علامات حسن وسوء الخاتمة
منذ 2004-04-30
في الساعات الأخيرة من عمر الانسان, تظهر علامات ودلائل على خاتمة ذلك الانسان, فإن كانت خيراً فخير, حيث يستبشر بها صاحبها خيراً، وتطمئن بها نفسه, وإن كانت سوى ذلك, والعياذ بالله, فقد غوى.
طاعة الله سبحانه وتعالى, وعبادته حق عبادته, لا تخذُلان صاحبهما عند الموت, وإنما تكونان له نوراً وبشرى في لحظاته الأخيرة, فتظهر عليه علامات حسن الخاتمة. أما ارتكاب الذنوب والمعاصي, واتباع الشهوات فإنهما من الأفعال التي تخذل صاحبها عند الموت, مع خذلان الشيطان له, فتظهر على الإنسان آنذاك علامات سوء الخاتمة والعياذ بالله.
وأُحب أن أوضح, أن من كثُر عمله الصالح, ووفقه الله إلى حُسن طاعته وعبادته في حياته الدنيا, فإن الله سبحانه وتعالى يحسن خاتمته, إذ يجتمع لديه عمله الصالح, مع قوة الإيمان فتحسن خاتمته, وتكون لذلك علامات ودلائل أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك للعبد, الذي صلح ظاهره وباطنه مع الله, وصلحت نفسه وعمله بذكر الله ومحبته، فيسعد سعادة إلى الأبد.
أما من عظُم شره في حياته، وتعذرت توبته, ولم يوفَّق قبل مماته لعمل صالح يمحو به ما قد قدم في حياته, فهذا الإنسان يُخشى عليه من سوء الخاتمة, والعياذ بالله, ومن فتنة الشيطان له عند الموت. فإنها معركته الأخيرة, حيث يجمتع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان, فيقع في سوء الخاتمة, قال تعالى: { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } . وسوء الخاتمة أعاذنا الله منها, لا يقع فيها من صلح ظاهره وباطنه, مع الله, وصدق في أقواله وأعماله, وانما تقع لمن فسد باطنه وظاهره, قلبه وعمله, فتجرأ على المعاصي والكبائر, وغلبت عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة.
علامات حسن الخاتمة:
من علامات حسن الخاتمة نطق الانسان بالشهادة عند موته, وفي ذلك أحاديث كثيرة, منها حديث عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة » رواه أبو داود والحاكم, وقال صحيح الاسناد.
ومن علامات حسن خاتمة العبد الموت برشح الجبين, لحديث بريدة بن الخصيب, رضي الله عنه: ( أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض, فوجده بالموت, وإذا هو بعرق جبينه, فقال: الله أكبر, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول: « موت المؤمن بعرق الجبين » ).
والعلامة الثالثة هي الموت ليلة الجمعة أو نهارها, لقوله صلى الله عليه وسلم : « ما من مسلم يموت الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ».
والرابعة: الاستشهاد والموت في سبيل الله لقوله صلى الله عليه وسلم : « ما تعدون الشهيد فيكم؟» قالوا : يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد, قال: « إن شهداء أمتي إذن قليل » قالوا فمن هم الشهداء يا رسول الله, قال: « من قتل في سبيل الله فهو شهيد, ومن مات بالطاعون فهو شهيد, ومن مات في البطن فهو شهيد, والغريق شهيد ». وقد أضافت أحاديث أخرى أن صاحب الهدم شهيد, والمرأة التي تموت أثناء الوضع شهيدة, والحريق شهيد, والميت بداء السل شهيد, والميت دفاعاً عن دينه أو نفسه أو عرضه أو أهله فهو شهيد.
والخامسة موت الإنسان على عمل صالح يقوم به, لقوله صلى الله عليه وسلم : « من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها, ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها, دخل الجنة ». والمقصود أن من كان مشغولاً بذكر الله ومحبته في حال حياته, وجد ذلك أحوج ما يكون إليه عند خروج روحه إلى بارئها تبارك وتعالى, ومن كان مشغولاً بغير الله في حال حياته وصحته فيتعسر عليه انشغاله بالله عند الموت، ما لم تدركه عناية ورحمة من ربه. ولأجل هذا, كان جديرا بالعاقل أن يلزم قلبه ولسانه ذكر الله وطاعته حيثما كان لأجل تلك اللحظة.
والسادسة ثناء الناس من ذوي الصلاح والعلم بالخير على الميت، فذلك علامة من علامات حسن الخاتمة, وفي ذلك أحاديث, فعن أنس رضي الله عنه, قال : مَرُّوا بجنازة, فأثنوا عليها خيراً, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « وَجَبَت », ثم مَرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرا, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « وَجَبَت » فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال صلى الله عليه وسلم: « هذا أثنيتم عليه خيراً, فوجبت له الجنة, وهذا أثنيتم عليه شراً, فوجبت له النار, أنتم شهداء الله في الأرض » متفق عليه.
علامات سوء الخاتمة:
وسوء الخاتمة والعياذ بالله له أسباب يجب على المؤمن أن يحترز منها, أعظمها الإقبال على الدنيا، ومنها العدول عن الإستقامة أو ضعف الإيمان أو فساد العقيدة أو الإصرار على المعاصي, فإن من أصر على المعاصي اعتادها وألفها, وجميع ما ألفه الإنسان واعتاده وأحبه في حياته, يعود ذكره عند موته, فإن كان حبه وميله إلى الطاعات أكثر يحضره عند الموت ذكر الطاعات, وإن كان حبه وميله إلى المعاصي أكثر ما يحضره عند الموت ذكر المعاصي.
ومن علامات سوء الخاتمة كذلك، أن ينجح الشيطان في غواية ابن آدم، فيفتنه عن دينه في لحظاته الأخيرة والعياذ بالله, مثل الرجلان اللذان يسكنان في منزل واحد، أحدهما في الطابق الأرضي والآخر في الطابق العلوي, الأول مؤمن وصالح يعبد الله منذ أربعين سنة والآخر عاصي وفاجر يعصي الله منذ أربعين سنة. وفي يوم ما، قال المؤمن: أنا أعبد الله وأطيعة منذ أربعين سنة أظنها كافية, أستطيع أن أعصي اليوم. وقال الفاجر: أنا أعصي ربي منذ أربعين سنة يكفيني بعداً عن الله وأتوب اليوم, أتدرون ما الذي حصل؟ المؤمن أتاه الموت ولكن للأسف كانت نيته معصية الله فخسر الدنيا والآخرة, والعاصي أتاه الموت وهو على توبة فكسب الدنيا والآخرة!!!
نتعلم من هذه القصة الثبات على طاعة الله, من الضروري أن ندعو الله كل يوم بالثبات, إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يثبته إلى آخر لحظة في عمره لأنها لحظة خطيرة جداً, وهي التي تحدد مصير الميت, إما الجنة أو النار, وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من هذا الدعاء « اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك » ويكثر منها في السجود فالدعاء مستجاب في السجود.
ونتعلم من هذه القصة أيضاً، إخلاص النية لله عز وجل وترك الرياء. أحياناً يكون العمل الصالح صغيراً، ولكن النية الخالصة لله تجعله عملا كبيرا في أجره وثوابه،كالاستحمام بنية أن النظافة من الإيمان وبنية إظهار الإسلام بأنه دين نظافة وطهر، وكذلك زيارة الأقارب بنية صلة الرحم. وأحيانا يكون العمل كبيراً، كالتصدق بألف دينار أو درهم أو ريال، ولكن نية المتصدق أن يقال له كريماً أو مؤمناً.
أسأل الله ذو الجلال والإكرام أن يحسن خاتمتنا وأن يجعلنا من عباده الصالحين الثابتين على طاعته، وأن يجعلنا من الفائزين برضاه وبالجنة والحمد لله رب العالمين، وصلي اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- التصنيف: