ألوانٌ من لَوْحَةِ ثورةِ الحرّية في سوريّة (2)

منذ 2011-05-16

طوبى لشباب سورية، الذين سحقوا مزاعم السفّاح الطائش (بشار أسد)، والذين يصنعون فجرنا الجديد، ويُعيدون صياغة تاريخنا الحديث الذي زوّره المزوِّرون، والذين يقومون بإعادة بناء سورية المجد والحضارة..


محتجون يدوسون تمثالاً لحافظ الأسد الإعلام السوريّ -كنظامه- قادم من العصر الستالينيّ
عندما تخرج الحشود الجماهيرية في معظم المحافظات السورية، في جمعة الكرامة، ويسقط قتلى وجرحى في صفوف الجماهير الثائرة، التي تهتف: (الله.. سورية.. حرية.. وبس)، وتنتشر أخبار التظاهرات الغاضبة في العديد من القنوات الفضائية واسعة الانتشار، ثم ينهض وزير الإعلام السوريّ من فراشه، ليصرّح عبر العالَم: (الأوضاع في كل أنحاء سورية هادئة، ولا يوجد ما يعكِّر صفو الأمن والأمان على الإطلاق)!.. عندما يحدث ذلك في الواقع وليس في الأحلام.. فاعلم أيها المواطن السوريّ، أنّ النظام الأسديّ يتدحرج في طريق السقوط!..


لكنّ الإعلام الصدئ، الذي اكتسب هذا (التخلّف الراقي)، نتيجةً من نتائج الفساد المستشري في مفاصل الدولة، سقط قبل سقوط نظامه ببضعة أشهر، وهو منشغل بتلفيق الأنباء، وصناعة الأفلام الرديئة، التي تفتقر إلى التقنيات الحديثة للتلفيق!.. إذ حتى التزوير والتلفيق لدى الإعلام السوريّ، قد ناله الفساد، فأصيب بفايروس التخلّف غير القابل للعلاج، تماماً كالفايروسات التي (تسرح وتمرح) في مفاصل النظام (التقدميّ)، الذي (يستمتع) بحضارة أوائل القرن المنصرم!..


بشار أسد -حسب مزاعم الروايات الرسمية- أَمَرَ (بعدم) إطلاق النار على المتظاهرين.. لكنّ إطلاق النار مستمرّ لم يتوقف مطلقاً، والحصيلة: مئات الشهداء، وآلاف الجرحى.. واللاعب الإعلاميّ (العبقريّ) هو الذي عليه أن يُقنِعَ العالَم، بأنّ الحرس الجمهوريّ القاتل قد عصى أوامر (الرئيس)، وما يزال عصيانه لرئيسه مستمراً حتى هذه الساعة!.. فإن كان بشار بن حافظ أسد لا يستطيع ضبط النخبة من جنوده وحرسه كما يزعمون، فلماذا يستمرّ في هذه الرئاسة؟..


كما على الإعلام الرسميّ -المسكين- أن يُقنِعَ الدنيا، بنظريات: المدسوسين، وعملاء (إسرائيل)، والعصابات المسلَّحة.. فضلاً عن الأفكار (الرائدة) لبثينة شعبان ومحسن بلال وشلّة (المحلِّلين السياسيّين النزيهين العظماء) الأسديّين، ومشعوذي ما يسمى بمجلس الشغب (بالغين لا بالعين).. الذين قادوا (سيرك) التصريحات الإعلامية والتحليل السياسيّ السوريّ (الباهر)، على القنوات الفضائية، فكانوا فضيحة العصر، لأنهم عكسوا الصورة الحقيقية لنظام العصور الوسطى، الذي ما يزال يُطلِق عليه بعضُ المغفَّلين اسم: النظام السوريّ!..

وسائل الإعلام الأسدية، سُبّة في التاريخ السوريّ، وفضيحة العصر التي لا تغطيها كل غطاءات أصحاب الخلايا العصبية الدماغية الميتة، لنظام حكمٍ ساقطٍ.. لا محالة!..

* * *

شباب ثورة الحرية السورية المبارَكَة: لقد استوى الماء والحَجَر!..
أكبرهم سنّاً دون الأربعين من العمر، أجيال متعاقبة، حاول النظام أن يربّيها -بدءاً من طلائع البعث- على التفاهة والهتاف الفارغ والشعارات العقيمة، وعلى التصفيق الهستيريّ.. لكنّ الشام لها أهلها الصناديد، الذين لا تُغَـــيِّـرهم المبادئ الوضيعة، ولا تؤثّر في أنفسهم عقائد التافهين، ولا أفكار المفسدين!..


الشباب السوري عرف طريقه، واستوحى رَفْضَ الاستبداد والظلم، من التاريخ العريق لسورية الحضارة والشموخ.. فامتلك وسائل التقنية العصرية، وأبدع أيما إبداع، على الرغم من الستار الحديديّ الذي فرضه على البلاد نظامٌ شموليّ شديد التخلّف والجمود.. شبابٌ نـهل من شجاعة الأجداد ومروءتهم وقوّة شكيمتهم وحكمتهم وتضحياتهم.. الكثير، ثم فجّر ذلك كله في شوارع البلاد كلها وساحاتها العامة، وعبر وسائل الإعلام الحديثة.. فصنع ثورةً عارمةً اقتحمت كل الأسوار المفروضة عليه وعلى آبائه وأجداده منذ عشرات السنين، مفاجِئاً كل السادرين في غيّهم، والمغرورين، والواثقين بتنبّؤات المستقبل.. وأول هؤلاء: (العبقريّ) بشار أسد، ومستشارته سيئة الذكر (بثين)، المختصّة بالأكاذيب والنفاق والتفاهة (باللغتين العربية والإنكليزية).. أليس بشار أسد هو الذي كان يسخر من صحفيّ الـ (وول ستريت جورنال) قبل أسابيع قليلةٍ من اندلاع ثورة الحرية في سورية؟.. عندما سأله عن توقّعاته بوصول رياح التغيير في المنطقة إلى (القلعة الأسدية).. مُـجيباً بثقةٍ فارغة: (نحن ملتحمون بالشعب ونُعبّر عن رغباته، ومختلفون عن غيرنا من حكّام المنطقة البعيدين عن رغبات شعوبهم وتطلّعاتها)!.. أليست (بثين) هي التي اعتبرت -بأنفةٍ فارغة- (أنّ الثورات العربية كانت نتيجةً طبيعيةً لحالة الفصام، ما بين الحكّام والشعوب)؟.. معتبِرَةً (المزرعة) السورية بكل عبيدها، بعيدةً عن مثل حالة الفصام هذه بين الحاكم والمحكوم، بين الأرباب المزيّفين والعبيد؟!..


طوبى لشباب سورية، الذين سحقوا مزاعم السفّاح الطائش (بشار أسد)، والذين يصنعون فجرنا الجديد، ويُعيدون صياغة تاريخنا الحديث الذي زوّره المزوِّرون، والذين يقومون بإعادة بناء سورية المجد والحضارة.. طوبى لهم وهم يبذلون أرواحهم ودماءهم رخيصةً في سبيل صناعة مستقبل الأجيال القادمة، التي يريدها الطغاة المارقون صفاً آخر من صفوف العبيد في الجمهورية الوراثية، التي تمثّل الفضيحة الكبرى في القرن الحادي والعشرين!..
12 من نيسان 2011م.

يتبع إن شاء الله

* * *

13/5/1432 هـ
 

المصدر: د. محمد بسام يوسف - موقع المسلم