نشرة الأخبار
منذ 2004-04-30
نشرة الأخبار.. وما أدراك ما نشرة الأخبار..؟ ثم ما أدراك ما نشرة الأخبار؟!
منذ سنوات طويلة والناس تتابع نشرات الأخبار، فلا تكاد تسمع فيها إلا خبراً محزناً أو نبأً مؤلماً، والقاسم المشترك في هذه الآلام هم المسلمون .
يجلس أحدنا ليستمع إلى نشرة الأخبار فيصاب بالألم والاندهاش، يصاب بالألم لكثرة الأخبار المزيفة التي يراد منها الضحك على الذقون، ولغرابة التصريحات التي يصرح به بوش وبلير ورامسفيلد وباول وغيرهم من دهاقين الغرب لا سيما إذا كان الأمر متعلقاً بقضية تخص المسلمين، وما قضية الفلوجة عنا ببعيدة.
يصاب المرء بالقهر والألم أيضاً لكثرة ما يسمع ويشاهد في نشرة الأخبار من مآسي هذه الأمة، هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس،
وكان خليفتها يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فإن خراجك سيصلني، وكان شاعرهم يصدح قائلاً:
عدمنا خيلنا إن لم تـــروها |
تثير النقع موعدها كـــداء |
|
يبارين الأعنة مصعـــدات |
على أكتافها الأسل الظمــاء |
|
وجبريل أمين الله فيــــنا |
وروح القدس ليس له كفــاء |
|
فنحكم بالقوافي من هجــانا |
ونضرب حين تختلط الــدماء |
ثم تبدل حال هذه الأمة حتى أصبحت أضعف أمة وأقلها شأناً، فلم تسلم من اليهود، ولم تنج من النصارى، ولم تُعصم من الهندوس، وأصبحت أمة مسالخ، تُسلخ وأصحاب القرار يتفرجون ولا يحركون ساكناً وكأن الأمر لا يعنيهم، وإذا شئت أن تعرف المزيد وأن ترى الغريب فعليك بنشرة الأخبار.
هذا بخصوص الألم الذي يصاب به المرء عندما يسمع ويشاهد نشرة الأخبار، أما بخصوص الاندهاش، فيندهش أحدنا عندما يسمع نشرة الأخبار لأمرين:
أولهما: للصمت الرهيب والسكوت الذي لا مثيل له من قبل كثير من الدول الإسلامية تجاه ما يحدث للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
ثانيهما: لأن هذه الدول لم تلزم الصمت والسكوت، بل تجرأت على مآسي المسلمين وجراحاتهم ووقفت وراء كل مظهر من مظاهر الترف واللهو واللعب، فأقامت الحفلات الراقصة وحشدت الجماهير المسلمة أمام المغنيات والراقصات ليرقصوا وراءهن ويصفقوا لهن وهم في سكرتهم سادرون.
إن القلب ليتمزق حسرة وكمداً وهو ينظر إلى هذه الأمة المنغمسة " إلا ما رحم الله" في اللهو واللعب، والدنيا تفور من حولها.
لقد كان الأولى لهذه الدول أن تحمل الناس على مكارم الأخلاق، وأن توقظ فيهم الكرامة والمروءة، وأن تربى نفوسهم على العزة والإباء.
أقول هذه الكلمات وأكتبها وأنا أتلقى أنباء مجازر مدينة الفلوجة في بغداد العروبة والإسلام، وأهلها يستصرخون الدول العربية والعالم الإسلامي لأيام عديدة، ولكن - كالعادة - لا مجيب.
لقد أسمعت لو ناديت حــياً |
ولكن لا حياة لمن تنـــادي |
|
ولو ناراً نفخت بها أضـاءت |
ولكن أنت تنفخ فـي رمــاد |
لقد فضحت نشرة الأخبار الدول العربية والعالم الإسلامي، ولا زال أحدنا يتعجب كيف تواجه الدول العربية والإسلامية شعوبها وبأي وجه تخرج عليهم ؟!
لقد قتل في الفلوجة قرابة سبعمائة منهم (65) طفلاً دون الخامسة، و (140) طفلاً دون الخامسة عشر، وأكثر من (500) آخرين معظمهم من النساء والشيوخ، كما جرح (1260) شخصاً، وشرد قرابة خمسين ألف شخص.
والمصيبة الكبرى في مهزلة عقد القمة العربية وتأجيلها، فطريقة الاجتماع مخزية، والنتيجة مخيبة للأمال كما تعودنا.
لله درك يا نشرة الأخبار.. كيف لا يدرك الناس معانيك ومغازيك.. كيف لا يقرأون ما وراء سطورك..
كيف لا يقدرونك حق قدرك؟
إن فيك معان كثيرة لو فقهها السامعون، فمتى يستيقظ القوم من سباتهم ؟!
أقول من التعجب ليت شعري |
أأيقاظ أمية أم نيــــام |
|
فإن كانوا لحينهم نيامــــاً |
فقل قوموا فقد حان القيـام |
ولكن رغم عظيم الجرح وكبير الألم الذي نزل بالفلوجة وأهلها إلا أننا نشعر بالفخر وقد بلغت هاماتنا عنان السماء بصمود أهلها أمام أكبر قوة عسكرية في العالم وبأعتى أسلحتها، فلم تستطع الجيوش الغازية أن تدخلها ولو لأمتار قليلة في حين علق بعض المحللين الغربيين على هذا الموقف البطولي بقولهم: " عواصم ودول أوروبية كبيرة سقطت في الحرب العالمية بعد ساعات قليلة، وعلى رأسها فرنسا، في حين أُعطيت الفلوجة وسام البطولة التاريخية بشهادة العدو قبل الصديق.
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام
- التصنيف: