، ولكن جميع المجالات، فصناعات الدواء حكر على الخارج وليس لك إلا أن تأخذ توكيلا منهم، وصناعات التكنولوجيا وغيرها.

إن كنا جادين لتحرير القدس فعلينا أن نسعى لردم الفجوة في القوة بيننا وبين الخصوم، ونحن نملك ونستطيع لو سعينا دون تعويل على الطريق الرسمي من حكومات ونحوها، فهؤلاء هم السجانون المتعاونون مع العدو، وهل رأيت أسيرا يذهب لسجانه يطلب منه المساعدة في الفرار من الأسر؟

لماذا نتعلم أو نعلم أبنائنا؟ لمن نعلمهم لأنفسنا وأنفسهم أم لخدمة عدونا وعدوهم؟ إن كانت الأولى فماذا قدموا لنا ؟ ودعكم من الخبراء أو العباقرة، ولكن أتحدث عن السواد الأعظم منهم. ليس المطلوب الإبداع أو إنتاج ما لم ينتج بعد. بل يكفي توفير وإنتاج ما هو متاح وممكن ولكن دون اعتماد عليه بقوتك الذاتية، ودون استئذان منه، فهو لن يسمح لك.

لا تحدثوا الناس عن مقاطعة منتجاته فهي دعوة عبثية لأسباب عدة لا يحتمل المقام سردها، ولكن لماذا لا نحرمه من ثرواتنا بداية، لما لا نحرمه من المواد الخام؟ لا أن نمنحه إياها وثم نبحث عن غلق أسواقنا فيما بعد، والفارق بين الاثنين كبير، فهو الفارق بين المقاتل والأسير.

لن يحرر القدس الأسرى، ولكن القدس هي التي تحرركم إن أردتم، فتكونوا : {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}. فإن تتولوا تستبدلون بآخرين. فهو اختيارنا نحن.