نظام الأسد بين اعترافات الإرهابيين والتآمر الخارجي

منذ 2011-05-10

أستغرب من جرأة النظام السوري على الكذب والحديث عن التآمر الخارجي، فيما تآمر هو مع المخابرات الأمريكية على ماهر عرار والذي كانت جنسيته الكندية جسر الخلاص له من غياهب سجون الأسد والتي أفنت ظلما وقهرا أعمار عشرات آلاف من خيرة أبناء سوريا علما وثقافة



ما يفتأ الإعلام السوري يردد أكاذيب فاضحة بصفاقة عجيبة مستندا بذلك إلى أبواق فقدت إنسانيتها وهي تساند القاتل على الضحية، والطاغية على طلاب الكرامة والحرية من صفوة أبناء سوريا وخيرتهم. النظام يستند بأكاذيبه على تعتيم إعلامي لجأ إليه بذريعة منع التحريض، وكأن الشعب السوري الواعي والوطني يمكن تحريضه بسهولة ويسر ليدفع روحه ثمنا لأجندة الآخرين. وعلى رغم اعتراف بشار في خطابه الأخير بوجود فجوة بين المواطن والدولة فإن هذه النظرة الدونية والمنفصلة عن الشعب السوري ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ألم يقل بشار لصحيفة وول ستريت الأمريكية أن السوريين غير مؤهلين للإصلاحات بعد؟


أين هي المؤامرات الخارجية، إذا كانت الولايات المتحدة وحلفائها وخصوصا بريطانيا وبعد سبع أسابيع من الجرائم والقتل والترويع والحصار ومئات الضحايا وآلاف الجرحى والمعتقلين في سوريا، يعيدون ويكررون أن الإصلاح ما زال ممكنا. مقارنة مواقف تلك الدول وعلى الأخص واشنطن من مبارك وبن على تظهر حجم الدلال والمعاملة الخاصة والتي يحظى بها النظام والذي حافظ على اهدأ جبهة عربية مع الدولة العبرية.


الحديث عن التآمر الخارجي وعن اعترافات لجماعات سلفية متطرفة، يعود بذاكرتنا إلى خريف 2002، حين أوقفت السلطات الأمريكية -على إثر معلومات خاطئة قدمتها الشرطة الملكية الكندية بخصوص علاقات مع عناصر من القاعدة- ماهر عرار الكندي من أصل سوري في مطار نيويورك عندما كان عائدا من تونس إلى مونتريال. وقامت السلطات الأمريكية على إثرها بترحيله لسوريا حيث سجن في موطنه الأصلي وتحت حكم "الإصلاحي" بشار الأسد لمدة سنة تعرض فيها لتعذيب شديد ثم تم الإفراج عنه في 5 أكتوبر 2003 م بعد ضغوط كندية على الحكومة السورية.


النظام السوري أدان عرار بتهمة الانتماء للقاعدة بعد اعترافات وقعها -شبيهة باعترافات السلفيين الجدد في التلفزيون السوري- وحكم عليه بالسجن. ولما عاد الرجل إلى كندا تمت تبرئته بعد تحقيق طويل ومعمق واعتذرت منه الحكومة الكندية وعوضته بنحو عشر ملايين دولار كندي. قصة عرار تبرهن على التعاون الأمني والاستخباراتي الكبير بين واشنطن ودمشق وهو أمر كان النظام السوري يفاخر وفيه ويتباهى به. حكومة الأسد عذبت مواطنا وانتزعت منه اعترافات بالانتماء للقاعدة لتبرهن على إخلاصها للإدارة الأمريكية وقدرتها على تقديم خدمات مميزة ولو على حساب كرامة وإنسانية مواطن سوري بريء.


أستغرب من جرأة النظام السوري على الكذب والحديث عن التآمر الخارجي، فيما تآمر هو مع المخابرات الأمريكية على ماهر عرار والذي كانت جنسيته الكندية جسر الخلاص له من غياهب سجون الأسد والتي أفنت ظلما وقهرا أعمار عشرات آلاف من خيرة أبناء سوريا علما وثقافة ووطنية. النظام السوري أخر من يحق له الحديث عن التآمر الخارجي، فهذا النظام لولا الدعم والتآمر الخارجي ما كان له أن يصل للحكم منذ عهد الأب ولا أن يورثه للإبن، ألم تكن فرنسا جاك شيراك هي من استقبل بشار الأسد في 7-11-1999 قبل وفاة والده وقبل توليه أي منصب رسمي، فيما اعتبره مراقبون ومحللون حينها اعتماد وتعميد سياسي، وضوء أخضر غربي لتوريث حكم جمهوري في أول واسوا سابقة في الجمهوريات العربية!! كما إن هذا النظام أضعف مصداقية -ومن خلال تجربة عرار- وغيرها من أن يحاجج ويجادل باعترافات نزعها من خلال التعذيب أو الترهيب!!


5/6/1432 هـ
 

المصدر: د. ياسر سعد - موقع المسلم