مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - آية الحجاب
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب 59]
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} :
تسمى هذه الآية (آية الحجاب)
فيها فرض الله عز وجل على كل مسلمة أن تسدل خمارها لتستر بها رأسها و تخفي به فتحة ثيابها لتستر صدرها حتى لا يطمع فيها أحد.
و في هذا إعلاء لقيمة المرأة في الإسلام و إعلان واضح يدل على علو مكانتها وارتفاع قيمتها , فالجوهرة الثمينة يجب المحافظة عليها من أدنى اعتداء أو خدش , وسد كل ذريعة تؤدي إلى محاولة الاعتداء عليها.
و قد بدأ الله عز وجل بأمر زوجات النبي صلى الله عليه و سلم لأنهن القدوة لكل مسلمة .
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب 59]
قال الشيخ الألباني ، رحمه الله تعالى :
شروط الحجاب :
أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} } .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه .
ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه )
لقوله تعالى : { {ولا يبدين زينتهن} } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} } [سورة الأحزاب:33 ] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم " . أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد " .
ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات " زاد في حديث آخر :"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .
قال ابن عبد البر : أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .
خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) لأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن
قال السعدي في تفسيره:
هذه الآية، التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد من غيرهن، ولأن الآمر لغيره ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: { {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا } }
أن { {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} } وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي: يغطين بها، وجوههن وصدورهن.
ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: { {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} } دل على وجود أذية، إن لم يحتجبن، وذلك، لأنهن إذا لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما استهين بهن، وظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.
{ {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } } حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم، بأن بين لكم الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب من جهتهن.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.