المنتظر والمنتظرون.. وفتنة القرون..!

منذ 2017-12-28

فتن متطاولة عبر أزمنة متواصلة، تقف وراءها نبوءات الدجل ومؤامرات الدجاجلة، التي لم تقف لها إلا أمة التوحيد، التي كانت هي الوحيدة التي تنازل أولئك المُسحاء الكذبة من جنود إبليس.

إثارة الحديث عن أثر أساطير الانتظار اليهودية والصليبية في تفجير الفتن التاريخية والصراعات المستقبلية؛ ليس المقصود به الإغراق في التفسير الغيبي للتاريخ، ولكن المراد أن ندرك مغزى كثرة تحذير القرآن من عقائد كفار أهل الكتاب، حيث يبين كتابنا أن تلبيسهم وخداعهم وكذبهم على الله قد ضلوا به، وأضلوا كثيرًا، وضلوا عن سواء السبيل..فضاقوا بدين الحق وضيقوا على أهله..ولهذا نادهم الوحي الخاتم بقول الله تعالى: {يا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: 70 -71].

عندي قناعة بأن تحريف الذين كفروا من أهل الكتاب لكتبهم.. جعل فتنة الدجال تبدأ قبل خروجه بقرون، حيث بدأت فصولها مع اليهود منذ كفروا بنبوة عيسى بن مريم - عليه السلام - بعد أن دعاهم للتخلي عن أحلام الجبروت في الدنيا، ليقبلوا على ملكوت الآخرة.. بينما كانوا هم ينتظرون نبيا ملكًا، يخرجون معه من ذل الرومان ليسودوا العالم إلى آخر الزمان، فضلوا من يومها عندما كفروا به وفضلوا انتظار موعود آخر يقودهم للعلو على العالمين.. [وهو الدجال] ولكن لايشعرون..


وقد زاد اليهود في فتنة (المنتظر الموعود) بإضافة بُعد جديد أخطر وأوسع،عندما أفسدوا النصرانية عن طريق (بولس).. فتحولت ديانة المسيح هي الأخرى إلى عقيدة انتظار لمخلِّص آخر موعود، عنوانها (عودة الرب يسوع) لتعيش فرق النصرانية كلها في انتظار قدومه للأرض المقدسة، حيث سيرفع أتباعه من فوقها - كما يفترون - إلى فوق السحاب عندما يعود، ليعيشوا (ألف عام سعيد)، تاركين سكان الأرض يبيد بعضهم بعضا، خلال حرب عالمية شاملة يسميها الإنجيل المحرف بمعركة (الهَرْمَجِّدُّون) يهلك بسببها ثُلثا سكان العالم! و لهذا تدبر الصهيونية اليهودية مع الصهيونية الإنجيلية لإشعالها، حتى لا يبقى إلا أتباع المسيح وأنصاره من (اليهود الجدد) الذين يعتقد عباد الصليب أنهم سيدخلون في دينه ويكونون من أنصاره هذه المرة...! وأصبح الفريقان ينتظران موعودا مختلفا عليه.. [هو الدجال] ولكن لا يعلمون..

وكان اليهود قد أضافوا فصلًا خرافيًا من فتنة الانتظار؛ عندما كفرت غالبيتهم ببعثة النبي الخاتم للرسالات -صلى الله عليه وسلم- بدعوى عدم انطباق أوصاف منتظرهم عليه.. وتبتعهم على هذا الكذب والتكذيب أمم من النصارى، وتواطأ المنتظِرون - إلا من أسلم منهم - على عداوة النبي الخاتم ومحاربته في حياته.. عازمين على إضلال وإذلال أمته بعد مماته.. في سلسلة حروب صليبية كان موضوعها انتظار عودة المسيح، وموضعها الأرض المقدسة، التي احتلوها خلال الحروب الصليبية الأولى.. ورفعوا الصلبان فوق مقدساتها لنحو تسعين عامًا.. ثم استأنفوا منذ مئة عام حروبًا صليبية جديدة..تتوالى فصولها منذ إسقاط الخلافة ثم احتلال الانجليز لفلسطين والقدس عام 1917..وحتى إعلانها عاصمة عام 2017..كل هذا وهم في وهم الطهارة، يهيئون لمخرج مخلص مزعوم [هو الدجال] الذي ماتت على الشرك في انتظاره أجيال وأجيال...

وفي مقابل شرور الروم المتعاونين على الإثم والعدوان مع اليهود منذ عشر عقود.. أطل منافقو الفرس لإعادة ملك فارس من جديد، بدعوى حتمية مجيئ منتظر آخر موعود، فاصطنع لهم اليهود عن طريق (عبد الله بن سبأ) اليهودي قصة انتظار مماثلة لما في اليهودية والنصرانية، لكنها مكسوة بلبوس إسلامية، تقوم على معاداة العرب المسلمين عامة.. وأصحاب النبي وأزواجه خاصة..في إفك جديد ودين مفترى، فحواه باختصار.. تحويل الانتظار إلى انتصار لمهديهمٍ الضال، الذي لانشك بأنه [هو الدجال]..الذي يشاركون اليهود في التهيئة لخروجه وتجهيز معالم سلطانه، ليحققوا معه وبه أحلام الانتقام من كل منسوب للعرب والسنة أحياء وأمواتا.. لذلك تستبشر جماهيرهم؛ منذ فتنة الخميني وحتى الخامنئي والسيستاني؛ بالفرج " القريب" لمهديهم الشيطاني، كي يكسِر المسجديْن المقدسيْن ويهدمهما... ويستخرج رفات الشيخيْن فيصلبهما..ويقيم الحد على عائشة أم المؤمنين..ولايسلم من سيفه إلا المشركون..!

فتن متطاولة عبر أزمنة متواصلة، تقف وراءها نبوءات الدجل ومؤامرات الدجاجلة، التي لم تقف لها إلا أمة التوحيد، التي كانت هي الوحيدة التي تنازل أولئك المُسحاء الكذبة من جنود إبليس.. وستظل كذلك طالما بقيت فيها الطائفة المنصورة التي الباقية على الحق، والتي وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:
«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» (رواه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة 4/602).