أثر الديمقراطية على الأوربيين والحكم عليها

منذ 2019-01-17

ما تنادي به الديمقراطية من المبادئ البراقة ينقضه أنها لم تحقق للناس الألفة والمحبة والتراحم الذي جاءت به الشريعة الإسلامية فلا يزال السلب والنهب والاغتصاب وكثرة الجرائم هي السمة الظاهرة في الأنظمة التي تحكم بالديمقراطية


يتبين الحكم عليها من خلال جانبين هما 
1- الجانب الإيجابي على الأوربيين 
فقد عرفت حال أهل أوربا حينما كان رجال الدين وزعماء الإقطاع هم المسيطرون، ومدى ما قاسته الشعوب على أيديهم من أنواع الظلم الفادح والغبن الفاحش. وأن أولئك الطغاة لم يستيقظوا إلا على هدير الجماهير الصاخبة المطالبة برفع تلك الأغلال والأثقال بعد أن أفاق أولئك البؤساء ورأوا أوضاعهم المتردية وأحوالهم المعيشية المخزية فثاروا على تلك الأوضاع – وهم على صواب في ذلك – غير ما أخذ عليهم من أنهم لم يتوجهوا الوجهة الصحيحة التي تضمن لهم الخروج النهائي عن حكم البشر بعضهم لبعض واتخاذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله تعالى كما تبين من خلال الدراسة السابقة وقد عرفت أنهم أخذوا ينبشون عن أمجادهم السابقة علهم يجدون الخلاص فكان ذلك الخلاص هو العودة إلى الديمقراطية التي أماتها رجال الدين النصراني حينما كانت الغلبة لهم فكان أن استبدلوا بجاهليتهم القديمة جاهليتهم الحاضرة وتحت هذه الدعوى الخيالية – حكم الشعب نفسه بنفسه – بدءوا يرتبون لترقيتها وتطويرها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم بل واجتذبت إلى صفوفها أعدادا غفيرة بعضهم ما كان في حاجة إلى السير في ركابها كما كان الأوربيون في حاجة إليها حقيقة. وأن الأوربيين بدءوا في تنظيم حياتهم من نقطة الصفر كلما حققوا مكسبا تطلعوا إلى غيره ولا يأخذونه إلا بعد جهاد مرير وتلك المكاسب استخرجوها بقوتهم لم تمنحهم إياها الديمقراطية ابتداء كما يتصور البعض أن الديمقراطية مذهب نشأ في صورته الحالية وأنه لا ينقصه إلا التطبيق ومهما كان الأمر فإن ما وصلت إليه الشعوب الأوربية رغم نقصه يعتبر نصرا مؤزرا لهم وفاتحة طيبة للخلاص من حكم الإقطاع والبابوات الظالمين وبعض الشر أهون من بعض كما تقدم ذكره وما تقدم يمكن أن يعتبر جانبا إيجابيا في الديمقراطية بالنسبة للغرب رغم ما فيه من سلبيات. 
2-الجانب السلبي على الأوربيين 
فقد تبين من خلال الدراسة السابقة أن الديمقراطية تحمل في ظاهرها بريقا خلابا ولكن في حقيقتها هي عكس ذلك. 
1- أما بالنسبة لموقف السلطة وأصحاب الجاه والثراء فقد أتضح أن هؤلاء عرفوا كيف يحتالون على الشعوب ويوجهونهم لمصالحهم الخاصة قبل مصالح الشعوب الحقيقية بحيث يوهمون الشعوب أنهم حصلوا على كل ما كانوا يطالبون به وكان الرابح الحقيقي هم السلطة. 
2- أما ما تحقق في ظل الديمقراطية من التشجيع على الفساد الأخلاقي تحت تسمية الحرية الشخصية وما تحقق لهم من الدعوة إلى الإلحاد تحت تسمية حرية الكلمة أو حرية الأديان فإنه لا يعتبر مكسبا حقيقيا بل الصحيح أنه خسارة فادحة وإن سموه مكسبا وهذا باعتراف عقلائهم. 
 3- ما تحقق من الابتعاد التام عن الالتزام بالدين أو التحاكم إليه إنما هو رجوع إلى الجاهلية التي يزعمون أن الإنسان البدائي كان يعيشها في حقبة ما قبل التاريخ كما يسمونها، فأي مكسب للشعب في رجوعه إلى تلك الحال. 
4- ما تحقق كذلك من نسيان اليوم الآخر وما أخبر الله به من الثواب والعقاب وما حل محله من التكالب على المتع الرخيصة والسير بلهفة للوصول إلى الشهوات والزخارف الجذابة التي تنتجها مصانع الشرق والغرب إن هو إلا ضلال وعبادة للدنيا وإرجاع للإنسان إلى الحيوانية البهيمية. 
5- ما تنادي به الديمقراطية من المبادئ البراقة ينقضه أنها لم تحقق للناس الألفة والمحبة والتراحم الذي جاءت به الشريعة الإسلامية فلا يزال السلب والنهب والاغتصاب وكثرة الجرائم هي السمة الظاهرة في الأنظمة التي تحكم بالديمقراطية فأين المكاسب في مثل هذه الأعمال، وأي أمن سيحصل في نظام من أبرز أسسه التي قام عليها تشريع البشر للبشر المتمثل في مجلس النواب وغيرهم من المشرعين من دون الله بقوانينهم التي تقوم على الهوى ومحادة الله فإن الديمقراطية قد كفلت لهم هذا الحق الذي أخذوه بغير حق والذي يعتبر من اتخاذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله فأي مكسب للإنسان المكرم في ظل هذه الاتجاهات الباطلة وأي مكسب سيجنيه الشخص من قانون الحرية الشخصية التي أتاحت كل الفواحش وأنواع الإجرام تحت دعوى حرية الشعب، ومن الغريب أن تضمن الديمقراطية الحرية في كل شيء إلا حرية التمسك بالدين الإسلامي ولقد صدق المتظاهرون في بريطانيا حين خرجوا يصيحون في الشوارع " لا حرية عندنا إلا في الجنس " ذلك لأن السفور والزنا واللواط وشرب الخمور والتبجح بالكفر كلها أمور ضمنها قانون حرية الديمقراطية التي يتبجح بها الغرب والمعجبون بهم من الدول التي يسمونها (الدول النامية) أو على الأصح (النايمة) تظن أن تلك الجرائم مكاسب. 
6- لم يتحقق في الديمقراطية تكريم الإنسان التكريم اللائق به وإنما تكريمه يتم حسب الأمزجة ومن خلال اعتبارات كثيرة بينما الإسلام يكرمه في كل أحواله سواء أكان فقيرا أم غنيا قبيحا أم جميلا وهذا هو المكسب الحقيقي الذي يجب أن يعض الإنسان عليه بالنواجذ فإن الإسلام يكرم الإنسان حيا وميتا يكرمه في حياته فلا يجوز الاعتداء عليه لا في ماله ولا في نفسه و لا في عرضه إلا بشروط ولا يجوز تعييره بذنب تاب منه ويكرمه وهو ميت فلا يجوز أخذ شيء منه ولا الاستهانة بقبره بل ولا يجوز مجرد الجلوس على قبره ولا أن يذكر بشر إلا لمصلحة راجحة ولا يجوز إخضاعه واستعباده إلا لربه سبحانه ولا أن ينفذ تشريع أحد من البشر لم يرد به تشريع من عند خالق البشر، بينما الديمقراطية قائمة على تشريع الناس بعضهم لبعض متمثلة في مجموعة من الناس يسمون شرعيين أو مجلس النواب أو البرلمان ثم يسمون ذلك لجهلهم مكاسب ديمقراطية. 
7- ما تمدح به دعاة الديمقراطية من أنهم ضمنوا للشعوب حق التعبير عن الرأي مهما كان فإنه قد أتضح من التاريخ الأوربي أن هذا الاتجاه لم يتحقق بطريقة صحيحة إذ أنه لا يزال لأصحاب الجاه والحكم والثراء سيطرتهم المباشرة أو غير المباشرة على رأي تتخذه الجماهير، فلم يصفو المشرب لهذا المكسب كما يجب له أو كما يتصور البعض بدليل عدم جواز وصول المعارضة إلى المساس الحقيقي بمصالح السلطة الحاكمة كذلك فإن حق التعبير عن الرأي هل ينفذ للجماهير؟ ما أكثر ما يعبرون عن آراء ويتظاهرون من أجلها ويضربون عن العمل لتنفيذها ولكنها لا تنفذ لهم وهو ما نسمعه في كل يوم من إذاعاتهم وما نقرأه في صحفهم وهذا الأمر ليس بسر إضافة إلى أن حق التعبير إنما كان بتخطيط ماسوني لضرب عقائد من يسمونهم بالجوييم.