عدل وجهاد السلطان صلاح الدين الأيوبي
عندما قرر التوجه لبيت المقدس رأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين الذى حطم قوة الصليبيين وجعلهم مابين قتلى او اسرى..
هو طريق تحرير القدس لا احباط من قوة العدو ولاطول زمن الاحتلال دروس لواقعنا المعاصر:
بداية الطريق لفتح القدس كانت من عماد الدين الزنكى الذى استطاع ان يؤسس دولة وقوة فى وقت التشرذم والضعف وهى الثغرة التى تسلل منها الصلبيون سابقا لاحتلال القدس.. ثم جاء بعده نورالدين محمود ليقوى سلطان الدولة بالعدل والتمدد الجهادى وتطهير البؤر حوله من الخيانة ونشر العلم الشرعى لاعداد جيش المجاهدين لتحرير القدس..
فالطريق للقدس كان محاط بالغام تشبه الواقع المعاصر احتلال صليبى (يهودى) خيانات من امراء مسلمين (عملاء امريكا)والباطنية (ايران ومشروعها الشيعى)..
لذلك لم يذهب نور الدين مباشرة نحو القدس بل كانت معركة الاعداد فعمل على حرب التطهير من الامراء الخونة واعداد جيش قوى والتمدد فى مساحات كبيرة..
ثم جاء دور صلاح الدين الذى اكمل الخطة وبدا بالخنجر المسموم وهو الدولة الفاطمية فقضى عليها وحارب اذنابها حتى انهى وجودها تماما ثم توجه للقضاء على البؤر الصليبية وتمدد ليكون جيش قوى فى ارض قوية ثابتة عقديا..
وعندما قرر التوجه لبيت المقدس رأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين الذى حطم قوة الصليبيين وجعلهم مابين قتلى او اسرى..
ولكن توجه لفتح مدن الساحل ومن ثم الهجوم على القدس، ففتحوا عكا و نابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية وصيدا وبيروت وجبيل..
وعسقلان والرملة والدراوم، واتم الاستيلاء على ساحل الشام ولم يصمد في وجهه غير مدينتيّ طرابلس وصور ومن عسقلان رحل منها وتوجه إلى القدس لفتحها، وقد وصل صلاح الدين إلى المدينة في (11 من رجب عام 583هـ= سبتمبر عام 1187م) واندلع القتال بعد 5ايام من وصوله..
وقد تجمع من الصليبين للقتال 60 الف غير النساء والاطفال وظل القتال 14يوم ولما رأى الصليبيون شدة القتال, وشعروا بأنهم أشرفوا على الهلاك؛ عقدوا اجتماعًا للتشاور، فاتفقوا على طلب الأمان؛ فأرسلوا وفدًا إلى صلاح الدين ُ, لكنه رفض قبول الامان الآن؛ لأنه أوشك أن يفتح المدينة عَنْوَةً, وقال: لا أفعل بكم إلا كما فعلتم بأهله حين ملكتموه سنة إحدى وتسعين وأربعمائة من القتل والسبي، وجزاء السيئة بمثلها.
( قتل الصليبيون 70 الف من المسلمين ) ولم يسعهم إلا أن يحاولوا مرة أخرى إقناع صلاح الدين بالعفو عنهم, ولكن صلاح الدين سبق له أن أقسم بأنه سوف يفتح بيت المقدس بحد السيف, ولن يحله من قسمه سوى إذعان المدينة بدون قيد أو شرط..
ولكن الخوف على المسلمين الاسرى داخل المدينة من القتل جعله يستشير مجلس حربه في الموقف, ثم قبل الامان على ان يدفعوا جزية ضريبة على كل منهم و دخل صلاح الدين المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583 هـ، الموافق فيه 2 أكتوبر سنة 1187م، وكان يوما من ايام الله وايام الاسلام الخالدة بعد 91عام من احتلال الصليبين للقدس تعود الى المسلمين..
وأمر صلاح الدين بترميم المحراب العمري القديم وحمل منبر من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكي قد أمر بصنعه ليوضع في المسجد الأقصى متى فُتح بيت المقدس، فأمر صلاح الدين بحمله من حلب ونُصب بالمسجد الأقصى، وأزيل ما هناك من آثار مثل الصليب الذي رفعه الإفرنج على قبة المسجد، وغُسلت الصخرة المقدسة بعدة أحمال ماء ورد وبُخّرت وفُرشت ورُتّب في المسجد من يقوم بوظائفه وجُعلت به مدرسة للفقهاء الشافعية، وقد ابتهج المسلمون ابتهاجًا عظيمًا بعودة القدس إلى ربوع الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية، وحضر ناس كثيرون من كل مكان فرحين وقد ظهر بوضوح عطف صلاح الدين وسماحته التى كانت على نقيض أفعال الصليبيين عند احتلالهم للقدس (راجع مقالى من يومين دموية الصليبين)
ويبقى ان النصر وعودة القدس تم عبر قيادة مؤمنة بوجوب اعلاء الاسلام زنكى ثم نور الدين ثم صلاح الدين مؤمنين بقضيتهم لايعرفون الوهن ولا الاحباط من قوة الصليبين وجول الزمان على احتلال القدس (واذا اردنا فتح القدس لابد من قيادة مسلمة لااشتراكية ولاعلمانية ولاقومية تؤمن بنصر الله لاتؤمن بقوة المجتمع الدولى لاتعرف الهزيمة النفسية امام امريكا واليهود لانها تؤمن بقوة الله حساباتها كلها مع الله)..
فعملت الاتى:
1_القضاء على الفرقة واتحاد دولة الاسلام (وهنا يجب الانتباه للقضاء على التنظيمات المختلفة والتوحد على قدر المستطاع).
2_القضاءعلى الخونة (وهم العملاء للامريكان واليهود فطالما هم باقين لن يتحقق فتح للقدس ولوبعد الف عام).
3_تقوية دور العلماء حتى ان كثير من العلماء شارك فى الجهاد وفتح القدس(وهنا يجب تصعيد العلماء المجاهدين وطرد المنافقين).
4_نشر ثقافة فرض الجهاد كجزء من مكونات المسلم لذلك كان كثير من المتطوعين فى جيش الفتح (اليوم المسلمون كثير مقتنع ان الجهاد ارهاب فكيف يحررون القدس؟).
5_ترسيخ العدل بين الناس والشورى (الظلم والاستبداد مهما كان يفسد اى بنيان).
6_القضاء بحسم على اعداء الاسلام من الخونة الباطنيين والفاطميين الذين سلموا القدس للصليبين من 90عام ونشروا عقيدتهم الفاسدة وتحالفوا مع الصليبين (واليوم واقعنا يشهد صعود قوة الشيعة ايران فلابد من تحجيمهم وفضحهم فهم على مدار التاريخ خنجر يستخدمه اعداء الاسلام اسقطوا بهم بغداد قديما وحديثافلاامان لهم).
7_عدم التعجل فى تحرير القدس والبداية بدات من الموصل ثم دمشق وماحولهما ثم مصر وهو ممايؤكد ان محور تحرير القدس هو مصر والشام (الطريق شاق ولابد من عدم التسرع فلن تستطيع حماس والمجاهدين فى فلسطين فتح القدس وحدهم ولا الان لابد من جهاد وصبر والخونة حول القدس فى بلاد العرب اخطر من اليهود).
8_الاعداد الايمانى للامة والاعداد والتخطيط العسكرى الجيد وتحمل السقطات مقابل تحقيق النصر الكبير(لابد من نخبة اسلامية واعية بدورها فى الاعلام والخطابة لتوعية الجماهير وحثها على التمسك بالاسلام لا نخبة تخذل الجماهير وتنشر العلمانية والليبرالية وتعادى الاسلام باطنا).
9_اهمية الشخصية القيادية يلاحظ ان فتح القدس تم عبر ثلاثة شخصيات قيادية زنكى ونورالدين ثم صلاح الدين( وهنا يكمن اهمية تصعيد الشخصية القيادية الواعية ودعمها والمحافظة عليها لا الحقد والحسد عليها وتعمد الاقصاء لها كما يحدث بين الاسلاميين وصراعهم حول القيادة).
ويبقى:
ان صلاح الدين جاهد طوال حياته لا باحثاً عن مال أو شهرة بل مجاهدا فى سبيل الله لايترك ظهر الخيل ووافته المنية بعد ستّ سنوات من تحرير القدس وانتقل إلى رحمة الله مرضياً بعد أنْ أدّى الرسالة والأمانة حاكماً عادلاًً. وترك دولةً تمتدّ من الدجلة إلى النوبة وإلى برقة ودفن بدمشق في (مارس 1192) ووجدوا في خزائنه ديناراً واحدا وسبعة وأربعين درهماً. لأنّه مجاهدا فى سبيل الله زاهداً بالمال لأنّه في صباه سمع عن خطبة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذّر فيها المسلمين من الخطر المادي، فرُوِيَ أنّه قال: (ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أنْ تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم)..
واخيرا الطريق لفتح القدس يحتاج الى عدم الاحباط بسبب قوة العدو اليهودى ولا الامريكى ولا طغيان عملاء اليهود والصليبين بل ايمان بالاسلام والعدل وبحقوقنا راسخ كالجبال رحم الله صلاح الدين. وانزله منازل الشهداء مع النبيين والصديقين وجمعنا به فى الفردوس الاعلى.
- التصنيف: