الكنيسة بين نارين: آثار الخطف ومخافة الانقراض
الأمر الذي أصبح لا يختلف في صحته العقلاء: أن النصارى وغيرهم الآن في العالم كله على قلق كبير من انتشار الإسلام بصورة عامة -والمتزايد في السنوات الأخيرة بصورة خاصة-، وسنضرب أمثلة قليلة على ذلك...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعيدًا عن تناول قضية الأخت "كاميليا شحاتة" -فك الله أسرها- بشكل
خاص نتناول في هذا المقال الموجز السبب الحقيقي وراء اختطافها، وغيرها
من المسلمات اللاتي يتركن النصرانية ويتحولن إلى الإسلام، وإجبارهن
على ترك الإسلام والردة عنه إلى النصرانية مرة أخرى.
فما الذي يجعل النصارى يُقدِمون على مثل هذه الأفعال رغم ما تؤدي
إليه من رأي عام سيء عنهم؟!
فالرأي العام ينظر إليهم الآن على أنهم أعداء الوحدة الوطنية التي
كانوا يزعمونها ويدعون الناس إليها، وعلى أنهم كاذبون فيما يدّعونه من
الدعوة إلى المحبة والتسامح، وعلى أنهم خارجون على القانون الوضعي
المصري ومرتفعون عليه، وعلى أنهم يجبرون الناس على النصرانية، ورغم ما
تؤديه من ازدياد كره المسلمين لهم وتوقع العنف تجاههم، وغير ذلك؛ فما
الذي جعلهم يتحملون جميع ذلك ويُقدِمون على مثل هذه الأفعال؟!
الأمر الذي أصبح لا يختلف في صحته العقلاء: أن النصارى وغيرهم الآن
في العالم كله على قلق كبير من انتشار الإسلام بصورة عامة -والمتزايد
في السنوات الأخيرة بصورة خاصة-، وسنضرب أمثلة قليلة على ذلك:
- في أوروبا ظهرت حركة "أوقفوا الأسلمة" أو "أوقفوا أسلمة أوروبا"،
وهي حركة واسعة الانتشار تضم العديد من شباب أوروبا يعملون بالليل
والنهار؛ لتحذير أوروبا والعالم من خطر انتشار الإسلام -في زعمهم-،
بعد أن بلغ عدد المسلمين في أوروبا عشرين مليونًا تقريبًا، وهي تعمل
على وقف بناء المساجد في أوروبا، ورفض اعتماد الشريعة الإسلامية في
بعض دول أوروبا، والإصرار على حرية التعبير دون استثناء بما في ذلك
التطاول والتهجم على الإسلام، ولصق تهمة الإرهاب بالمسلمين، وتصوير
الإسلام على أنه دين يحرض أتباعه على العنف، واستعمال دعوى العداء
للسامية ضد المسلمين الأوروبيين، وأخيرًا الوقوف ضد تزايد عدد
المسلمين في أوروبا، واتخاذ هذا ذريعة أو غطاء لمقاومة الهجرة الشرعية
وغير الشرعية إلى أوروبا "بتصرف من مقال: أوقفوا الأسلمة، د. عبد الله
العسكر، جريدة الرياض، بتاريخ: 13-9-2009م".
- وفي ألمانيا قام القس "رولاند فيسلبيرغ" بالانتحار بصب النفط على
ثيابه وإضرام النار فيها، في ساحة دير مدينة إيرفورت وسط ألمانيا يوم
الأربعاء 1-11-2006م، وذلك في اليوم الذي يوافق احتفالات لبعض نصارى
ألمانيا، وقال أوليفر فورالد المتحدث باسم جمعية الكنيسة
الإنجليكانية: "إن أرملة فيسلبيرغ أخبرت أسقف إيرفورت أن زوجها ترك
رسالة قبيل انتحاره أعرب فيها عن قلقه تجاه انتشار الإسلام في
ألمانيا، وتراخي موقف الكنيسة تجاه هذا الأمر". "انظر موقع قناة
العربية الإخباري بتاريخ: الخميس 11 شوال 1427 الموافق: 2
نوفمبر2006م، ونشرت الخبر العديد من الصحف الألمانية وغيرها".
- وفي لندن، وفي يوم الجمعة 21/9/1430- الموافق 11/9/2009م قامت
مظاهرة للتنديد ببناء مسجد في حي "هارو" شمالي لندن، ورفع المتظاهرون
شعارات تطالب بوقف انتشار الإسلام في أوروبا "موقع الجزيرة الإخباري
بتاريخ: الجمعة 21/9/1430 الموافق 11/9/2009م".
- وفي فرنسا أثار اجتماع عدد كبير من المسلمين لأداء الصلاة في مساجد
"باريس" وخروجهم للصلاة بالشوارع لكثرة عدد المصلين التي تفوق سعة
المساجد أثار ذلك مخاوف "دال هيرد" الكاتب بموقع شبكة CBN الذي يرى أن
هذا المنظر تحذير للغرب من نمو الانتشار الإسلامي، وأنه مؤذِن
بالهيمنة على أوروبا قريبًا، وقد أثار ازدحام المسلمين لأداء صلاة
الجمعة بالشوارع وغلق الطرق ووقوف رجال الشرطة لحمايتهم استنكار
كثيرين ممن يرون تعارض ذلك مع الأسس العالمانية لـ"فرنسا"، وأشار
الكاتب في مقاله إلى أن مستقبل "فرنسا" إسلاميًّا قد بينته إحدى
الروايات التي صدرت في "روسيا"، وحققت أعلى مبيعات بالرغم من حظرها
بـ"فرنسا"، والتي كُتبت تحت عنوان: "مسجد نوتردام 2048"، للكاتب "جيان
روبين"، الذي أكد سيطرة الإسلام على المستقبل الفرنسي "موقع الألوكة
بتاريخ: 27-9-1431 الموافق 6-9-2010م".
- وفي روسيا أوضح تقرير لصحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية أن انخفاض
معدلات المواليد بين السكان الأصليين في روسيا وزيادة أعداد المهاجرين
من الجمهوريات السوفيتية السابقة قد تسببا في نمو مطرد للجالية
الإسلامية الروسية التي في طريقها إلى أن تمثل أكثر من نصف عدد السكان
بحلول منتصف هذا القرن، ويقول "بول جلوب" -وهو متخصص في دراسة الإسلام
في روسيا ومساعد بحثي بجامعة تارتو بإستونيا-: "إن روسيا تمر بتحول
ديني ستكون له نتائج على المجتمع الدولي ربما أكثر من انهيار الاتحاد
السوفيتي". "نقلاً عن موقع مفكرة الإسلام، بتاريخ: الثلاثاء
21-11-2006م".
- وفي أمريكا قالت صحيفة "ميامي هيرالد" وصحيفة "كريستيان ساينس
مونيتور": "إن بعض الحافلات في مدينة ميامي وسان فرانسيسكو ونيويورك
وضعت عليها إعلانات تدعو المسلمين لتغيير دينهم، وأن منظمة "أوقفوا
أسلمة أمريكا" اشترت الإعلانات لشهر كامل".
وهناك العشرات إن لم يكن المئات من الكتب ووسائل الإعلام الأمريكية
التي تتفنن وتبدع في التحريض ضد الإسلام.
وقد أدى انتشار الإسلام في أمريكا بالمتطرف "سافدج" إلى أن يقول
بهيستريا خلال برنامج له: "أي نوعٍ من الدين هذا؟! أي نوعٍ من العالم
تعيشون فيه حينما تسمحون لهم -يقصد المسلمين- بالدخول إلى هنا ومعهم
وثيقتهم المتخلفة -في إشارة إلى القرآن الكريم- في أيديهم، إنه كتاب
للكراهية؟! لا تقولوا لي إني بحاجة لإعادة تعليمي، إنهم بحاجة
لترحليهم، أنا لا أحتاج لإعادة تعليمي، إنه الترحيل لا إعادة
التعليم". "شبكة الإعلام العربية محيط بتاريخ: الأحد 18 - 4 - 2010م،
وموقع الجزيرة الإخباري بتاريخ: الخميس 17/8/1431الموافق 29/7/2010
م".
وقالت منظمة أميركية تسعى لمحاربة الإسلام في أميركا والعالم: "إنها
حصلت على موافقة سياسيين كبار للمشاركة في مؤتمر حاشد في نيويورك مخصص
للتنديد بالشريعة الإسلامية في يوم ذكرى 11 سبتمبر، وتضم هذه القائمة
رئيس مجلس النواب الجمهوري السابق نيوت غنغريتش الذي حول اهتماماته
السياسية مؤخرًا إلى الشريعة الإسلامية، وألقى كلمة مطلع الشهر ضد
مظاهر وجود الإسلام بأميركا مطالبًا بمنع بناء مركز إسلامي بالقرب من
مواقع شهدت تفجيرات 11 سبتمبر بمنطقة مانهاتن بنيويورك.
وتشمل القائمة أيضًا: السفير السابق في الأمم المتحدة جون بولتون
الذي روج بشدة لغزو العراق بين مؤسسات اليمين الديني في أميركا،
خصوصًا الولايات الجنوبية، كما سيحضر المتشدد الهولندي غيرت فيلدرز
القادم خصيصًا للتظاهر ضد بناء المسجد والذي يدعو لحظر الحجاب وإغلاق
المدارس الإسلامية ومنع بناء المساجد، ويقول: إن لديه مهمة هي تحذير
أميركا من الإسلام، وكذلك المرشح لمجلس النواب الأميركي مايكل جريم،
والصحفي أندرو برايت بارت "موقع الجزيرة الإخباري بتاريخ: الثلاثاء
7/9/1431 هـ - الموافق 17/8/2010 م".
وفي أمريكا أيضًا: أقدمت كنيسة بمدينة غينسفيل بولاية فلوريدا على
رفع لافتة كتبت عليها عبارة: "الإسلام من الشيطان" في موقع بارز أمام
مقرها، وفي تصريح لمحطة "أي.بي.سي 20" الإذاعية قال تيري جونز راعي
مركز اليمامة للتواصل العالمي والذي وضع اللافتة: "إن هذه الخطوة جاءت
بسبب نمو هائل للإسلام في الوقت الحالي". "موقع الجزيرة الإخباري
بتاريخ: الأحد 19/7/1430- الموافق 12/7/2009 م".
- أما في مصر فلا يقل رعب النصارى عن إخوانهم في شتى بقاع الأرض؛ فقد
عُقد مؤتمر سمّاه النصارى: "مؤتمر تثبيت الإيمان"، وهو بدعوة وحث من
"شنودة"؛ لبحث ظاهرة زيادة أعداد الداخلين في الإسلام من النصارى،
وشارك في هذا المؤتمر الكثير من القساوسة؛ كالأنبا باخوميوس مطران
البحيرة، والأنبا دانيال الأسقف العام، والأنبا موسى أسقف الشباب،
والقمص أنسطاسي الصموئيلي، وغيرهم.. ومعظمهم أعضاء في المجمع المقدس
للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وقد تم تسجيل بعض ما دار في هذا المؤتمر، وتم نشر الشريط المسجَّل
على الإنترنت في مواقع كثيرة، منها: موقع نصرانيات المتخصص في الرد
على النصارى.
وفي هذا الشريط اعترف القساوسة بأنه لا يخلو حي -بدون استثناء-
بالقاهرة من حالات ارتداد "يقصدون بالارتداد: التحول للإسلام"، وأن
الدعاوى التي يدعيها النصارى من الاختطافات غير صحيحة، وأن يوميًّا
توجد عدة حالات تحوّل للإسلام، وفي بعض الأيام توجد أعداد لا تخطر على
بال أحد، وأن الداخلين إلى الإسلام من جميع الأعمار حتى ممن هم في
المرحلة الإعدادية والثانوية، وأن إسلام فرد واحد من النصارى يورث
الكهنة إحباطـًا وتعبًا نفسيًّا؛ لشعوره بأنه فقد خروفـًا من
رعيته!
وأن التحول إلى الإسلام يُعد أخطر مشكلة يواجهها النصارى، وأن التحول
إلى الإسلام لا يقتصر على الأفراد، بل قد تتحول أسرة بل عائلات
بأكملها للإسلام، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا، وهذا شيء يحزنهم
جدًّا، وأنه لابد من وجود مَن يتفرغون لمنع التحول إلى الإسلام في كل
مدينة، وأن بعض القساوسة يصل بهم الأمر أنهم يُقبّلون أرجل وأحذية
المسلمين الجُدد حتى يعودوا للنصرانية مرة أخرى، وأن مِن المتحولين
إلى الإسلام خُدامًا وخادمات سابقين للكنائس، وأنهم لابد أن يُصَلوا
كثيرًا من أجل التقليل من حالات التحول إلى الإسلام، وأنه لا ينبغي
تعريف الناس بحالات التحول إلى الإسلام، وأنهم يموتون بالبطيء من
حالات التحول إلى الإسلام، وأنكروا مرة أخرى أن هناك من يُختطَف سواء
رجل أو امرأة، وأن أعداد الداخلين في الإسلام يوميًّا من 80 إلى 200
فرد! وأن النصارى سينقرضون بعد 200 أو 300 سنة.
هذا ما جاء في هذا الشريط، وقد أكد صحة هذا الكلام الأنبا مكسيموس في
لقاء معه على قناة الجزيرة "وهو منتشر بكثرة على مواقع الإنترنت
مرئيًّا".
وعلى صعيد آخر حذرَ الدكتور النصراني "كمال فريد إسحاق" أستاذ اللغة
القبطية بمعهد الدراسات القبطية من انقراض معتنقي النصرانية في مصر،
مؤكـِّدًا أن نسبة النصارى المصريين تقل تدريجيًا بسبب هجرة بعضهم إلي
الخارج، واعتناق عدد كبير منهم الإسلام، إضافة إلي ارتفاع معدلات
إنجاب المسلمين، وأكـّد أن النصارى سينقرضون فعلاً من مصر في زمن
أقصاه مائة عام بسبب الهجرة والتحول إلى الإسلام، إضافة إلي أن معدل
الإنجاب عند المسيحيين ضعيف علي عكس المسلمين "جريدة المصري اليوم،
بتاريخ: السبت ١٢ مايو ٢٠٠٧م، العدد رقم ١٠٦٣".
فلا تعجب إذن أخي القارئ من اختطاف النصارى لكاميليا شحاتة، وهي
امرأة ضعيفة بعد أن أسلمت، ومِن قبلها "وفاء قسطنطين"، و"عبير"،
و"ماريان"، وغيرهن.. ولا تستغرب أيضًا من قيامهم بالمظاهرات عندما
يدخل نصراني إلى الإسلام، ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ويصابون
بالحسرة والندامة، فإنهم يخشون الانقراض بالفعل إلى درجة جعلت بعض
النشطاء على الإنترنت يدعون الناس إلى تصوير القساوسة بمصر وحفظ صورهم
كذكرى لحقبة من التاريخ قبل الانقراض!، وإلا فما الذي يجعلهم يُرغِمون
أهل ملتهم على النصرانية ويهددونهم بهذه الأفعال التي هي في الحقيقة
تقلل من شأنهم وشأن دينهم الباطل المحرّف الذي يهتز ويختل بدخول أحد
أفراده إلى الإسلام؟!
ولكنهم مهما فعلوا من أفعال دنيئة فلن يستطيعوا تغيير الواقع؛ لأن
الإسلام هو الدين الصحيح الذي لا يقبل الله سواه؛ قال الله -تعالى-: {
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ
} [آل عمران:19]، {
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
} [آل عمران:85]، ومهما دبروا
فتدبيرهم تدميرهم، وكيدهم سيرجع في نحورهم؛ لأن هذا الدين الصحيح هو
نور الله الذي قال الله عنه: {
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ
كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8]،
ولينصرن الله هذا الدين ويظهره، كما قال الله -تعالى-: {
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ} [الصف:9].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «
لَيَبْلُغَنَّ هَذَا
الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللهُ
بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ،
بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ
الإِسْلامَ، وَذُلا يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ
» (رواه أحمد، وصححه الألباني).
وما مثل فعل النصارى إلا كمثل قول الشاعر:
كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وكمثل القائل:
يا ناطح الصخرة الصماء توهنها أشفق على الرأس لا تشفق على
الحجر
والعجيب أن الشهر الذي اختـُطفت فيه "كاميليا" أسلم فيه أربعمائة
(400) رجل وامرأة، وسجلات الأزهر تشهد على ذلك "جريدة المصريون،
بتاريخ 1-9-2010م".
هذا غير من يُسلِمون بالسر خوفـًا من بطش الكنيسة؛ فلا تحسبوه شرًّا
لكم أيها المسلمون؛ بل هو خير لكم.
والحمد لله على نعمة الإسلام.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب
إليك.
18-شوال-1431هـ 26-سبتمبر-2010 م
- التصنيف: