اعتنم أفضل أيام السنة
أيُّ عمل صالح من صلاة وصيام وقيام من نفل مطلق من غير تحديد، ومن بر وصلة رحم إلى إماطة الأذى عن الطريق، كما في حديث شعب الإيمان، ويدخل فيه الأضحية نفسها وصلاة العيد.. فضلا عن الجهاد في سبيل الله في ساحاته المشروعة..
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء» (البخاري في صحيحه، برقم: 969)، وفي رواية الترمذي: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء» (الترمذي برقم: 324)،.
أيُّ عمل صالح من صلاة وصيام وقيام من نفل مطلق من غير تحديد، ومن بر وصلة رحم إلى إماطة الأذى عن الطريق، كما في حديث شعب الإيمان، ويدخل فيه الأضحية نفسها وصلاة العيد.. فضلا عن الجهاد في سبيل الله في ساحاته المشروعة..
وإذا كانت ليلة القدر خير من ألف شهر ‹وكانت هذه الأيام أفضل من أي يوم آخر، فمعنى ذلك أنه يمكن أن تحصل على أفضل من (خير من ألف شهر).. وأعلم الخلاف والمقارنة بين أواخر عشر رمضان وأوائل عشر ذي الحجة..
وقد جمع بعض العلماء رحمهم الله بأن تلك خير من جهة الليل لوجود ليلة القدر فيها، وتلك خير من النهار لوجود عرفة ويوم النحر فيها.. وهو جمع اجتهادي... وأميل إلى التفضيل المطلق لعشر ذي الحجة ، لأن النص فيها جاء بالتفضيل على غيرها مطلقا، أما ليلة القدر فقد جاء فيها الفضل وليس التفضيل على غيرها.. وما بالنا نحرم أنفسنا من فضل أفضل من ليلة الفضل، فإنه زيادة في الفضل والأجر لا إنقاص فيه من ليلة القدر ولا أواخر رمضان! وخاصة أن اليوم يطلق ويراد به النهار فقط، ويطلق ويراد به اليوم بأكمله، فيشمل الليل والنهار، قال ابن حجر: ((قوله باب صيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة)...قيل المراد بالبيض الليالي وهي التي يكون فيها القمر من أول الليل إلى آخره حتى قال الجواليقي من قال الأيام البيض فجعل البيض صفة الأيام فقد أخطأ وفيه نظر لأن اليوم الكامل هو النهار بليلته وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام لأن ليلها أبيض ونهارها أبيض فصح قول الأيام البيض على الوصف) الفتح:4/ 226).
فاجتهد أيها المسلم في هذه العشر العظيمة واحتسب الأجر العظيم من ربنا العظيم سبحانه وتعالى..
قال ابن رجب في فتح الباري: (أما تفضيل العمل فيهِ على العمل في كل عشر غيره، فلا شك في ذَلِكَ. ويدل عليه: ما خرجه ابن حبان في ((صحيحه)) ، من حديث جابر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة» . فقال رجل: يا رسول الله، هو أفضل أو عدتهن جهاد في سبيل الله؟ قالَ: «هوَ أفضل من عدتهن جهاد في سبيل الله عز وجل» . فيدخل في ذلك تفضيل العمل في عشر ذي الحجة على العمل في جميع أعشار الشهور كلها، ومن ذلك عشر رمضان.
لكن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، فأما نوافل العشر فليست أفضل من فرائض غيره، كما سبق تقريره في الحج والجهاد. وحينئذ؛ فصيام عشر رمضان أفضل من صيام عشر ذي الحجة؛ لأن الفرض أفضل من النفل. وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره.)[9/ 15- 16].
بقي أن نوكد بأن العمل هنا عام، فيشمل كلة خير وبر، من صلاة ومنه صلاة العيد، والصيام وآكده يوم عرفة، والأضحية وإطعام الطعام، ويشمل الصدقة وبر الوالدين، والسعي على الأرملة واليتيم، ورحمة الصغار واحترام الكبار، والإحسان إلى الخلق عموما والجار خصوصا، والدعوة إلى الله والإصلاح بين الناس، والدفاع عن أعراض المسلمين، وعدّد ما شئت من العمل الصالح.. نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح..
أبو محمد بن عبد الله
باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.
- المصدر: