مظاهر العلمانية قي بلاد المسلمين:المقال الخامس
وقد كان من أهداف أعداء الإسلام ما أوصى به مؤتمر القاهرة التبشيري المنعقد سنة 1960 من وجوب إنشاء جامعة علمانية على نمط الجامعة الفرنسية لمناهضة الأزهر والذي قالوا أنه "يتهدد كنيسة المسيح بالخطر
وقد قال أحد المستشرقين "إن في القاهرة مائتي مطبعة وسبع عشرة، تصدر ما معدله كتاب أو نشرة واحدة في اليوم " ثم يستدرك موضحاً أن "أكثرية ما يصدر هو ترجمات للقصص الغربية " وهذا يعطينا الدليل على مدى ما وصلت إليه الهجنة، فإن أمة تتجه إلى القصص الغرامية في وقت هي أحوج ما تكون فيه إلى ترجمة العلوم التطبيقية والأخذ بأسباب النهضة لجديرة بهذا الوصف.وقد أخرج هذا الهجين الممسوخ دعوات ونتائج سيئة نذكر منها على سبيل التمثيل ما يلي :
1-الدعوة إلى الارتماء في أحضان الغرب وأخذ حضارته دون وعي ولا تمييز :وقد تزعم هذا الاتجاه كثير من هجناء الفكر.....,
2-احتقار الماضي الإسلامي وتربية الأجيال تربية لا دينية حديثة :ولنأخذ مثالاً على هذا ما قاله مؤلف كتاب (مصر ورسالتها) :
"عندما فتح العرب مصر عام 640م كانت ولاية بيزنطية تحكم من القسطنطينية وعندما غزا الفرنسيون مصر عام 1798م وجدوها ولاية عثمانية تحكم من نفس القسطنطينية التي حملت اسماً جديداً وهو استنبول أو الأستانة، ولم يكن حالها عام 1798م بأحسن من حالها عام 640م، كان الناس في بؤس وذل وكان البلد في خراب ".
فكأن عشر قرناً من تاريخ هذا البلد ضاعت سدى، كأن هذه السنوات الكثيرة قد انقضت ونحن نيام بعيدين (كذا) عن الوجود !.
"شيء لم يحدث في تاريخ بلد مثل مصر أبداً، تصور اثني عشر قرناً ونصف تذهب سدى ! قد يقال قد قامت خلالها دول وأمجاد...ولكنها تلاشت كأن لم تغن بالأمس وعاد المصري - وهو مدار هذا التاريخ ومقياسه - بالضبط كما كان في أواخر عصر الرومان.."
"ما الذي حدث ؟ “.
"الذي حدث أننا تخلينا عن رسالتنا (!) واتجهنا بكليتنا نحو الشرق فاختل ميزان تاريخنا وكان ذلك الانكسار العظيم (18)".
وبناء على هذه الأفكار طولب بتربية الأجيال الجديدة تربية لا صلة لها بذلك الماضي، وها هي ذي بعض نصوص من نشرة مؤتمر التربية العربي المسمى "الحلقة الدراسية العربية الأولى للتربية وعلم النفس" :
"يجب أن تعمل التربية العربية على خلق خصائص جديدة في الشخصية العربية الناشئة بحيث تستأصل منها رواسب العصر التركي والاستغلال الاستعماري وتصنع بدلاً منها خصائص مضادة تتحقق بها القومية العربية الشاملة في المستقبل القريب. فالمواطن العربي يجب أن يكون شخصاً تقدمياً يؤمن بفلسفة التغير والتطور يجب أن يعتبر نفسه مسؤولاً عن المستقبل لا عن الماضي ومسؤولاً أمام الأجيال القادمة لا أمام رفات الموتى..." !!.
3- تطوير الأزهر (تطويعه) : كان الأزهر - رغم تخلفه ورغم تقصيره في إبراز الثقافة الإسلامية المتكاملة - قلعة إسلامية يحسب لها أعداء الإسلام كل حساب، وكان فيه رجال يلتهبون غيرة على الإسلام ويجابهون الطاغوت - داخلياً كان أم خارجياً - بكل جرأة.
فهو الذي قاوم الحملة الفرنسية وقتل أحد منسوبيه قائدها، وهو الذي تزعم الثورة الشعبية سنة 1991، وفوق هذا كان رابطة إسلامية عامة تهتز لما يحدث على الرقعة الإسلامية الكبيرة..
ولذلك ظل الأزهر سنين طويلة محط المقت ومصب اللعنات من قبل دعاة التغريب واللادينية، حتى جعلوه رأس المشاكل الثقافية في مصر والعقبة الؤود في سبيل النهضة !.
وأعظم من تجرأ على الأزهر في القرن الماضي - عن حسن نية وربما عن شعور بالنقص - هو خريجه الشهير الشيخ محمد عبده.
4-الدعوة إلى العامية : ليست اللغة العربية أداة الثقافة الإسلامية فحسب، بل هي مقوم من مقومات الشخصية الإسلامية للفرد والمجتمع، وليس غريباً أن يشن المستشرقون والمبشرون عليها هجمات شرسة تتعلق بألفاظها وتراكيبها ومقدرتها على مسايرة العصر، فقد كانوا يرمون هدم القرآن بهدم لغته ليصبح كالإنجيل اللاتيني لا يقرؤه إلا رجال الدين غير أن المؤسف حقاً هو أن يتصدى لمقاومة العربية أناس يحملون أسماء إسلامية كانت الفصحى سبب بروزهم الفكري، ويكتبون بها سمومهم الرامية إلى إلغائها،وأن يعد ذلك جزء من التفكير الاصطلاحي وهدفاً من أهداف المصلحين.......... لقد كان كل دعاة العامية أناساً مشبوهين وصلتهم بالدوائر الاستعمارية واضحة وذلك ما يؤكد أنها كانت جزء من المخطط اليهودي الصليبي للقضاء على الإسلام، بل إنه من المؤكد أن الدعوة العامية إنما ظهرت أصلاً من أفكار المستعمرين وفي أحضان المبشرين يتضح ذلك من أسماء دعاتها الأوائل أمثال "بوريان وماسبيرو "
وجدير بالذكر أن الذي خلف عبد العزيز فهمي في المجمع اللغوي هو توفيق الحكيم الذي دعا إلى قاعدة "سكن تسلم " وليس مثل هذه الدعوى أسى إلا أن تفتح كليات اللغة العربية والآداب في البلاد العربية الباب لما أسموه "التراث أو الأدب الشعبي " وأن تحضر فيه رسائل جامعية عليا. على أن الفكرة لم تقتصر على مصر فقد كان لها أذيال في الشام منهم المتطرف كسعيد عقل ومنهم المتدرج كبعض المهجرين.
5-اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية من الغرب :لم يقتصر الأمر على مناهج كرومر ودنلوب، فقد كان أذيال الفكر الغربي لا يقلون عنهما رغبة في صبغ مصر والعالم الإسلامي بالصبغة اللادينية الغربية.
وقد كان من أهداف أعداء الإسلام ما أوصى به مؤتمر القاهرة التبشيري المنعقد سنة 1960 من وجوب إنشاء جامعة علمانية على نمط الجامعة الفرنسية لمناهضة الأزهر والذي قالوا أنه "يتهدد كنيسة المسيح بالخطر ".
وقد قام الأذيال بتنفيذ المهمة إذ أنه بعد انتهاء المؤتمر بسنتين تقريباً أسس سعد زغلول وأحمد لطفي السيد وزملاؤهم الجامعة المصرية، وكان النص الأول من شروط إنشائها هو : ألا تختص بجنس أو دين بل تكون لجميع سكان مصر على اختلاف جنسياتهم وأديانهم فتكون واسطة للألفة بينهم"
6-استيراد المذاهب اللادينية في الفكر والأدب :كانت فلسفة كومت الوضعية في فرنسا ونظرية داروين غفي إنجلترا من أعظم النظريات التي تأثر بها الفكر الغربي - كما سبق - وقد عاصرت اليقظة المنبهرة في العالم الإسلامية هاتين النظريتين وهما في أوج عظمتهما فتأثرت بهما أبلغ التأثر،ومن ثم سارت النهضة الفكرية والأدبية الحديثة مساراً غربياً حتى آل الأمر إلى الواقع الفكري والأدبي المعاصر، على أن الأدب خاصة تأثر -بالرومانسية التي اكتهلت في تلك الفترة، وفي هذا القرن استوردت الواقعية واللامعقول بمدارسه المتعددة.
وقد لخص المستشار علي جريشة علمنة التعليم فيما يلي:
أولا : القضاء على التعليم الديني:
(أ) التطويق من الخارج:
1- الإزدراء بالتعليم الديني.
2- إزدراء معلمه وطلابه.
3- قفل الوظائف اللامعة في وجوه خريجيه.
4- خفض رواتبهم.
(ب) التطويق من الداخل:
1- تقليص التعليم الديني.
2- ازدياد التعليم العلماني.
ثانيا: نشر التعليم العلماني:
اهتمام الدولة به.
الابتعاث.
المدارس الأجنبية.
الاختلاط .
- التصنيف:
- المصدر: