حتى لا يحبط عملك وأنت لا تشعر
والذنوب التي تحبط الأعمال على نوعين: ذنوب كفرية، وذنوب غير كفرية
قال حذيفة رضي الله عنه : " «كان الناسُ يسأَلون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخيرِ، وكنت أسألُه عن الشَّرِّ مخافةَ أن يُدرِكَني» " ([1]).
وقال أبو فِراس:
عرَفتُ الشرَّ لا للشرِّ لكن لتوقِّيه
ومن لم يعرِفِ الشرَّ من الناسِ يقَعْ فيه
فينغي على المسلم أن يتعلم الواجبات ليعمل بها، ويعلم المحرمات ليحذرها، يعلم المكروهات والمستحبات، يعلم التوحيد والشرك، الإيمان والنفاق، يعلم أسباب قبول الأعمال، وأسباب حبوطها، وهكذا.
والذنوب التي تحبط الأعمال على نوعين: ذنوب كفرية، وذنوب غير كفرية. فأما الذنوب الكفرية فهي محبطة للعمل جمعِه، ولا تُبقِ لصاحبها على خير فعلَه.
وأمَّا الأعمال غير الكفرية فهي من كبائر الذنوب، فإن العلماء يقولون: إنَّ حبوطَ العملِ في ذنبٍ وعيدٌ شديدٌ لفاعلِ الذنب، وهو عَلامةٌ على أنَّه كبيرَةٌ. قال ابن تيمية رحمه الله ([2]): "حُبوطُ العملِ لا يُتَوَعَّدُ به إلَّا على ما هو منِ أعظمِ الكبائرِ".
وقد استدلَّ بعض فرق أهل الإسلام بحبوط عمل من ارتكب هذه الذنوب على تكفيرِ مُرْتَكِبِ الكبيرةِ من أهلِ التَّوحيدِ، وقالوا: هو نظيرُ قولِه تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]. فردَّ عليهم العلماءُ؛ فقالوا: مفهومُ الآيةِ أنَّ مَنْ لم يكفُرْ بالإيمانِ لم يُحْبَطْ عملُه، فيتعَارَضُ مفهومُها ومنطُوقُ الحَديثِ؛ فيتعيَّنُ تأويلُ الحديثِ؛ لأنَّ الجمعَ إذا أمكنَ أولى من الترجيحِ.
واختلفَ أهلُ العلمِ في معْنَى حُبُوطِ العملِ هنا على أقوالٍ ([3])؛
1- المرادُ مَن فعَلَ هذا الفعْلَ مُسَتخِفًا مستهزئًا.
2- خرجَ الوعيدُ مخرجَ الزَّجرِ الشديدِ، وظاهرُه غيرُ مرادٍ.
3- هو من مجازِ التشبيه، كأنَّ المعنى: فقد أشبَه من حبِطَ عملُه.
4- معناه: كادَ أن يَحبَطَ.
5- المرادُ المبالغةُ في نُقصَانِ الثوابِ؛ إذ حقيقةُ الحبوطِ إنما هو بالرِّدَّةِ، وعبَّرَ بالحُبوطِ وهو البطلانُ للتهديدِ والتشديدِ.
6- المرادُ بالعملِ عمل الدنيا الذي كان بسببِ فعلِه لهذا الذنبِ، أي لا يستمتعُ به.
7- المعنى: أُسقِطَتْ حسناتُه في مقابلَةِ سيئاتِه، وسُمِّيَ إحباطًا مجازًا. وقيلَ غير ذلك؛ فالله أعلم
أبو حاتم سعيد القاضي
طالب علم وباحث ماجستير في الشريعة الإسلامية دار العلوم - جامعة القاهرة
- التصنيف: